قال المحلل العسكريّ الإسرائيليّ، عاموس هرئيل، إنّ جيش الاحتلال، فقد الأفضلية، في مسار القتال، مشيرًا إلى أنّ السيطرة على حيّ الشجاعية، شرق مدينة غزّة، لا تزال بعيدة المنال.
وكشف المحلل النقاب، نقلاً عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ وصفها بواسعة الاطلاع، كشف أنّ المعركة التي وقعت أوّل من أمس الثلاثاء في الشجاعية، وأسفرت عن مقتل 10 ضُبّاطٍ وجنودٍ إسرائيليين كشفت عن نقاط الضعف التي يُعاني منها جيش الاحتلال في المعارك الضارية التي يخوضها ضدّ المقاومة الفلسطينيّة في القطاع، ولكنّه استدرك قائلاً إنّ الخسائر الجسيمة في المعركة لن تؤدّي حتى اللحظة إلى تغييراتٍ جوهريّةٍ في مسار الحرب والقتال.
ولتبرير الفشل المُدّوي، الذي كان من نصيب جيش الاحتلال في المعركة المذكورة، قالت المصادر عينها للصحيفة العبريّة إنّ جيش الاحتلال لا يمتلك تجربةً في خوض حربٍ بمنطقةٍ سكنيّةٍ مأهولةٍ ومكتظةٍ، كاشفًا النقاب عن أنّه حتى اللحظة لا يُمكِن الإعلان عن السيطرة على شمال قطاع غزّة، وأوضح أيضًا أنّ التغيير في الحرب سيكون بسبب الضغوطات الأمريكيّة، ليس إلّا، طبقًا لأقواله.
المصادر في تل أبيب شدّدّت على أنّ “حيّ الشجاعية يُعتبر رمزًا للمقاومة الفلسطينيّة، حيث تقوم حركة (حماس) بتركيز قوّاتٍ كبيرةٍ فيه، تمامًا مثل المعارك السابقة، وتنجح (حماس) في تفعيل منظومةٍ مرتبةٍ كثيرًا، الأمر الذي يؤدّي لجبابة ثمنٍ غالٍ جدًا من الجيش الإسرائيليّ، ويؤدّي إلى الحدّ من تقدّمه”.
ومضى قائلاً إنّ “الأخبار السيئّة التي وصلت من حيّ الشجاعيّة للجمهور الإسرائيليّ أثارت ضجّةً كبيرةً، وبرز قلق عائلات الجنود والضُبّاط الذي يُقاتلون في غزّة، خشيةً على أبنائهم، ولكن الفشل لن يؤدّي حتى اللحظة لتغييرٍ بمسار الحرب”.
وكشف النقاب عن أنّ المقاومة نصبت كمينًا في الشجاعية وقع فيه جنود الاحتلال، وتعرضوا لقصفٍ بجميع أنواع الأسلحة، الأمر الذي دفع القيادة إلى إرسال التعزيزات للمكان، ولكن هذه التعزيزات، أضاف، والتي كان يقودها كبار الضباط، وقعت هي الأخرى في كمينٍ آخر، وقامت المقاومة بإطلاق صواريخ من طراز (أر.بي.جي) على القوّات وأوقعت خسائر جسيمة بين قتلى وجرحى بدرجاتٍ متفاوتةٍ.
وأردف هارئيل أنّ الظروف القتالية ميدانيًا والالتحام من مسافاتٍ قريبةٍ بين الجيش وعناصر حماس “قلل من الأفضلية النسبية التي يتمتع بها الجيش في مجال التكنولوجيا والاستخبارات”.
كما وصف شبكة الأنفاق التي أقامتها حماس بأنّ “حجمها وتعقيدها تجاوزا كلّ ما توقعته المخابرات الإسرائيلية”، واعتبر أنّ هذه الظروف “زادت أيضًا من عدد قتلى الجيش”.
وأشار إلى أنّ الجيش “لا يزال بعيدًا عن السيطرة على الحي والموقع الذي يشهد قتالاً مستمرًا”.
وأضاف: “لا يزال الجيش الإسرائيليّ بعيدًا عن السيطرة على المنطقة، وفي مخيم جباليا للاجئين تضاءلت المقاومة إلى حدٍّ ما في الأيام الأخيرة”.
وشدّدّ المُحلِّل على أنّ “القتال نفسه بواسطة المشاة، وإلى حدٍّ كبيرٍ أيضًا الدبابات، يتم من مسافة قريبة جدا وفي مناطق كثيفة البناء، تم تدمير بعضها فقط، مما يمكن مجموعات من مقاتلي حماس من الاشتباك مع الجيش، في بعض الحالات على مسافة بضعة أمتار فقط”.
وأردف: “تقلل هذه الظروف من بعض الأفضلية النسبية التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في مجال التكنولوجيا والاستخبارات، وتزيد من عدد الضحايا الإسرائيليين”.
كما أشار هرئيل إلى أنّه “تجري العملية الهجومية جنبًا إلى جنب مع محاولة تحديد مكان جثث الرهائن”، وفق وصفه.
وأوضح: “يبدو أنّ المزيد من التقدم في جولةٍ أخرى من مفاوضات الرهائن لم يبدأ بعد، لكن يحاول الوسطاء القطريون والدول الأخرى المشاركة في المحادثات، صياغة اتفاق جديد يتضمن إطلاق سراح بعض الرهائن الـ 137 الذين ما زالوا محتجزين”.
وأشار إلى أنّ أولويات تل أبيب في صفقة التبادل هي “النساء، والرجال المرضى والجرحى ومن ثم الرجال المسنون”.
ونوه هرئيل إلى أنّه في الوقت الحالي “لم تظهر حماس أيّ علامة على ضرورة التوصل إلى اتفاق بشكل عاجل”.
كما أوضح أنّه “لا توجد دلائل في الوقت الحالي على أنّ حماس تشعر بأن قدرتها على المساومة في المفاوضات المستقبلية، قد تضاءلت”، مُعتبرًا أنّ عدم إسراع القيادة الإسرائيليّة لإتمام صفقة أخرى يعود إلى “خشية” نتنياهو من رد الفعل المحتمل من شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف.
وخلُص إلى القول إنّه بعد أكثر من شهريْن على بدء الحرب، وأكثر من شهرٍ ونصف منذ بداية الغزوّ البريّ، لا يستطيع الجيش الإسرائيليّ الإعلان عن سيطرته على شمال قطاع غزّة، على حدّ تعبيره.