رحّب رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، اليوم الأربعاء، بأيّ جهدٍ يرمي إلى وقف العدوان على الشعب الفلسطيني، شاكراً مصر وقطر وكل الدول العربية التي تعمل بشكلٍ فاعل لإنجاح هذا الملف.
وقال اشتية في مقابلة خاصة مع الميادين تعليقاً على الورقة التي قدّمتها حركة “حماس” عن طريق الجانب القطري لوقف إطلاق النار والتهدئة في قطاع غزّة إنّ “هناك انقساماً كبيراً داخل الحكومة الإسرائيلية فهناك طرف يريد الورقة وطرف آخر يرفضها”.
وأضاف: “نحن نعلم من اليوم الأول أنّ أجندة رئيس الحكومة الإسرائيلية هي الاستمرار في العدوان على الشعب الفلسطيني”، معتبراً أنّ الشيء الوحيد الذي حققته “إسرائيل” في قطاع غزّة هو “قتل 27000 من أبناء الشعب الفلسطيني شهداء”، إضافةً إلى إصابتها أكثر من 67 ألفاً، وتدمير نحو 281 ألف وحدةٍ سكنية.
ورحّب اشتية بكل جهد يوقف العدوان، ويؤدي إلى “الإفراج عن الأسرى”، ويوقف التهجير الممنهَج الذي تريده “إسرائيل”، مُشدّداً على أنّ التهجير مستمر “ولا سيما بعد حشر مليون و700 ألف فلسطيني في رفح، وهي منطقة جغرافية صغيرة لا تتعدى ربع مساحة قطاع غزّة”.
مصلحة الولايات المتحدة الوصول إلى تفاهمات
وعن زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم، إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أشار اشتية إلى أنّه من مصلحة الولايات المتحدة الوصول إلى تفاهمات، مُضيفاً أنّ قدرتها على الضغط على “إسرائيل” أصبحت محدودة جداً، ومردفاً أنّ نتنياهو قادر على ابتزاز الإدارة الأميركية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، كما أكّد أنّ الضغط الأميركي لإيقاف العدوان غير جاد أيضاً.
ورأى أنّ من مصلحة نتنياهو استمرار الحرب أطول وقت ممكن لأنها تضمن بقاءه في منصبه، مبدياً شكّه في قيام “إسرائيل” بتنفيذ كل بنود صفقة الاتفاقٍ، حتى لو عُقدت، مُذكّراً بأنّ “التاريخ يشهد على عدم التزامها الاتفاقيات”.
كما أوضح أنّ مصلحة نتنياهو لا تتوافق مع إيقاف الحرب، على الرغم من أنّه لم يحقق أيّاً من أهداف الحرب المعلنة، ومُشدّداً على أنّ نتنياهو “دمّر غزّة، وقتل أولادنا، واستطاع أن يجعلها غير قابلة للعيش مرّة أخرى”.
نريد انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من قطاع غزّة
أما عن اليوم التالي للحرب على غزّة، فقال اشتية إنّنا “لا نريد اليوم التالي لقطاع غزّة بل اليوم التالي لجميع الأراضي الفلسطينية، ولا سيما الضفة الغربية”، مطالباً بأن يكون هناك مسار سياسي يؤدي إلى “حلّ الدولتين”، ومضيفاً أنّه في اليوم التالي للحرب “نريد انسحاباً إسرائيلياً كاملاً من قطاع غزة، وما يهمنا اليوم هو وقف القتل والعدوان”.
وأفاد بأنّ السلطة لم تغادر قطاع غزّة لأنه جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، مبيناً أنّ السلطة لديها نحو 50 ألف موظف داخله، مؤكداً أنّ عودة السلطة إلى القطاع يجب أن تكون في إطار تفاهم وطني فلسطيني – فلسطيني.
التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية إجبارية
ورأى اشتية أنّ الحرب الإسرائيلية الممنهجة ليست فقط على الدولة الفلسطينية، وعلى الشعب الفلسطيني وحسب، إنّما على الوجود الفلسطيني.
وتابع: “مللنا الحديث عن عملية السلام ولسنا مستعدين للذهاب إلى مسار سياسي مررنا فيه 30 سنة”، مردفاً بقوله: “نريد أن يبدأ العالم الاعتراف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس وحق العودة للاجئين، وذلك من خلال عقد مؤتمر دولي يفضي إلى الاعتراف بدولة فلسطين”.
ولفت إلى أنّ التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية يجب أن تكون إجبارية ولا يمكننا الاستمرار في حال الانقسام، مضيفاً أنّ “أيدينا وقلوبنا مفتوحة”، كاشفاً أنّ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، سيزور قطر قريباً، مبدياً الاستعداد لاستمرار الحوار.
وكشف اشتية أنّ السلطة بدأت في وقتٍ سابق بالحوار مع حركة “حماس” في مدينة العلمين المصرية، وأنّ لجنة متابعة شُكّلت، مؤكّداً إرادته لهذه اللجنة أن تباشر عملها فوراً من أجل إنجاز رؤية وطنية شاملة، يتم الاتفاق من خلالها على برنامج سياسي وأدوات النضال في مواجهة الاحتلال حتى التحرير.
خطة “مارشال” لإعادة إعمار غزّة
وعن طلب حركة “حماس” الانضمام إلى منظمة التحرير، وتدخل السلطة الفلسطينية في قطاع غزة خلال فترة الحرب قال اشتية إنّ “حماس” لم تطلب ذلك صراحةً، مؤكداً أنّ أي طرف يريد تحرير فلسطين يجب أن يكون في إطار منظمة التحرير وضمن برنامجها.
وأشار إلى أنّ المسؤولية عن قطاع غزة “صعبة جداً، ونحتاج لإعماره إلى خطة مارشال بالتعاون مع البنك الدولي، والاتّحاد الأوروبي، والأمم المتّحدة، مُشيراً إلى أنّ هذه الخطّة يجب أن تتكون من ثلاثة مفاصل، وهي الإغاثة، وإعادة الإعمار، والإنعاش الاقتصادي، ومُشدّداً على الحاجة إلى جهدٍ وطني متماسك حتى تتم معالجة التحديات.
نرفض الوصاية على غزّة
أما عن وضع غزّة تحت الوصاية من قبل طرف خارجي، فرفض اشتية أن تكون هناك إدارة منفصلة لقطاع غزة، لأنّ هناك مشهداً فلسطينياً واحداً معترفاً به أمام العالم، رافضاً أيضاً وضع غزّة تحت وصاية عربية أو أممية، لأنّ القيادة الفلسطينية ليست عاجزة.
ومع ذلك، أكّد أنّه ما من اتفاقيات أبرمت مع “إسرائيل” قابلة للتنفيذ ولا يمكن أن نعود إلى هذه الاتفاقيات.
حصار مالي تنفذه “إسرائيل”
ورداً على سؤال بشأن الحصار المالي الذي تتعرّض له السلطة الفلسطينية، ووضع الاقتصاد الفلسطيني السيئ في الضفة الغربية، قال اشتية “نحن تحت حصارٍ مالي إسرائيلي، والسلطة الفلسطينية تحتاج إلى تفعيل شبكة الأمان المالي العربي”.
وتابع: “نحن لا نسيطر على معابرنا، لذلك فإنّ إسرائيل تجبي الضرائب نيابةً عنا وهي أموالنا”، لافتاً إلى أنّ الحصار المالي على السلطة بدأ بذريعة دفع رواتب ومساعدات لأُسَر الأسرى والشهداء، ليؤسّس لاتهامٍ إسرائيلي بأنّ السلطة “تشجع الإرهاب”، مُضيفاً أنّه على الرغم من ذلك “استمرينا بمساعدة أولادنا من أُسر الأسرى والشهداء، وهذا التزام وطني وديني وأخلاقي”.
وأضاف اشتية أنّه بعد السابع من أكتوبر قالوا إنّ “السلطة تدفع المال لقطاع غزّة”، مؤكّداً أنّ هذا صحيح، ومضيفاً: “نحن ننفق على قطاع غزة شهرياً نحو 140 مليون دولار، أي ما يساوي 1.7 مليار دولار في السنة وهذا يُشكّل 35% من الموازنة الفلسطينية”.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني للميادين إنّ الإسرائيليين قالوا “بما أنكم تنفقون على غزّة، وهذا أمرٌ ممنوع، فإننا سنقطع الأموال عنكم”، ليطالب اشتيه بتفعيل شبكة الأمان المالي العربي التي أقرّتها القمم العربية المتعاقبة والمتتالية ولم تُنفَّذ.
تحرّك عربي لوقف العدوان
وعلّق اشتية على موقف الدول العربية، قائلاً إنّ هناك تحركاً عربياً واسعاً لوقف العدوان وإيصال المساعدات وهذا ما أفرزته القمة العربية الأخيرة بقيادة السعودية.
وعقّب بقوله: “نحن نحتاج إلى جهدٍ عربي من أجل إعادة الإعمار، ولا سيما أنّ بعض الدول العربية تشترط للمساعدة في إعادة إعمار غزة وجود أفق سياسي.
الانتخابات ضامنة لاستمرار المشروع الوطني
وشدد اشتية على أنّه لم تفرض أي دولة القيام بإصلاحات، مضيفاً “عملنا على إنجاز خطّة للإصلاح بالاتّفاق مع الرئيس وأقرّتها وصاغتها الحكومة”، واصفاً الانتخابات في فلسطين بأنّها “ضمان استمرارية المشروع الوطني الفلسطيني”.
وبشأن، الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، أردف اشتية أنّه “نريد أن يخرج الأسير مروان وجميع الأسرى من السجون قبل أن نرسم ملامح المستقبل”.