لا تألو إسرائيل جهدًا في مراقبة تطوّر ترسانة حماس العسكريّة وتحسين دقّتها، لعلمها التّام أنّ “الأسلحة الجديدة المُتقدّمة جدًا” التي باتت الحركة تملكها، سيتّم استخدامها في المُواجهة العسكريّة القادمة بين المقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة والاحتلال، ولا تُخفي المحافل في تل أبيب خشيتها من زيادة قوّة حماس العسكريّة، كمًا ونوعًا وكيفيةً، الأمر الذي بات يقُضّ مضاجع دوائر صُنع القرار في دولة الاحتلال.
وفي هذا السياق، ركّزت صحيفة “ماكور ريشون” العبريّة، اليمينيّة المُتطرّفة، على ملف (حماس) في لبنان، وقالت إنّ الحركة كثفت أنشطتها في لبنان بناء على تعليماتٍ إيرانيّةٍ، وإنّ تلك الأنشطة مدعومة من قبل “حزب الله”، وهذا الإقرار الإسرائيليّ يتساوق مع التقدير الإسرائيليّ للعام الجاري، والذي أكّد أنّ إيران، حزب الله وحماس، يتصدّرون قائمة الأعداء والتحدّيات التي تؤرّق دولة الاحتلال.
وأشارت الصحيفة، نقلاً عن محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، إلى أنّ الصواريخ التي أطلقت صوب إسرائيل من لبنان، صباح يوم أوّل من أمس الاثنين، أطلقت بالتحديد من قرية راس العين التابعة لقضاء صور جنوب لبنان، هناك حيث المقر الرئيس لقيادة حركة “حماس” في لبنان، مُشيرةً إلى أنّ الحركة كثفت من أنشطتها في لبنان خلال السنوات الأخيرة، بناء على أوامر من إيران، مضيفةً أنّها تتلقى الدعم من “حزب الله”.
ونوهت إلى أن مركز “علما” التعليميّ البحثيّ الإسرائيليّ، الذي يختّص بالتحديات الإسرائيليّة على الجبهة الشماليّة، أعّد دراسات بشأن أنشطة “حماس” في لبنان، ووجد أنّه على غرار أنشطة الحركة في قطاع غزة، تعمل “حماس” في لبنان أيضًا على الصعيد المدنيّ والعسكريّ على حدٍّ سواء، وأنّ (حماس) في لبنان تُقدِّم نفسها هناك على أنّها “حامية المصالح الفلسطينيّة في لبنان”.
وطبقًا للمصادر الإسرائيليّة، أكّدت الصحيفة العبريّة أنّ (حماس) تعمل على الصعيد العسكريّ، تحت إمرة قيادة عليا توجد أركانها في تركيا وفي لبنان، ويطلق عليها “مكتب البناء التابع لحماس”، وهو المسؤول عن بناء القوة العسكرية للمنظمة، والشق الاستخباري والتدريب والإرشاد والاتصالات والأموال والتخطيط والدعم اللوجيستي والعلاقات الخارجية.
وأوضحت، نقلاً عن المصادر عينها، أنّ هذه القيادة مسؤولة أيضًا عن الأنشطة التي تنفذ بوساطة وحدتين تنفيذيتيْن، الأولى هي “وحدة الشمالي” والثانية هي وحدة “خالد علي”، والوحدتان تعملان على تجنيد نشطاء وتأهيلهم لمهمات مختلفة، من بينها إعدادهم كقناصة، أوْ تدريبهم على إطلاق الصواريخ المضادة للدروع، أو إطلاق الطائرات المُسيرة وغير ذلك، مؤكّدة أنْ الوحدتيْن تعملان أيضًا على تطوير وإنتاج الأسلحة، وتشكيل خلايا تنفيذية وإعداد الخطط الميدانية.
وشدّدّت الصحيفة، نقلاً عن ذات المصادر، على أنّ العامل المشترك في بقاء العلاقة بين حزب الله وحماس يكمن في حقيقة أنّ مصالح مشتركة تجمع بينهما، وهي أيديولوجية فلسطين، ومن ثم تحافظ منظمة “حزب الله” على دعمها لـ”حماس” بأوامر من إيران.
وقالت الصحيفة، إنّ بيانا أرسل في آذار (مارس) من العام 2018 من “وحدة الشمالي” إلى مكتب البناء التابع لحماس، بيّن بوضوح حجم الأنشطة المالية المختلفة للحركة، إذ أظهرت أنّ عشرات أوْ مئات الآلاف من الدولارات واليورو تنقل بوساطة شركات صرافة بغرض استخدامها لصالح معسكرات التدريب وتأهيل القناصة وغير ذلك.
وأوضحت إن قادة “مكتب البناء” يقيمون في تركيا ولبنان، وأن ماجد قادر محمود قادر، مواليد 1966، هو رئيس هذه القيادة ويقيم في إسطنبول، لافتةً إلى أنّه انتقل مؤخرًا إلى لبنان، ربّما لأسباب أمنية.
وذكرت أنّ “قادر هو من قاد فكرة العمليات السريّة ضد إسرائيل انطلاقًا من لبنان وسوريّة، ونائبه محمد إبراهيم سالم، من مواليد 1974، يقيم أيضًا في إسطنبول، ويتولى رئاسة قسم التصنيع الخاص بالمكتب”.
ويتولى هذا القسم ملف الدعم الفنيّ بصفة عامة، وتطوير وتصنيع القذائف والطائرات المسيرة الهجومية بشكل خاص، وفق ما أوردته الصحيفة.
وخلُصت الصحيفة العبريّة إلى القول، اعتمادًا على المصادر الأمنيّة بدولة الاحتلال، خلُصت إلى القول إنّ “سالم، وهو مهندس ميكانيكي، يعد أحد رواد تطوير الصواريخ متوسطة المدى الخاصة بحركة “حماس”، كما أنّه المسؤول عن شعبة البحث والتطوير فيما يتعلق بتحسين دقة الصواريخ والمسيرات والغواصات المسيرة الانتحارية”، مؤكّدةً أنّه “أسس ورشًا للتصنيع في لبنان، ويقود عمليات المشتريات التكنولوجية حول العالم لصالح الحركة”، وفق المصادر الأمنيّة بتل أبيب.