إسرائيل غاضبة للتقارب السعوديّ الإيرانيّ وبن سلمان شطب تل ابيب من جدول الأعمال..

عندما شكّل بنيامين نتنياهو حكومته السادسة في ديسمبر من العام 2022 أعلن أنّ أحد أهداف سياسته الخارجيّة سيكون توقيع اتفاق التطبيع مع السعوديّة، وعبّر في الوقت عينه عن تفاؤله من أنّ الاتفاق سيخرج إلى حيِّز التنفيذ في وقتٍ قصيرٍ، ولكن الأحداث على أرض الواقع نسفت أفكار نتنياهو، لا بلْ ذهب البعض الكثير من المحللين والمختصين والخبراء الإسرائيليين إلى التأكيد بأنّ هجوم حماس المباغت في السابع من أكتوبر 2023 كان يهدف أيضًا لمنع عملية التطبيع بين الرياض وتل أبيب.
وفي الشهر الماضي، وفق الإعلام العبريّ، عندما وصل وزير الخارجية الإيرانيّ عباس عراقجي إلى السعودية، لم يكن راضيًا عن لقائه مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، بل تمّ نقله إلى اجتماعٍ خاصٍّ مع ولي العهد محمد بن سلمان، وخلف الكواليس كانت بكين هي التي توسطت وأدت إلى تجديد العلاقات بين طهران والرياض العام الماضي.
وقالت المستشرقة الإسرائيلية سمدار بيري في مقال نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إنّ الصين لا تتوقف عن الوساطة، وضغطت على البلديْن لإحضار رئيس الأركان السعوديّ فياض الرويلي إلى طهران.

وأضافت بيري، التي اعتمدت على مصادر سياسيةٍ وأمنيّةٍ في الكيان أنّ “العلاقات، التي جرى البدء بإعادة بنائها بعد سبع سنوات من القطيعة، بما في ذلك هجوم إيرانيّ (نفت دورها) على منشآت نفطية في السعودية، تركز الآن على التحضير لمناورات عسكرية مشتركة في البحر الأحمر والتعاون الاقتصادي مع السعودية، بينما أخذت الرياض على عاتقها تسليم إيران المنتجات الأساسية التي يمنع الحظر الأمريكي تداولها وبيعها”.
وتابعت “حضر القمة الطارئة في الرياض، التي انعقدت بعد عام من القمة العربية الإسلامية التي عقدت في السعودية عام 2023 في التاريخ نفسه، جميع رؤساء العالم العربي والإسلامي، باستثناء الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان، ومع أنّه اعتذر مسبقًا عن عدم تمكنه من الحضور لأمور داخلية ملحة، في إشارة إلى الاستعدادات لهجوم على إسرائيل، إلا أنه لم يترك المقعد الإيراني خاليًا، وأرسل نائبه الأول محمد رضا عارف، مع رسالة اعتذار للمضيف في الرياض”.
وأوضحت أنّ “التصريحات التي أدلى بها ولي العهد الأمير بن سلمان في افتتاح القمة صعبة وغير عادية على الأذن الإسرائيليّة، والجهود الأمريكيّة الرامية إلى جلوس ممثلين كبار من السعودية وإسرائيل في نفس الغرفة وإجراء محادثات حول تحسين العلاقة، تمّ دفعها بعمق إلى أدراج مكتب بن سلمان، وهو الآن يهاجم إسرائيل فقط بشراسة، ويدعو إلى الانسحاب الكامل من غزة والضفة الغربية، والوقف الكامل لنشاط الجيش الإسرائيلي في لبنان، كما يوسع الحديث عن الهجمات في إيران وأماكن أخرى في إشارة إلى سوريّة، لبنان والحدود العراقية السورية المرتبطة بإيران”.
وذكرت الكاتبة أنّ “خطاب ابن سلمان الصريح تطرّق بشكلٍ مباشرٍ إلى السلوك الإسرائيلي، في أعقاب أفعال الجيش في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريّة وإيران وحتى في بعض أجزاء العراق، ولم يتم ذكر الحوثيين في اليمن في قمة الرياض، وليس من قبيل الصدفة، لاعتباراتٍ سعوديةٍ”.
ووفقاً للدكتور يوئيل جوزانسكي، أحد كبار الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي، فإنّ “السعوديين يريدون تقاربًا فعالاً مع إيران من أجل محاولة البقاء بعيدًا عن خط النار، لأنّهم يتوقعون أنّه في الأشهر المقبلة، حتى قبل أنْ يدخل ترامب البيت الأبيض، سيكون هناك اشتعال بين إيران وإسرائيل، وهم يريدون البقاء بعيدًا عن خط النار. إنّ التصريحات المؤيدة لإيران تهدف إلى خدمة هذا الغرض، لتظهر للإيرانيين أنّهم ليسوا في حالة تطبيع مع إسرائيل وأنّ هجومها على إيران لا يرضيهم، وهناك بالتأكيد مصالحة مع إيران هنا.”
وأضاف: “من المهم أنْ نلاحظ أنّ الأمريكيين لم يعودوا ينتقدون الشؤون الداخلية في السعودية أو حقوق الإنسان. والشيء الأكثر أهمية بالنسبة للسعوديين هو أنّ ترامب، بالنسبة لهم، قادر على الضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب بسرعة، في غزة ولبنان، ويمكن الضغط عليه لإحراز تقدم في القضية الفلسطينية، وهذا، من وجهة نظر السعوديين، واجهة للتقدم إلى البلدين”، على حدّ تعبير الباحث.
وقالت المستشرقة أيضًا إنّه “من المهم أنْ نلاحظ أنّ ابن سلمان اليوم لم يعد فقط الحاكم الفعلي للسعودية قبل أربع سنوات، وقد اكتسب منذ ذلك الحين القوة والزعامة، ومواقفه أكثر وضوحًا، وما زال يلقي نظرة الشك على إيران. ووعد ترامب بأنّه عندما يدخل البيت الأبيض سيوقف الحروب، وتنتظر السعودية، تليها مصر والأردن ولبنان، تغيير الإدارة في واشنطن وتطالب بفرض حظرٍ أمريكيٍّ على الأسلحة على إسرائيل لوقف المزيد من القتال على الجانب الإسرائيليّ”.
واختتمت “لم تتم مناقشة موضوع حزب الله في القمة، كما تمّ صدّ حماس، وفي كلتا الحالتين، فإنّ ولي العهد السعودي مستعد للعمل مع الرئيس ترامب، ويحرص على تقديم صورةٍ صارمةٍ لوقف كلّ الحروب”.