أعداء الأمس.. منافسو اليوم.. معركة الأيديولوجية.. ضد العرقية..

ما هي طبيعة الحكومة القادمة التي ستشكلها حركة طالبان في أفغانستان؛ بعد إعلانها رسميا، إمارة أفغانستان، متزامنا مع عيد الاستقلال الذي صادف (الخميس)؟ وما هي طبيعة التحالفات الداخلية التي ستنسجها الحركة مع أعداء الأمس؛ الذين قد يصبحون منافسين أو أصدقاء اليوم؛ إذا اعتبرنا أن كل شيء جائز في الحب والحرب.. فبحسب أحدث المعلومات فإن قيادات حركة طالبان عقدت سلسلة من الاجتماعات مع كل من قلب الدين حكمتيار رجل التحالفات والمصالح، وحامد كرزاي الرئيس الأفغاني السابق، وعبدالله عبدالله رئيس مجلس المصالحة ومهندس تحالف الشمال، حول المستقبل السياسي لأفغانستان والتحضير للحوار لتشكيل الحكومة القادمة وانتقال السلطة. وعقد القيادي في حركة طالبان (وهو الشقيق الأصغر لسراج الدين حقاني، نائب زعيم طالبان) اجتماع جس نبض مع كرزاي وعبدالله وحكمتيار. ويعد هذا الاجتماع تحضيريا لمفاوضات أوسع مع الملا براذر الذي يقود الحوار مع التيارات المختلفة. كما التقى حقاني زعيم حزب «الدعوة الإسلامية»، والقائد الميداني السابق عبد رب الرسول سياف، إلا أن المصادر المستقلة لم تؤكد هذه المعلومة.

كرزاي وبعد ساعات من سيطرة حركة طالبان على كابول وفرار الرئيس أشرف غني، سارع في الإعلان عن تشكيل مجلس تنسيقي للعمل على ضمان نقل السلطة في البلاد بشكل سلمي مكون من عضويته وعضوية كل من الدكتور عبدالله عبدالله رئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية والزعيم قلب الدين حكمتيار.. وبحسب المراقبين فإن استباق كرزاي والإعلان عن هذا المجلس جاء بهدف إرسال رسالة لطالبان بأن هذا الثلاثي متماسك وموحد ومتواجد في كابول ولا يمكن لطالبان تجاهله في التركيبة السياسية أو في تشكيل الحكومة القادمة، ليس بسبب أنه يتضمن أسماء كبيرة فحسب بل لكونه يمثل عرقيات وقبائل ذات وزن ثقيل في التركيبة العرقية الأفغانية.. بمقابل ذلك بدأت أولى بوادر التمرد ضد طالبان في عدد من الولايات، حيث رفع متظاهرون العلم الأفغاني في العاصمة كابول وجلال أباد وكونار وسط جو من القلق والخوف الذي خيم على البلاد. ورفع المتظاهرون العلم الأفغاني في عيد الاستقلال الذي يصادف (الخميس)، متحدين راية طالبان، حيث لقي عدد من المتظاهرين حتفهم بعد أن قامت قوات الحركة بإطلاق النار عليهم.. أو الاقتتال الداخلي، والتسوية السياسية والسلام، وغيرها، خيارات صعبة أمام حركة طالبان رغم فرضها سيطرتها على أفغانستان وهي لا تمانع في الجلوس مع القيادات من خارج طالبان إلى طاولة التسوية، باتجاه إشراك وزراء منها في الحكومة الجديدة.باتت أفغانستان في قبضة طالبان، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها ولكن هناك حقائق صعبة ستكشفها الأيام القادمة التي تواجهها طالبان رغم كل محاولات تغيير صورتها.