دعائم قوية وتجربة فريدة
تمثل إدارة الحشود إحدى الدعائم القوية لرؤية المملكة 2030، التي تستهدف استضافة 100 مليون زيارة، وأكثر من 30 مليون حاج ومعتمر بحلول عام 2030. وتعتبر من أدق وأصعب علوم الإدارة التي تتطلب كيفية التعامل مع ثقافات مختلفة ولغات عدة وسلوكيات وأمزجة مختلفة ومتنوعة ومتعددة، وهو ما دفع الكثير من دول العالم للاستفادة من التجربة السعودية في هذا المجال.
علو كعب السعودية في إدارة الحشود البشرية جعل العالم يشهد بقدرتها في إدارة ملايين البشر في موسمي العمرة والحج، اللذين تستنفر فيهما طاقاتها وإمكاناتها البشرية والمادية لاستقبال ملايين المعتمرين والحجاج القادمين من أنحاء العالم، وبذلك تعد الدولة الوحيدة عالمياً التي لها سبق في تنظيم وإدارة الحشود سنوياً، وهو ما أكسب القائمين على خدمة الحجاج خبرة وتجربة كمية وتراكمية ومعرفية، لتبقى تجربة المملكة في إدارة الحشود سمة يتميز بها رجال الأمن بمختلف قطاعاتهم ووزارات الحج والصحة والنقل.
إنجازات متلاحقة ومشاريع متنامية
تكشف لغة الأرقام الإنجازات المتلاحقة والمشاريع المتنامية، التي نفذتها السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في خدمة حجاج بيت الله الحرام، كرسالة سامية، وأمانة شرّف الله بها هذه البلاد على مر العصور وتعاقب الأزمنة، وجعلها من أولوياتها، مما منح السعودية ريادة عالمية في إدارة الحشود للأعداد الغفيرة، التي تؤدي المناسك في كل عام، بعد أن أسهم توظيف التقنية في إثراء صناعة الحج، منفقة في ذلك مليارات الريالات، وباذلة أقصى ما يمكن من الجهود في سبيل تقديم المزيد من الرعاية لوفود الرحمن وتحقيق اليسر لهم في جميع مناسكهم.
علامة سعودية مؤيدة عالمياً
«الجمرات»
معلم بإدارة الحشود
الخبير الأمني اللواء متقاعد سالم المطرفي، وصف النجاح الباهر في إدارة الحشود، الذي تحقق بموسم العمرة الاستثنائي وحج هذا العام بأنه أصبح «علامة سعودية» ويحظى بتأييد عالمي، حاولت العديد من الدول والمنظمات الاستفادة منه واستنساخه عبر مؤتمرات ومناسبات عدة في كيفية التعامل مع كل هذه الأعداد والكتل البشرية في الحج والعمرة.
وأضاف المطرفي: الخبرة السعودية في مجال إدارة الحشود وبأيدٍ سعودية تفوقت على نظيراتها حول العالم. والشباب السعودي لم يعد يرضيهم تقديم الخدمة وتوفيرها سنوياً للحاج أو المعتمر بشكل تقليدي وروتيني، بل أصبح التنافس بينهم لتجويد تلك الخدمة وبأقل الأخطاء الممكنة والمتوقعة والاستفادة من كل تجاربه.
تاريخ مضيء تحولت فيه منشأة الجمرات إلى معلم تاريخي يقدم دروساً في إدارة الحشود وتوجيه الرماة لتتحول رحلة الحج إلى نزهة يتجول فيها الحجاج في المنشأة الضخمة كمعلم حضاري قدمته السعودية للعالم. أسهم جسر الجمرات في تسهيل أداء حجاج بيت الله الحرام شعيرة رمي الجمرات، بفضل تصميمه الهندسي، الذي يمكّن من استيعاب أعداد كبيرة من الحجاج في وقت واحد، وهو أحد المشاريع الضخمة التي نفّذتها الحكومة السعودية للإسهام في أداء ملايين الحجاج نسكهم في راحة وطمأنينة بتكلفة تجاوزت 1.120 مليار دولار.
ويعد جسر الجمرات من أبرز المشاريع في مشعر منى وتبلغ طاقته الاستيعابية 300 ألف حاج في الساعة وبطول 950 متراً وعرض 80 متراً وصُمم على أن تكون أساساته قادرة على تحمل 12 طابقاً، وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك.
ويتكون جسر الجمرات من 6 طوابق ارتفاع كل منها 12 متراً، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للطابق الواحد 120 ألف حاج لكل ساعة وبإجمالي 500 ألف حاج في الساعة، وقد استقبلت جميع الطوابق بالجسر الحجاج وساعدتهم في رمي الجمرات بكل سهولة ويسر.