تنوع أحيائي
من أبرز أوجه الدعم من خادم الحرمين الشريفين أمره بإنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي برئاسة ولي العهد في إطار اهتمامه بالحفاظ على الثروة البيئية في المملكة التي تعد امتدادًا للمقدرات الأولى للحياة على الجزيرة العربية التي بقيت معالمها منقوشة على صخور الجبال، وبطون الأودية، والأدوات التراثية التي خلدها الإنسان على أرضها منذ قرون مضت، فضلًا عن دعم الاهتمام الوطني في إثراء التنوع الأحيائي، وصناعة علاقة متوازنة ما بين حياة الحاضر ومتطلبات المستقبل في بيئة متكاملة يحيا ويتمتع بها المواطن والمقيم.
تحقيق التميز
عزّز الملك سلمان منذ توليه مقاليد الحكم اهتمامه بالحفاظ على البيئة بإصدار عدد من الأنظمة والتشريعات الداعمة لذلك، ومن ذلك أمره الملكي بإنشاء (وزارة البيئة والمياه والزراعة) عام 2016 بعد تعديل اسم وزارة الزراعة، ونقل المهام والمسؤوليات المتعلقة بنشاطي البيئة والمياه إليها، أعقبها في العام ذاته تنفيذ مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة، وبرنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة بالمملكة. كما صدرت الموافقة على إنشاء معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، لدعم البحوث العلمية والتطبيقية الإبداعية في مجالات البيئة والمياه والصحراء، وتحقيق التميز في تنمية الموارد المائية وإدارتها من خلال توطين وتطوير التقنيات الحديثة، إلى جانب تقديم الخدمات الاستشارية والتدريبية في مجال تخصصه.
مجتمع حيوي
هذه الخطوات تؤيد بكل اقتدار أهداف رؤية المملكة 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان، وأكدت تحمل المسؤولية تجاه الأجيال القادمة، وتحقيق المجتمع الحيوي من خلال إيجاد المقومات الأساسية لجودة الحياة، والحد من التلوث برفع كفاءة إدارة المخلّفات، والحدّ من التلوث بمختلف أنواعه، ومقاومة ظاهرة التصحّر.
وجاء إنشاء مجلس المحميات الملكية ليؤكد من جديد بُعد نظر الملك سلمان بن عبدالعزيز من وراء إصدار هذا الأمر، وهو حفظ البيئة الطبيعية والحياة الفطرية في المملكة بمدلولاتها الشاملة لتعود الجزيرة العربية كما كانت بيئتها المزدهرة قبل أزمان، ويستمتع الإنسان بالمحميات الطبيعية دون أسوار أو حواجز بوصفها ملكًا عاماً للوطن وفق أنظمة وتعليمات تضبط علاقة الإنسان ببيئته لتستمر الحياة في عطائها دون انقطاع ليهنأ بها الجيل الحالي والأجيال المقبلة.
توازن فاعل
من شأن التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية في المملكة المحافظة على هذه النظم البيئية الطبيعية لتبقى في حالة توازن فاعل مع الإنسان، وتأمين كل عوامل العيش، فضلا عن دورها الكبير في تنمية الأماكن الريفية القريبة من المحميات وزيادة رقعة الغطاء النباتي الذي يسهم في إيجاد صناعة جديدة من العقاقير الطبية الوطنية المنتجة من النباتات العطرية التي تنمو داخل هذه البيئات، إلى جانب تعزيز دور المملكة في المحافظة على التنوع الأحيائي في المحافل الدولية، وصناعة بيئة سياحية جاذبة يستفيد من تشغيلها أبناء الوطن.
وسيحدث وجود هذه المحميات الملكية نقلة نوعية في جهود الدولة الرامية إلى المحافظة على الثروات البيئية على المستويين المحلي والدولي، كما سيعزز مكانة المملكة الساعية إلى تحقيق الريادة العالمية في زيادة نسبة المناطق المحمية لتحقيق الأهداف العشرية لاتفاقية الأمم المتحدة في التنوع الأحيائي الذي تمثل المملكة فيها الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وفي أهداف التنمية المستدامة لما فيه خير ونماء المملكة في الحاضر والمستقبله.
عودة الحياة
تعد قرارات خادم الحرمين الشريفين سببًا في عودة الحياة لعدد من المحميات، وذلك لأهداف منها حرص الملك أن يستمتع المواطنون والمقيمون بها دون حواجز لكونها ملكًا عامًا كذلك المحافظة على البيئة الطبيعية والفطرية وتكاثرها وتنشيط السياحة البيئية والحد من الصيد والرعي الجائر، منع الاحتطاب وزيادة الغطاء النباتي وتنظيم الحركة داخل المحميات بما لا يضر بالقرى والهجر وأملاك المواطنين وهذه المحميات هي محمية التيسية والاسم الجديد لها محمية الإمام تركي بن عبدالله والتي تبلغ مساحتها 91500 كيلو مترًا مربعًا، ومحمية الخنفة والطبيق وحرة الحرة والاسم الجديد لها محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز والتي تبلغ مساحتها 130700 كيلو مترًا مربعًا وروضتا التنهات والخفس والاسم الجديد لها محمية الملك عبد العزيز والتي تبلغ مساحتها 15700 كيلو مترًا مربعًا، ومحمية المنطقة الواقعة بين مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر والعلا، والاسم الجديد لها محمية الأمير محمد بن سلمان والتي تبلغ مساحتها 17000 كيلو مترًا مربعًا، ومحمية روضة خريم والاسم الجديد لها محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد والتي تبلغ مساحتها 11300 كيلو مترًا مربعًا، ومحمية محازة الصيد والاسم الجديد لها محمية الإمام سعود بن عبدالعزيز والتي تبلغ مساحتها 2240 كيلو مترًا مربعًا.
حفظ الموارد
يقول الناشط والمستشار البيئي الدكتور عبدالرحمن الصقير إن المحميات هي مساحات جغرافية محددة تحمى وتدار لأغراض بيئية متنوعة كالحياة البرية أو الغطاء النباتي أو الحيوانات أو لحماية مواقع جيولوجية متميزة أو غير ذلك من الأغراض، وللمحميات الطبيعية بأنواعها وأنماطها المختلفة دور مهم في تحسين البيئة وتعزيز التنوع الحيوي وحفظ الموارد الطبيعية والاسهام في التنمية المستدامة، كما أن لها دور كبير في ميدان البحث العلمي، وفي حفظ وتوارث المعارف والثقافات التقليدية، هذا عدا أهميتها في المجالين الاقتصادي والترفيهي، وفي عالم يتزايد عدد سكانه وتزداد شراهته للسلع والمواد الخام والموارد الطبيعية، تشكل المحميات الطبيعية ملاذًا آمنًا ومستودعًا حيويًا لحفظ وبقاء تلك الموارد الحيوية، وهذا ما حدا بكثير من دول العالم بما فيها بعض الدول النامية للعناية بمحمياتها الطبيعية وتنميتها حيث حلت دول مثل بتسوانا وناميبيا وتنزانيا وبوتان وروندا ضمن قائمة أفضل 10 دول من حيث المحميات الطبيعية.
قفزة نوعية
وأضاف الصقير أن أحد أهم مؤشرات الأداء البيئي الذي تحرص كل دول العالم على الوفاء به هو نسبة المساحة التي تشغلها المحميات البيئية (برية وبحرية وشاطئية) إلى المساحة الإجمالية لكل بلد، وذلك لما للمحميات الطبيعية من دور حيوي في العديد من الجوانب البيئية والتنموية، ووفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع الأحيائي بأهدافها العشرية التي سميت بـ «أهداف آتشي»، فإن على جميع الدول المنضوية تحت الاتفاقية تخصيص ما نسبته %17 من المساحة الإجمالية لكل دولة كمحميات طبيعية، وتسعى جميع الدول المنضمة للاتفاقية ومن بينها المملكة للوفاء بالتزاماتها وتحقيق أهدافها في هذا الإطار، وقد شارفت المملكة على تحقيق تلك النسبة مع إنشاء المحميات الملكية الذي يعد تحقيقًا لأحد مستهدفات رؤية 2030 وقفزة نوعية غير مسبوقة في مجال حماية التربة والتنوع الأحيائي حيث قاربت نسبة المساحة المحمية في المملكة الـ %15 من مساحة المملكة، بل إن مبادرة السعودية الخضراء الطموحة ذهبت أبعد من ذلك في هذا الإطار حيث تستهدف حماية %30 من أراضي المملكة، وهي نسبة تقارب ضعف النسبة الموصى بها دوليًا وتجعل المملكة في مقدمة دول العالم في هذا المجال مما يعكس اهتمام الدولة وعنايتها بهذا الملف الحيوي ونظرتها لمصلحة الاجيال القادمة.
تنمية مستدامة
وأكد الصقير أنه في ظل توجه المملكة لتعزيز القطاع السياحي وزيادة مساهمته في الناتج القومي، تشكل بعض المحميات الطبيعية مجالًا خصبًا للاستثمار في السياحة البيئية، ومما له الأثر الكبير في تحقيق التنمية المستدامة للمناطق المتاخمة لتلك المحميات، بشرط أن تراعى بعض الجوانب المهمة والتي في مقدمتها إشراك السكان المحليين في منظومة المحميات وإعطاؤهم الأولوية في الإفادة من الوظائف والخدمات التي تتيحها تلك المحميات وهذا من شأنه كسب ولاء السكان المحليين وبالتالي المحافظة على المحميات وتعزيزها، حيث إن المحميات الطبيعية الناجحة والمستدامة تحفظ الموارد الطبيعية وتعزز التنوع الأحيائي الذي بدوره يحقق العديد من المزايا كتوفير هواء نظيف ومياه عذبة وترب خصبة منتجة، وأصول وراثية نباتية وحيوانية، ومخزون وفير للأدوية ذات المصدر النباتي، وقدرة على التعافي من الكوارث الطبيعية، وتأقلمًا سلسًا مع التغير المناخي.
الغاف والقرض
قال عبد الله البراك أحد خبراء النباتات البرية إن المملكة تمتلك أنواعًا عديدة من الأشجار الضخمة التي تعطينا الظل حيث تنمو هذه الأشجار تباعًا لأجواء المملكة ولابد أن نأخذ في الحسبان خطوط العرض لأن هناك أنواعًا في منطقة تهامة لا يمكن أن تنجح في المناطق الشمالية، وذلك يرجع لكبر حجم المملكة والطقس الذي تمر به كل منطقة، وذكر البراك أن هناك أنواعًا من الأشجار تناسب طقس المملكة وهي نباتات لا تحتاج للماء بكثرة منها نبات الغاف خاصة الغاف الرمادي والقرض اللذان يتميزان بسرعة نمو عجيبة وأيضًا الهجليج والطلح والسدر، وهناك نباتات برية تعيش في المنطقة الجنوبية وتهامة مثل الضبر و اللبخ وهي أشجار سريعة النمو ولا تحتاج لمياه بسبب تأقلمها على أجواء المملكة من مئات السنين على الصبر على قلة الماء ويجب أن نتجه لزراعة هذه النباتات لأنها لا تحتاج سقيا الماء طيلة العمر.
محميات طبيعية ومساحتها
الإمام تركي بن عبدالله
91500 كيلو مترًا مربعًا
الملك سلمان بن عبدالعزيز
130700 كيلو مترًا مربعًا
الملك عبد العزيز
15700 كيلو مترًا مربعًا
الأمير محمد بن سلمان
17000 كيلو مترًا مربعًا
الإمام عبدالعزيز بن محمد
11300 كيلو مترًا مربعًا
الإمام سعود بن عبدالعزيز
2240 كيلو مترًا مربعًا