أبدت الإدارة الذاتية الكردية، التي تسيطر على مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، استعدادها للقاء النظام السوري، بهدف التوصل الى حلّ للأزمة في البلاد، في خطوة تأتي على وقع انفتاح عربي متسارع تجاه دمشق وتغيرات إقليمية.
وقالت الإدارة الذاتية، في بيان وزّعته، ليل الثلاثاء الأربعاء: “نؤكد استعدادنا للقاء الحكومة السورية والحوار معها ومع جميع الأطراف السورية من أجل التشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية”.
وناشدت “الدول العربية والأمم المتحدة وجميع القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري.. بأن يؤدّوا دوراً إيجابياً وفعالاً يسهم في البحث عن حلّ مشترك مع الحكومة السورية”.
صدرَ موقف الإدارة الذاتية بعد ساعات من زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، حيث التقى رأيس النظام السوري بشار الأسد، في أول زيارة منذ القطيعة الدبلوماسية إثر اندلاع الاحتجاجات في البلاد عام 2011.
وبحث الطرفان، وفق الخارجية السعودية، “الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها”.
وتضاعفَ، خلال الأسابيع الماضية، الانفتاح العربي تجاه دمشق، في وقت تشهد المنطقة تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي منذ اتفاق الرياض وطهران، حليفة دمشق، على استئناف علاقاتهما، الشهر الماضي.
خاضت الإدارة الذاتية منذ العام 2018 جولات محادثات عدّة مع دمشق، من دون إحراز نتائج.
ويكرر الأسد اتهام الأكراد، الذين شكّلوا رأس حربة في التصدي لتنظيم “الدولة الإسلامية”، وتمكّنوا من دحره من مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا بدعم أمريكي، بـ “العمالة” لواشنطن، التي تقود تحالفاً دولياً ضد التنظيم المتطرف.
وقال الأسد، في مقابلة، خلال زيارته الأخيرة إلى موسكو الشهر الماضي، رداً على سؤال حول الوحدات الكردية، إن “أي جهة أو فرد يعمل لصالح قوة أجنبية هو خائن وعميل بكل بساطة”.
وتصف دمشق انتشار القوات الأمريكية في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد بـ “الاحتلال”. وتدين تحالف الأكراد مع واشنطن وتحمل عليهم “نزعتهم الانفصالية”، فيما ينفي المسؤولون الأكراد أي طموحات انفصالية.
وأكدت الإدارة الذاتية، في بيانها، تمسّكها بـ “وحدة الأراضي السورية”، مشددة على أهمية “تأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لامركزي يحفظ حقوق الجميع دون استثناء”.
وفي موقف لافت، طالبت بتوزيع الثروات والموارد الاقتصادية “بشكل عادل” بين المناطق السورية، بما فيها حقول النفط والغاز، التي يقع أبرزها في مناطق سيطرتها.
وقالت: “نؤكد مرة أخرى على ضرورة مشاركة هذه الموارد من خلال الاتفاق مع الحكومة السورية عبر الحوار والتفاوض”، شأنها شأن الموارد “الموجودة في مناطق أخرى”.
ويخشى الأكراد من خسارة مكتسبات حققوها خلال سنوات النزاع الأولى، بعدما عانوا لعقود من سياسة تهميش اتبعتها الحكومات المتعاقبة بحقهم، في حال التوصل إلى تسوية سياسية للنزاع تستثنيهم، خصوصاً بعد استبعادهم من جولات تفاوض عدة، أبرزها تلك التي تقودها الأمم المتحدة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة في جنيف.
ويخشون كذلك من أي تقارب بين دمشق وأنقرة، التي تعتبر الوحدات الكردية منظمة “إرهابية” وتعمل على إبعادها عن حدودها.
(أ ف ب)