تعهدت إسرائيل بإطلاع الولايات المتحدة الأميركية، على تفاصيل “الصفقات المهمة” التي تعتزم إبرامها مع الصين، كما تعهدت “بإعادة النظر في الصفقات التي تعترض عليها واشنطن”، بحسب ما كشف تقرير لصحيفة “هآرتس”، اليوم، الإثنين.
ولفت التقرير إلى أن مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، المسؤول عن صياغة السياسة الأميركية تجاه الصين، ناقش الأمر مع وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، خلال زيارته لإسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وكذلك في اجتماع سابق جمع بينهما في واشنطن.
وتأتي هذه الخطوة الجديدة وسط مخاوف متزايدة من قبل إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بشأن تصاعد النفوذ الصيني في الشرق الأوسط؛ علما بأن واشنطن لم تنقل مطالب واضحة لإسرائيل بهذا الشأن.
وشرع المسؤولون في إسرائيل، مؤخرًا، بمناقشات داخلية حول السياسات تجاه الصين، وأشارت “هآرتس” إلى اجتماعات عقدها المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) والمسؤولون في وزارتي الأمن والأمن الداخلي، لبحث هذه المسألة.
وطلبت إسرائيل من الولايات المتحدة أن تحيل إليها الشركات التي يمكن أن تعمل كبديل عن الشركات الصينية في قطاع البنية التحتية، “وهي خطوة لم تسفر عن نتائج حتى الآن”، بحسب التقرير؛ كما توجهت إسرائيل بطلب مماثل إلى بريطانيا، فيما تهدف إسرائيل إلى تعزيز مشاريع البنية التحتية المشتركة مع الهند والإمارات.
وتواجه إسرائيل، بحسب “هآرتس”، “معضلة إستراتيجية” على خلفية التقديرات بأن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين “ستصل قريبا إلى نقطة الغليان”، وتتمثل المعضلة بالخيارين الماثلين أمامها: الإسراع بالاصطفاف خلف واشنطن، أو المماطلة تجنبا لخسارة الاستثمارات مع الصين، التي تعد ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل.
وأفاد التقرير بأن مسؤولين في إدارة بايدن، نقلوا مؤخرًا رسائل إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين، وأعربوا عن قلق واشنطن بشأن الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية الإسرائيلية، فضلاً عن محاولة الصين تعميق مشاركتها في الاقتصاد الإسرائيلي وصناعة التكنولوجيا الفائقة (الهايتك).
وذكر التقرير أن “واشنطن ألمحت إلى أنها تتوقع أن تقف إسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة، التي تنتهج سياسة تشكك تجاه الصين ودوافعها”.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع (لم تسمه)، في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قوله إن إدارة بايدن لم تعط إسرائيل تعليمات واضحة فيما يتعلق بسياستها تجاه الصين. وأضاف أن “إسرائيل ستراجع السياسة الأميركية بمجرد بلورتها، وتقرر كيف ستتغير سياستها على ضوء ذلك”.
وقبل نحو عام ، ذكرت صحيفة “هآرتس” أن الإدارة الأميركية عرضت على إسرائيل إجراء فحص أمني شامل لميناء حيفا، في ظل مخاوف واشنطن من أنشطة شركة صينية فازت في مناقصة لتوسيع الميناء. وكان من المفترض أن يقوم فريق من خفر السواحل الأميركي بعمليات التفتيش والفحص، لكن إسرائيل رفضت العرض الأميركي حينها.
وكانت مجموعة موانئ “شنغهاي” العالمية، المملوكة للصين، قد فازت في العام 2015 بمناقصة لتشغيل مرفق الشحن التجاري في ميناء حيفا، لمدة 25 عاما. وأثار هذا الأمر، جدلا داخل إسرائيل، بالإضافة إلى تحفظ الولايات المتحدة التي ترسو أحيانا سفن عسكرية تابع لها في حيفا.
وتصاعدت الانتقادات في واشنطن حيال التعاقد الإسرائيلي مع الشركة الصينية، وتعالت الأصوات المستنكرة من البنتاغون، إذ تشعر المؤسسة الأمنية الأميركية بالقلق من احتمال أن يتيح النفوذ الصيني في ميناء حيفا، فرصة للصين لمراقبة ما يحدث في الميناء تكنولوجيًا، وجمع المعلومات حول التحركات البحرية الأميركية والعمليات المشتركة مع إسرائيل.
وكانت واشنطن قد هددت تل أبيب بأن سفن الأسطول السادس الأميركي ستمتنع عن الرسو في ميناء حيفا بسبب الوجود الصيني.
وفي هذه الأثناء، تتواصل الأعمال التجارية بين إسرائيل والصين كالمعتاد، بحسب ما نقلت”هآرتس” عن “مصادر مطلعة”. وفي هذا السياق، لفتت الصحيفة إلى اللقاء الذي جمع بين وزير الخارجية الإسرائيلي ووزير العلوم الصيني، قبل أيام، وإلى المكالمة الهاتفية التاريخية والأولى على الإطلاق بين رئيس إسرائيل ورئيس الصين، في تشرين الثاني/ نوفمبر، والبيان المشترك الصادر عن الجانبين، والذي دعا إلى زيادة التعاون بين الجانبين.