يسود الإجماع شبه الكامل لدى صُنّاع القرار في تل أبيب بأنّه يجِب توجيه ضربةٍ إستراتيجيّةٍ لحزب الله اللبنانيّ، وحتى ضدّ الدولة اللبنانيّة، على خلفية واقعة مجدل شمس والتي راح ضحيتها أوّل من أمس السبت 13 طفلاً وشابًا من أبناء البلدة العربيّة-الدرزيّة-السوريّة، الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيليّ منذ النكسة في العام 1967، بيد أنّه بحسب المصادر الأمنيّة الرفيعة في دولة الاحتلال فإنّ التأخر في توجيه الضربة نابع فيما هو نابع من عدم معرفة الكيان ماذا سيكون ردّ فعل حزب الله وهل ستقود الضربة الإسرائيليّة إلى حربٍ إقليميّةٍ شاملةٍ؟
وشدّدّت المصادر عينها على أنّ الحرب الشاملة تخدم في نهاية المطاف الإستراتيجيّة التي وضعتها حركة (حماس) بجرّ إسرائيل إلى حربٍ واسعة النطاق تستنزفها أكثر ممّا هي مستنفزة، كما نقل محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، اليوم الاثنين عن مصادره المطلعة بالمنظومة الأمنيّة الإسرائيليّة.
على صلةٍ بما سلف، أعدّت قيادة الجبهة الداخلية، في كيان الاحتلال، حملة دعائية منظّمة لتنسيق التوقعات مع جمهور المستوطنين بشأن احتمال نشوب حرب شاملة، مع التركيز على حرب ستشنّ ضد حزب الله في لبنان. لكن الدفع قدمًا بالفكرة ما يزال غير مُدرج على جدول الأعمال على الرغم من وصول التوتر إلى ذروته في الشمال، بحسب ما كشف عنه مُحلِّل الشؤون العسكرية في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، يوسي يهوشع.
وبحسبه، قال ضباط كبار في قيادة الجبهة الداخلية، إنّ هذا هو الوقت المناسب لإثارة الحملة بطريقة منظمة حتى لا تخلق حالةً من الهستيريا، بل تحضيرًا للجمهور أمام مختلف التطورات.
ولفت المحلل إلى أنّه في بداية نيسان (أبريل) الماضي، نُشر في الصحيفة العبريّة أنّه في مناقشة ترأسها وزير الأمن الإسرائيليّ يوآف غالانط، قدمت قيادة الجبهة الداخلية حملة دعائية تهدف إلى تنسيق التوقعات مع الإسرائيليين في حال حدوث مواجهة مع حزب الله وإيران قد تتدهور إلى حرب شاملة.
وبحسب الصحيفة، طُرحت مقترحات مختلفة على مرّ السنين لحملات إعلامية حول موضوع قيادة الجبهة الداخلية مماثلة لتلك التي يعرفها جمهور المستوطنين، بما في ذلك إعداد غرفة مُغلقة أو إنشاء مساحة محمية في المنزل.
ومضت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ “السيناريو المرجعي، والذي كان من المفترض أنْ يُقدم في حملة من هذا النوع، يشمل معطيات عن 150 صاروخًا لدى حزب الله في لبنان، قدرة نارية بأكثر من 4000 صاروخ في يوم قتالٍ عاديٍّ، صواريخ متطورة، وطائرات مُسيّرة متفجرة وغير ذلك. جزءٌ من هذه القدرات نراه، في هذه الأيام، على الحدود الشمالية. في النهاية قرر كلّ رؤساء الأركان، والذين قُدّمت المقترحات إليهم، عدم إخافة الجمهور”، على ما نقلت الصحيفة عن كبار الضباط بجيش الاحتلال.
علاوة على ذلك، شدّدّت الصحيفة العبريّة على أنّ وزير الأمن قرّر عدم طرح الحملة حتى عشية التوترات مع إيران في نيسان الماضي، والتي تضمنت إطلاق مئات الطائرات نحو العمق الإسرائيليّ.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر في ديوان وزير الأمن الآن، أنّ الحملة الدعائية لم تُعرض على الجيش الإسرائيليّ لإعادة الموافقة عليها، بينما يقول الأخير إنّ الحملة عُرضت عدة مرات، لكن في النهاية القرار للمستوى السياسي.
وخلُصت الصحيفة العبريّة إلى القول إنّ “التوترات في الشمال بلغت ذروتها، والحملة الدعائية ليست في الأجواء”، على حدّ تعبيرها.
إلى ذلك، كشف المُحلِّل السياسيّ في موقع (WALLA) الإخباريّ-العبريّ، باراك رافيد، النقاب عن أنّ مستشار الرئيس الأمريكيّ جو بايدن ومبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط عاموس هوكشتاين عبّر عن قلقه من أنْ تهاجم إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت، بحجّة الحادث في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتلّ.
وتابع رافيد نقلًا عن مسؤولٍ إسرائيليٍّ أنّ موقف هوكشتاين هذا جاء خلال اتصال هاتفي بوزير الأمن الإسرائيليّ يوآف غالانط، لافتًا إلى أنّ هوكشتاين أكّد لغالانط أنّ لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس، لكن عليها فعل ذلك بطريقة لا تؤدي إلى تصعيد أكبر، ولا تلحق الضرر بالمدنيين. ولفت المسؤول الإسرائيليّ، بحسب الموقع العبريّ، أيضًا إلى أنّ هوكشتاين أخبر غالانط أنّه إذا هاجمت إسرائيل بيروت، فمن المحتمل جدًا أنْ يخرج الوضع عن السيطرة، على حدّ تعبيره.