اسيا العتروس: نصرالله يقر بتفوق العدو عسكريا ولكن ماذا بعد؟

لا خلاف أنه اذا تكلم الامين العام لحزب الله انصت له الجميع بما في ذلك  قادة كيان الاحتلال قبل غيرهم والذين يبحثون دوما عن أي معلومة أو اشارة عن اي رد فعل محتمل للحزب بعد الهجوم السيبيرياني الارهابي  و غير المسبوق في لبنان و في العالم على الاقل بهذه الكثافة و هذا الاصرار على قتل و اصابة هذا العدد الكبير من المدنيين من نساء و اطفال في البيوت و الشوارع و الاسواق و المستشفيات بما يمكن اعتباره بمثابة عملية ردع و ترهيب استباقية للمقاومة اللبنانية مع اقتراب الذكرى الاولى لطوفان الاقصى في السابق من اكتوبر …

ولعله من المهم و قبل التوقف عند اهم رسالة توجه بها نصرالله للداخل و الخارج التذكير بانه ليست المرة الاولى التي يعمد فيها الموساد الاسرائيلي الى تنفيذ مخططات القتل و الاغتيال عن بعد و هو الذي دأب على ذلك و اكتسب التقنيات و الاليات بدعم من اكبر الاستخبارات العالمية .و هذا ما كان عميل الموساد السابق فيكتور اوستروفسكي كشفه في كتابه طريق الخديعة by way of deception و هو موسوعة خطيرة في مختلف جرائم الاغتيالات التي نفذها الموساد الذي بامكانه الحصول على المفاتيح الالكترونية المطلوبة للمطارات و اجهزة الاتصال و الفنادق و المصانع الكبرى و حتى ماوي السيارات في العواصم العالمية بما يؤكد ان في جراب هذا الكيان مسلسل من الاغتيالات من الكونت برناديت الى محمود الهمشري ممثل منظمة التحرير في باريس الى يحي عياش الذي تم تفخيخ هاتفه الى الشيخ ياسين  والعالم النووي الايراني محسن فخري زاده والقائمة طويلة جدا اذا ما اضفنا الحادث الذي ذهب ضحيته الرئيس الايراني السابق و فريقه في سقوط طائرته في ماي الماضي والذي بقي لغزا محيرا دون أن ننسى جريمة اغتيال اسماعيل هنية في مقر اقامته بالعاصمة الايرانية التي حل بها ضيفا فطالته يد الغدر التي تسللت عبر هاتفه ..وهو ما يجعلنا اليوم أمام واقع جديد من الحروب الالكترونية بلا ضوابط و هو ما يعني ايضا أنه مع التطور التكنولوجي الحاصل يجب توقع كل شيء من عدو يعتبر الفلسطينيين حيوانات بشرية و لا نخال موقفه من بقية العرب يختلف عن هذا التقييم و قد تدفعه وحشيته و نقمته و اصراره على اقتلاع اصحاب الارض و التخلص من المقاومة الى استهداف طائرات مدنية او حتى عواصم عربية و ما جريمة اجتياح بيروت  بالامر البعيد عن الاذهان ..و الاكيد أن كيان الاحتلال يستمد قوته من الدعم والتمويل الذي يحظى به من الغرب الذي يدعو اليوم حزب الله و حماس وايران الى ضبط النفس ويتجاهل جرائم البيجر والاسلكي التي اقترفها كما تجاهل قبل ذلك ما جرى ويجري من ابادة عرقية في غزة ..

وبالعودة الى خطاب نصر الله الذي استمر طوال نحو ساعة تحدث الامين العام لحزب الله خلالها  بانكسار و حزن عن الهجومين غير المسبوقين اللذين استهدفا لبنان بداية الاسبوع  ,وبعيدا عن المبالغة مكن القول أن  نصرالله كان مكسورا وهو ما اتضح من خطابه و اعترافه بأن ما حدث امتحان ثقيل وضربة قوية وغير مسبوقة وقد كرر هذا الكلام أكثر من مرة في حديثه وقال “تعرضنا لضربة قوية أمنية وانسانية غير مسبوقة في لبنان وفي العالم باستخدام أجهزة لاسلكي “.كما اعترف صر الله بتفوق العدو و بقدراته التكنولوجية التي يوفرها له  الغرب وأمريكا و حلف الناتو ..
طبعا من السابق لاوانه الحديث عما سيكون ليه رد فعل حزب الله بعد تصريحات أمينه العام  الذي شدد أن الفرق  التقنية المعنية و المختصين  بصدد التقييم والتحقيق لفهم ما حدث بما يمكن ان يكون تكتيكا مدروسا او يعني كذلك أن الحزب اختار التريث و عدم الانسياق وراء اي رد فعل قد لا يكون محسوب العواقب و يمكن ان تدفع بلبنان الى حرب شاملة يتكبدها الشعب اللبناني ..بعيدا عن المكابرة و بعيدا عن التبخيس والتيئيس فان العدو الاسرائيلي متفوق عسكري والاسباب كثيرة منها ما هو معلوم ومنها ما هو غير معلوم …هل بالامكان تقليص الهوة و قلب المعادلة ؟المسألة تحتاج  الى اكتساب السلاح الاقوى وهو سلاح التكنولوجيا  و المعرفة والعلوم وانقاذ وتحديث المدارس التي يدمرها الاحتلال ومعها يستهدف العقل والفكر وكل ما يمكن ان يبني مجتمعا قويا صلبا متمسكا باهدافه و بدفاعه عن الوطن والحق والهوية …
كاتبة تونسية