تُنذِر مصادقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، اليوم الخميس، على خطط هجومية ضد قطاع غزة، بأن إسرائيل تستعد لشن عدوان جديد على غزة. وتشي بذلك أيضا تصريحات رئيس الحكومة الإسرائيلية، يائير لبيد، بأن الوضع الحالي حول القطاع، لن يستمرّ لوقت طويل، وأنه أرجأ خروجه إلى إجازة. في أعقاب اعتقال الجيش الإسرائيلي القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بسام السعدي، في عملية عسكرية في مخيم جنين، مساء الإثنين الماضي، أغلق الجيش الإسرائيلي “غلاف غزة”، وفرَض “حظر تجوُّل” في جزء منه، وطالب السكان بالتنقل من خلال طرق التفافية، كما توقفت حركة القطارات بين أشدود وسديروت.
وادعى مسؤولون أمنيون إسرائيليون أن هذه القيود المفروضة على سكان “غلاف غزة”، جاءت في أعقاب معلومات حول استعداد مقاتلي الجهاد الإسلامي لاستهداف أهداف إسرائيلية بقذائف مضادة للمدرعات ونيران قناصة، أي استهدافا مباشرا لأشخاص ولمركبات. وتحسُّبا من استهداف كهذا، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم، عن تسريح قسم من جنوده المنتشرين حول القطاع، ونقْل قسم آخر إلى أماكن “آمنة” منعا لاستهدافهم.
وتكرّرت خلال الأيام الأخيرة، التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية والتي تحدّثت عن “ضائقة” و”شعور بالحصار” لدى سكان “غلاف غزة”، وأن الأولاد والفتية هناك لا يستمتعون ولا يخرجون من بيوتهم إلى المتنزهات وبرك السباحة في أوج العطلة الصيفية.
وأعلن قائد المنطقة الجنوبية في قيادة الجبهة الداخلية عن تعويض المزارعين في “غلاف غزة” عن الأضرار الاقتصادية التي لحقت بهم من جراء القيود التي فرضها الجيش عليهم في الأيام الماضية، وعن احتمال تعويض الأجيرين أيضا من سكان هذه المنطقة، والذين تذمّروا من القيود. ويُستدلّ من ذلك أن هذه الفترة قد تطول، سواء إثر بقاء “تهديد” الجهاد الإسلامي، أو بسبب عدوان إسرائيلي على غزة في الأيام المقبلة.
وكرّر محلّلون إسرائيليون في مقالاتهم، الحديث عن أن الجهاد الإسلامي نجحت في إدخال “غلاف غزة” إلى حصار ذاتيّ، وبوضع القوات الإسرائيلية في الجنوب في حالة استنفار قصوى في ظل توتر شديد، وذلك “من دون أن تدوي صفارة إنذار واحدة أو إطلاق قذيفة واحدة”. واعتبروا أن هذا الوضع يعزّز رصيد الجهاد الإسلامي.
وفعلا، إن الجهاد الإسلامي لم تطلِق رصاصة واحدة، لا من قطاع غزة ولا في الضفة الغربية، منذ استشهاد الفتى ضرار الكفريني خلال اعتقال السعدي. بل إن وسائل إعلام فلسطينية وعربية أفادت بنجاح وساطة المخابرات المصرية في نزع فتيل تصعيد محتمَل، بعد محادثة هاتفية أجراها رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، مع الأمين العام للجهاد الإسلامي، زياد نخالة، منذ يومين. ورغم ذلك، استمرت إسرائيل في شحن الوضع حول القطاع باتجاه تصعيدٍ.
ولا يبدو حاليا أن الجيش الإسرائيلي يتجه إلى تهدئة، فقد نشر قائد فرقة غزة العسكرية، نِمرود ألوني، شريطا مصوّرا موجها لسكان “غلاف غزة”، قال من خلاله إن الجيش “يرصد أن الجهاد الإسلامي يعتزم تنفيذ عمليات”، وإنه بناءً على ذلك “سيستمر إغلاق طرقات، فأمن السكان قبل أي شيء”. والهدف من ذلك، على ما يبدو، هو التمهيد لعملية عسكرية في قطاع غزة. فليس معقولا أن توافق إسرائيل أن يستمر الوضع الحالي وتأثيره على سكان في “غلاف غزة” على الأقل، من دون أن تبادر إلى عمل عسكري حتى من خلال الادعاء أن هذا وضع “لا يُحتَمل”، وأنها ستبادر إلى إنهائه من دون أن تطلق الجهاد قذيفة أو رصاصة.
وستحاول إسرائيل من خلال عدوان كهذا، ردْعَ الجهاد الإسلامي في القطاع، ومنع هذه الحركة من الربط بين ذراعها في غزة وذراعها في الضفة الغربية، بحيث ألا تكون هناك خطوات تنطلق من غزة ردا على عمليات الجيش الإسرائيلي ضد كوادرها في الضفة، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين إسرائيليين.