ّأنهى كابينيت الحرب الإسرائيلي اجتماعه المخصص لمناقشة رد محتمل على الهجوم الإيراني غير المسبوق، وفي ظل التوقعات بـ”رد إسرائيل قريب”، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مسؤولين أميركيين وغربيين، اليوم الإثنين، تقديرهم بأن يأتي الرد الإسرائيلي “بشكل سريع”، ولم يستبعدوا أن يحدث ذلك اليوم؛ فيما استدعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، قادة المعارضة، لإحاطة أمنية في مقر وزارة الأمن قي تل أبيب (الكرياه).
يأتي ذلك مع تصاعد التوتر في المنطقة في ظل الدعوات الإسرائيلية للرد على الهجوم المباشر الأول الذي تشنه إيران على أهداف في إسرائيل بواسطة صواريخ ومسيرات انتحارية، نفذته ليل السبت – الأحد الماضي، ردا على اغتيال قادة في الحرس الثوري، من بينهم القائد البارز في فيلق القدس، محمد رضا زاهدي، بهجوم استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق؛ في المقابل، تصاعدت الدعوات الدولية لخفض التصعيد وسط تحذيرات من دفع المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة.
ووفقا للتقارير الإسرائيلية، فإن هناك إجماع في صفوف القيادة السياسية في إسرائيل وبين أعضاء كابينيت الحرب، بضرورة الرد بقوة على الهجوم الإيراني لمنع إيران من “إرساء معادلة جديدة” في المنطقة وقواعد جديدة لإطلاق النار تسمح لإيران بشن هجمات مباشرة من أراضيها على إسرائيل للرد على الهجمات الإسرائيلية على مصالحها في سورية؛ على أن لا يتسبب هذا “الرد القوي” بدهورة المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة لا تسعى واشنطن وحلفاؤها في المنطقة إلى تجنبها.
وبعد نحو ثلاث ساعات من المداولات المكثفة في كابينيت الحرب الإسرائيلي، انتهت عصر اليوم، الجلسة التي كانت مخصصة لبحث سبل وإمكانية الرد على الهجوم الإيراني، على أن تستأنف المناقشات في هذا الشأن يوم غد، الثلاثاء؛ واستدعى نتنياهو كل من زعيم المعارضة، يائير لبيد، ورئيس حزب “يسرائيل بيتينو”، أفيغدور ليبرمان، ورئيس حزب “تيكفا حداشا”، غدعون ساعر، لإحاطة أمنية في مقر وزارة الأمن؛ وأُرجئت الإحاطة لأسباب تتعلق بجدول أعمال نتنياهو، بحسب هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”).
وعن الأضرار التي تسبب بها الهجوم الإيراني، نلقت قناة “إيه بي سي” الأميركية عن مسؤول أميركي، قوله إن “9 صواريخ إيرانية على الأقل اخترقت دفاعات إسرائيل وأصابت قاعدتين جويتين، وأضاف أن 5 صواريخ باليستية أصابت قاعدة نيفاتيم الجوية وأدت لتلف طائرة نقل ومدرج غير مستخدم”. وأضاف المسؤول أن “4 صواريخ باليستية أصابت قاعدة النقب الجوية”، مشيرا إلى أنه “لم ترد أنباء عن أضرار كبيرة”.
“ضرب إيران دون التسبب بحرب شاملة”
وفي تصريحات لشبكة “سي إن إن” الأميركية، قال مسؤولان إسرائيليان إن كابينيت الحرب “لا يزال يصر على الرد على الهجوم الإيراني”، وسيواصل مناقشة “توقيت ونطاق مثل هذا الرد”. وأوضح المسؤولان أن كابينيت الحرب يدرس “الخيارات الدبلوماسية لزيادة عزل إيران دوليا إلى جانب إمكانية الرد العسكري المحتمل”. وبحسب التقرير فإن الوزيران بيني غانتس وغادي آيزنكوت يدفعان نحو “رد سريع” على الهجوم الإيراني؛ فيما يحجم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن حتى الآن.
ويرى غانتس، بحسب التقرير، أنه “كلما تأخرت إسرائيل في ردها على هجوم إيران، زادت صعوبة حشد الدعم الدولي لمثل هذا الهجوم”، علما بأن العديد من الدول حذّرت إسرائيل بالفعل من تصعيد قد يؤدي إلى حرب إقليمية؛ وفي حين يعتبر أعضاء كابينيت الحرب أن الحكومة الإسرائيلية تتمتع حاليًا بدعم دولي من حلفائها وتسعى إلى استغلال ذلك، مع ذلك، فإن تل أبيب تدرك أن الرد قد يؤدي إلى سلسلة من الرد والرد المضاد ما قد يدهور المنطقة إلى تصعيد إقليمي شامل.
في المقابل، يشدد مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية على أنه “لا يمكن السماح بمرور أول هجوم من إيران على إسرائيل دون رد”، في ظل تأثير ذلك على قوة الردع الإسرائيلية التي تآكلت في أعقاب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. ومن بين الخيارات العسكرية التي يتم النظر فيها، شن هجوم على منشأة إيرانية مع تجنب وقوع ضحايا، ما من شأنه أن يبعث برسالة إلى إيران وحلفائها وعدم جرها إلى رد مضاد.
وذكر مراسل القناة 12 الإسرائيلية أن القيادة السياسية في إسرائيل ناقشت “مستويات مختلفة” من الرد على إيران، بما في ذلك الرد بشكل محدود أو الرد على نحو “قوي وواسع”؛ وبحسب التقرير، فإن بعض الردود المحتملة التي ناقشها كابينيت الحرب يمكن تنفيذها بشكل فوري. وشدد التقرير على أن الهدف الذي حددته الحكومة الإسرائيلية هو “ضرب إيران دون التسبب في حرب شاملة”. وأوضحت القناة أن تل أبيب تبقى مقيدة بعملية “تتم بالتنسيق مع الجانب الأميركي”.
غالانت لأوستن: “ليس أمامنا خيار سوى الرد”
بدوره، شدد وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال حديثه مع وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في مكالمتهما الهاتفية، على أنه “ليس أمام إسرائيل خيار سوى الرد” على الهجوم الإيراني، بحسب ما نقل موقع “واللا”، اليوم الإثنين، عن مسؤول أميركي رفيع ومصدر آخر قال إنه مطلع على تفاصيل المحادثة التي أجريت أمس، الأحد.
وكان الرئيس الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أبلغ نتنياهو “بوضوح شديد”، خلال محادثة هاتفية أجريت بعيد الهجوم الإيراني، بـ”وجوب التفكير مليا وإستراتيجيا في مخاطر التصعيد”، وأوضح أن الولايات المتحدة لا تدعم ولن تنضم إلى هجوم إسرائيلي للرد على إيران، وتعتبر واشنطن أن على الإسرائيليين أن “يكونوا حذرين”، خصوصا أن اعتراض الهجوم الإيراني وفّر ما يمكن اعتباره “صورة نصر” لإسرائيل، لكن التقارير تشير كذلك إلى أنه “لا يوجد فيتو أميركي ضد الرد الإسرائيلي، على أن يتم بالتنسيق الوثيق مع الشركاء الرئيسيين في المنطقة”.
وخلال الاتصال الهاتفي بين غالانت وأوستن، الأحد، قال وزير الأمن الإسرائيلي إن تل أبيب “لن تكون قادرة على قبول واقع جديد بحث تُستهدف بصواريخ باليستية دون أن ترد”، وذكرت المصادر أن غالانت شدد كذلك على أن إسرائيل لن تستطيع الرضوخ لقواعد اشتباك جديدة تفرضها إيران وتكون طهران بموجبها قادرة على الرد على الهجمات الإسرائيلية في سورية، عبر شن هجوم من أراضيها على أهداف في إسرائيل.
من جانبه، نقل أوستن إلى غالانت رسالة مشابهة لتلك التي نقلها بايدن لنتنياهو خلال محادثتهما ليل السبت الأحد، مشددا على ضرورة “فعل كل شيء لتجنب المزيد من التصعيد في المنطقة”؛ وفي حين رفض مكتب غالانت التعليق على التقرير، ذكر البيان الرسمي الصادر بشأن المكالمة مع أوستن أن غالانت أعرب لنظيره الأميركي عن “تقديره الكبير للتعاون والتنسيق بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي لصد الهجوم الإيراني”.
هاليفي: إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيقابل برد
زار رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي قاعدة نيفاتيم العسكرية في النقب -التي استهدفها الهجوم الإيراني ليل السبت- وقال إن “إطلاق الصواريخ على إسرائيل سيقابل برد”.
وخلال الزيارة، أجرى رئيس الأركان جولة في مقر سرب طائرات “أدير 140” حيث أقام خلالها حوارًا مع الفرق الجوية والقادة التابعين للسرب، الذين شاركوا في عملية إحباط واعتراض الهجمة الإيرانية على إسرائيل في إطار عملية “الدرع الحديدي”.
وقال “انظروا، أرادت إيران ضرب قدرات استراتيجية خاصة بدولة إسرائيل، وهو ما لم يسبق له مثيل في الماضي. فقد استعددنا لذلك من خلال عملية “الدرع الحديدي”، حيث أدى هذا الاستعداد بإيران لمواجهة التفوق الجوي الذي جسدتموه على نحو جيد جدًا.”
واتابع: منذ يوم الاثنين الماضي شاهدنا ما يتشكل أمامنا، حيث نعتقد بأن دولة إسرائيل قوية للغاية وقادرة على التعامل لوحدها، لكن نظرًا لكثرة التهديدات وبُعدها يسعدنا دائمًا، وأقول لكم ذلك بكل صراحة، حقيقة أنه بعد الاتصال بقائد القيادة المركزية لجيش الولايات المتحدة، الجنرال كوريلا، في يوم الاثنين الماضي، هو وصل إلى البلاد في يوم الخميس، لنبدأ عمليات التنسيق المشتركة. وتحمل هذه المقولة دلالة بالغة الأهمية إذ تلقى إيران هنا قدرة دولية قوية للغاية.”
وقال” عليكم الإدراك بأننا ننظر إلى الأمام ونفكر في خطواتنا، وسيتم الرد على إطلاق هذا الكم الكبير من الصواريخ وصواريخ كروز والطائرات المسيّرة باتجاه أراضي دولة إسرائيل.”
إيران: لا نريد التصعيد لكن سنرد بقوة على أي هجوم انتقامي
في المقابل، نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن وزير الخارجية، حسين أمير عبد اللهيان، قوله لنظيره البريطاني، اليوم الإثنين، إن إيران لا تريد زيادة التوترات لكنها سترد بشكل فوري وبقوة أكبر من ذي قبل إذا قامت إسرائيل بعمل انتقامي؛ كما أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، اليوم، أن إيران لا تريد مزيدًا من التوتر والتصعيد في المنطقة، داعيًا الولايات المتحدة إلى “تقبل” رد بلاده على إسرائيل، وعدم اتخاذ “توجه غير مسؤول”.
ودافع كنعاني، في مؤتمره الصحافي الأسبوعي، عن رد بلاده على الهجوم الإسرائيلي على المبنى القنصلي للسفارة الإيرانية في دمشق، مطلع نيسان/ أبريل الجاري، واصفًا ذلك بأنه كان “ردًا مسؤولًا وضروريًا ومتناسبًا ومضبوطًا ودفاعًا مشروعًا عن النفس”. وأكد أن طهران قبل تنفيذ الرد “وجّهت التحذيرات اللازمة من خلال القنوات الدبلوماسية”، قائلاً: “بعدما أقمنا الحجة عملنا باقتدار وسنواصل العمل باقتدار لاحقًا”، مطالبًا حلفاء إسرائيل بثنيها عن أي اعتداء على إيران.
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن الهجمات على إسرائيل “جاءت بعد ضبط نفس طويل تجاه الاحتلال الإسرائيلي”، داعيًا حلفاء إسرائيل وشركائها في المنطقة إلى تقدير رد إيران “المسؤول”، وثنيها عن ارتكاب مزيد من “الأعمال الشريرة” في المنطقة، والتي قال إنها ستكون لها “تبعات غير محسوبة للكيان”.