وأصبح الوضع الذي يواجه أفغانستان في قلب آسيا قلقا ومعقدا بشكل متزايد، حيث شهدت تصاعد العنف والفوضى، وتصارع القوى الكبرى في ظل الجغرافيا السياسية، والآفاق غير المؤكدة. والسؤال: ما هو شكل خريطة التنظيمات الإرهابية في كابول وقندهار؟ وما انعكاسات ذلك على المنطقة العربية والإقليم ودول الجوار الأفغاني؟ً وما علاقة الخروج الأمريكي من أفغانستان بنظرية الاستدارة شرقاً؟ وما الفارق بين الخروج السوفيتي عام 1989، والخروج الأمريكي عام 2021؟ علامات استفهام عديدة تطرح نفسها، حالة قلق وحيرة وترقب تفرض نفسها على المشهد الأفغاني، الأيام القادمة مليئة بتقديرات المواقف التي تتنبأ بالحسابات المستقبلية لأصداء الانسحاب الأمريكي. والسيناريوهات باتت مفتوحة؛ واشنطن تتجه صوب الاستدارة شرقاً. لا داعي لإضاعة الوقت والجهد بعيداً عن سباق المنافس الصيني. البيت الأبيض يخشى لدغة التنين في زمن كورونا. بكين تسابق الزمن في الصعود إلى القمة وموسكو لم تكن بعيدة عن المعادلة الأمريكية الأفغانية وكسر عقدة مقبرة الإمبراطوريات يحتاج إلى إعادة تدوير الأعداء والأصدقاء الأفغان والكرملين يفتح أبوابه لوفود طالبان. الفارق كبير بينها وبين خروج موسكو عام 1989، فقد ترك السوفييت بصمتهم في حكومة قوية قاومت لفترة طويلة، كل المؤشرات تقول: إن هناك خريطة جديدة عنوانها عدم اليقين والاستقرار في أفغانستان. تنظيمات وجماعات إرهابية تعيد تموضعها، خطط جديدة للانتشار، قادة العنف يستعيدون سنوات التمدد والانتشار، طالبان ليست في خصومة مع تنظيم القاعدة كون التحالف قائما، والخروج الأمريكي يزيده قوة، المنطقة العربية ليست بعيدة عن تداعيات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، بصمات قادة الإرهاب في كبرى العمليات التي شهدتها المنطقة العربية، بدأت من أفغانستان. تكرار السيناريو ليس بعيداً، علينا نحن العرب إدراك المتغيرات داخل المكون الأفغاني، وقراءة التفاصيل والسيناريوهات المستقبلية لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في أفغانستان، التي يخطط قادة تنظيماتها الإرهابية لتصدير جيل جديد من الإرهابيين.
إن حل القضية الأفغانية في ظل هذه الظروف المعقدة والمتشابكة لا يحتاج إلى إظهار الحكومة وطالبان حكمة سياسية كبيرة وتقديم التنازلات اللازمة فحسب، بل يحتاج أيضا إلى جهود كبيرة يبذلها المجتمع الدولي للوساطة وتعزيز محادثات السلام.