تفيد معلومات مؤكدة أن وفدا رسميا فلسطينيا يمثل منظمة التحرير الفلسطينية، الذي تقرر تشكيله لبحث مبادرة التهدئة المصرية لإنهاء الحرب على غزة، سيركز في مباحثاته مع المسؤولين المصريين، على الشق السياسي، المتعلق بتشكيل “حكومة تكنوقراط”، في وقت يتردد أن الجانب المصري قام بإجراء تعديل على النسخة الأولية من هذه المبادرة.
تعديل الشق السياسي
وحسب المعلومات المتوفرة فإن اتصالات أجريت بين مسؤولين فلسطينيين رسميين وآخرين مصريين، خلال الساعات الماضية، وقبل وصول الوفد الرسمي للقاهرة، جرى خلالها الاستفسار عن بنود المبادرة المطروحة، وشرح وجهة نظر منظمة التحرير، التي اعترضت على أي تشكيل حكومي لإدارة الشأن الفلسطيني، بعيدا عن أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية هي الغطاء الرسمي لهذا التشكيل، واعتباره جزءا من مؤسسات السلطة الفلسطينية، المشكلة بالأساس بقرار من المنظمة.
ويدور الحديث هنا أن هذه الاتصالات أسفرت عن تعديل شق المبادرة المتعلق بتشكيل “حكومة التكنوقراط”، والذي كان ينص على أن تتولى مصر وقطر والولايات المتحدة مسؤولية التنسيق لتشكيل الحكومة الجديدة، وذلك من خلال تأجيل بحث هذا البند، على أن تتبع هذه الحكومة وتشكيلها لاحقا لمنظمة التحرير، في ظل رعاية عربية ودولية.
وكانت مصر طرحت المبادرة الخاصة بإنهاء الحرب على غزة، على وفد قيادي رفيع من حركة حماس، برئاسة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، ومن ثم طرحتها على وفد قيادي آخر من حركة الجهاد الإسلامي برئاسة زياد النخالة الأمين العام للحركة.
وتلا ذلك أن أعلنت منظمة التحرير بعد عقدها اجتماعا برئاسة الرئيس محمود عباس، رفضها لما جاء في ورقة مبادرة نشرتها وسائل إعلام تتحدث عن 3 مراحل بما فيها الحديث عن تشكيل حكومة فلسطينية لإدارة الضفة وغزة، بعيدًا عن إطار مسؤولية منظمة التحرير، باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
هذا ومن المقرر حسب المعلومات المتوفرة لـ “القدس العربي”، أن يقوم الوفد الفلسطيني الرسمي بطرح المبادرة الرسمية الفلسطينية لمواجهة الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة، وذلك من خلال الاتفاق على وجود رعاية عربية مصرية لحوار وطني شامل، ينهي حالة الانقسام السياسي الحاصل، وإتمام عملية الوحدة الوطنية، والاتفاق على استراتيجية شاملة من أجل ذلك.
نص المبادرة
وتلا ذلك أن نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” عن مصدر مصري مسؤول تأكيده أن ما يتم تناوله بشأن مقترح مصري لوقف إطلاق النار بقطاع غزة “مقترح أولي”، وأنه سيتم بلورة موقف متكامل عقب حصول مصر على موافقة كافة الأطراف.
ووفق ما كشف فإن المبادرة بشكلها الأولي، تشمل “هدنة إنسانية” تمتد من 7 إلى 10 أيام، يتم خلالها إطلاق حركة حماس سراح جميع المدنيين المتواجدين لديها من النساء والأطفال والمرضى وكبار السن، مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب ممن يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
تشمل المبادرة المصرية وقفا كاملا لإطلاق النار في كافة مناطق قطاع غزة، يتم خلاله عملية تبادل الأسرى
وتشمل هذه المرحلة وقفا كاملا لإطلاق النار في كافة مناطق قطاع غزة، يتم خلاله تبادل الأسرى، وتشمل أيضا إعادة انتشار القوات الإسرائيلية بعيدا عن محيط التجمعات السكنية والسماح بحرية حركة المواطنين، وذلك مع وقف كل أشكال النشاط الجوي الإسرائيلي، والسماح بحركة المواطنين من الجنوب للشمال، مع وقف حركة حماس كل أشكال العمليات تجاه إسرائيل.
وتشمل هذه المرحلة تكثيف إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية والأدوية والمحروقات، إلى كافة مناطق القطاع خاصة مناطق الشمال.
وتتضمن المرحلة الثانية الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حركة حماس، مقابل عدد يتفق عليه من الجانبين من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وتشمل هذه المرحلة كذلك تسليم كافة الجثامين المحتجزة لدى الجانبين منذ بدء العمليات العسكرية يوم السابع من أكتوبر الماضي.
أما المرحلة الثالثة فتشمل التفاوض لمدة تمتد لشهر حول إفراج حماس عن جميع الجنود الإسرائيليين لديها، مقابل قيام إسرائيل بالإفراج عن عدد يتفق عليه من الجانبين، من الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية.
وتتضمن هذه المرحلة إعادة انتشار القوات الإسرائيلية خارج حدود قطاع غزة، مع استمرار وقف جميع الأنشطة الجوية، والتزام حماس بوقف كافة الأنشطة العسكرية.
في حال توافق إسرائيل وحركة حماس على المقترح وقوائم الأسماء الخاصة بالتبادل، يتم البدء في تنفيذ الاتفاق لحظة الإعلان عن ذلك
وتشمل محددات المقترح وقف إطلاق النار لمدة 48 ساعة بين الجانبين قبل تنفيذ المقترح، للاتفاق على أسماء المفرج عنهم ضمن المرحلتين الأولى والثانية، سواء من جهة إسرائيل أو حركة حماس.
وفي حال توافق إسرائيل وحركة حماس على المقترح وقوائم الأسماء الخاصة بالتبادل، يتم البدء في تنفيذ الاتفاق لحظة الإعلان عن ذلك، مع التزام الطرفين بالسقف الزمني للتفاوض في المرحلة الثالثة.
ويدور الحديث حاليا عن موافقة مصرية على تعديل البند الخاص بتشكيل حكومة “التكنوقراط”، وذلك من خلال إرجاء الحديث عنها حاليا، على أن تكون تتبع منظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها السياسي، في حال شكلت لاحقا، وذلك من خلال رعاية مصر لحوار وطني فلسطيني شامل، على أن يكون من ضمن عمل الحكومة الإشراف على القضايا الإغاثية الإنسانية، وملف إعادة إعمار قطاع غزة، والتمهيد لإجراء انتخابات فلسطينية شاملة.
ترحيب فلسطيني
وفي السياق، نقل عن صبري صيدم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، قوله إن القيادة الفلسطينية استلمت “النسخة المعدلة” من المبادرة المصرية، والتي أرجأت الحديث عن حكومة “تكنوقراط” فلسطينية في الضفة وغزة، لافتا إلى أن وفدا من السلطة الفلسطينية سيزور القاهرة لمناقشة المبادرة المصرية، وقد رحب بأي جهد عربي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
كذلك أعلنت حركة حماس أنها تلقت مبادرات ومقترحات من عدة دول، وقالت إنها منفتحة على كل المبادرات التي تحقق وقفا شاملا للعدوان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وأضافت وهي تتحدث عن موقفها من التهدئة “شعبنا لا ينتظر هدنا مؤقتة يخرقها الاحتلال بمزيد من المجازر وجرائم الحرب الوحشية ضد المدنيين والأبرياء، وإنما وقفا شاملا للعدوان”.
يشار أيضا في هذا السياق، إلى أن الدكتور محمد الهندي نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي، نفى أي علم بما نشر عن رفض حماس والجهاد للمبادرة المصرية، مؤكدا الترحيب بأي جهد لوقف الاعتداءات على الشعب الفلسطيني، قبل الحديث عن تبادل الأسرى، مشيرا إلى أن المبادرة المصرية المطروحة تتحدث عن وقف العدوان الإسرائيلي على مراحل.
وأكد أن الفصائل الفلسطينية ستدرس المبادرة المصرية وتعلن موقفها حيالها، وقال “التوافق الفلسطيني هو الذي سيحدد شكل الحكم في الضفة وغزة”.
والجدير ذكره أن تقارير عبرية ذكرت أن إسرائيل تفحص المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار.
ويأتي طرح المبادرة المصرية في الوقت الذي وسعت فيه قوات الاحتلال عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، حيث تقوم في هذا الوقت بعمليات ترحيل قسري في العديد من المناطق الواقعة في وسط وجنوب القطاع، وتدفع السكان للرحيل صوب مناطق مزدحمة أكثر بالنازحين.
كما تواصل قوات الاحتلال ارتكاب المزيد من المجازر ضد الفلسطينيين، ما رفع عدد الشهداء إلى نحو 21 ألف شهيد غالبيتهم من النساء والأطفال، وكذلك ارتفاع عدد المصابين إلى أكثر من 54 ألف جريح.
وبسبب طول مدة الحرب وعمليات النزوح القسري للسكان من مناطق سكنهم إلى “مراكز الإيواء” الممتلئة فوق طاقتها، وإلى مناطق نزوح أخرى في ساحات عامة، وفي مناطق مفتوحة أقام بها النازحون خياما بلاستيكية، انتشرت بشكل خطير الكثير من الأمراض المعدية.