هي بالتأكيد “رسالة جديدة ” بالنار هذه المرة.
ساعات قليلة فصلت بين تصريح رئيس وزراء الأردن الدكتور بشر الخصاونة في قمة دافوس، بأن بلاده “ستحضر جلسات الاستماع” في إطار “محكمة العدل الدولية” لتعزيز شكوى الإبادة الجماعية، وبين إعلان بيان عسكري أردني ضمناً عن “إصابة عنصر عسكري” أردنيّ على الأرجح من الخدمات الطبية الملكية العاملة في قطاع غزة.
عملية إطلاق النار، التي دارت في محيط، وحتى داخل المستشفى الميداني الأردني الجديد في خان يونس، لا تزال مجهولة من حيث خلفيتها الأمنية.
لكن النتيجة، وحسب البيان الأردني، إصابة أحد مرتبات المستشفى برصاص وشظايا في القدم والساعد، دون اتضاح ما إذا كان عسكرياً أم موظفاً مدنياً، ثم إصابة مريض في داخل غرف المستشفى.
الاعتداء الإسرائيلي مباشر هذه المرة على المركز الطبي الأردني، وليس كالمرات السابقة، والتصريح التابع للقوات المسلحة تحدّثَ عن “اشتباكات” في محيط المستشفى قائلاً بأن حالة المصاب الذي جُرح بمنطقة الفخذ الأيمن واليد اليمنى متوسطة، وسيجلى جواً إلى المملكة لتلقي العلاج اللازم بتوجيهات ملكية سامية.
وبيّنَ المصدر أن مواطناً غزياً كان يتلقى العلاج في وحدة العناية المركزة أصيب أيضاً بشظية وعيار ناري خلال العدوان.
وأشار المصدر إلى أن المستشفى الذي تعرّض لأضرار مادية بالغة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل في محيطه، منذ ساعات أمس حتى صباح اليوم، سيواصل القيام بتأدية واجبه الطبي والإنساني تجاه الأهل في قطاع غزة.
وتؤشّر تفصيلات إطلاق النار داخل غرف المشفى، ثم تحطيم بعض إمكاناته، على أن إطلاق النار مقصود، وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها مباشرة أحد المقرات الطبية الأردنية، ما دفع المراقبين في عمان للتعامل مع قلق من “تصعيد محتمل”.
ولأول مرة أيضاً، يتحدث المصدر العسكري بلهجة “سياسية وقانونية”، عندما قال: “القوات المسلحة الأردنية” تحمّل إسرائيل كامل المسؤولية حول سلامة مرتبات المستشفى التي تقوم بواجبها الإنساني وفق القوانين والأعراف الدولية، وإن الاعتداء على المستشفى الميداني الأردني يمثّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وأكد المصدر كذلك بأن الحكومة الأردنية ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة جراء هذا العدوان، مشدّداً على ضرورة امتثال إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، لا سيّما القانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص الامتناع عن مهاجمة المستشفيات كأماكن محمية، وعدم اتخاذ أية إجراءات تحول، أو تعرقل قيام الكوادر الطبية من القيام بمهامها.
ووقع الحادث الجديد فيما أعلن الأردن رسمياً أنه سيحضر جلسات الاستماع، ويقدم مرافعات وإفادات لدعم وإسناد قضية جنوب أفريقيا في لاهاي، ما يوحي ضمناً بأن العلاقات الأردنية- الإسرائيلية وصلت إلى مستويات متقدمة جداً من التوتر، وشارفت على “التصادم” في أكثر من مسار.
وبدأت في الكواليس السلطات الإسرائيلية بمضايقة المساعدات التي تقرر أن يتولى الأردن نقلها براً إلى معبر كرم أو سالم، وسط تقارير دبلوماسية محلية ترجّح بأن موقف الأردن العلني في دعم المسار الجنوب أفريقي سياسياً وقانونياً تسبّب بتصدّع كبير في بنية منظومة الاتصالات والتنسيق بين الجانبين.