تشير كافة توقعات الخبراء الاقتصاديين بأن العام 2024 المقبل سيكون سيئا من الناحية الاقتصادية بالنسبة للمواطنين في إسرائيل: “معظمنا سيكون أكثر فقرا – أو أقل ثراء، كلٌ بحسب وضعه – والاستهلاك سيكون أقل، وكذلك الصفقات التجارية. وهذه ليست توقعات مفاجئة، لأننا في حرب، والسؤال هو: كم سيكون التراجع؟”، وفق تقرير نشرته صحيفة “ذي ماركر” الاقتصادية اليوم، الأحد.
وجاء في تقرير نشره بنك إسرائيل، الأسبوع الماضي، أن الناتج الإسرائيلي سيرتفع بنسبة 2%، العام المقبل، لكن الصحيفة وصفت ذلك بـ”توقعات متفائلة جدا”. وأشارت تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية أن النمو الاقتصادي سيكون بنسبة 1.6%، إذا انتهت الحرب على غزة بحلول نهاية الربع الأول من العام المقبل. لكنها نشرت أيضا تقديرات أكثر تشاؤما، وأن النمو سيكون 0.2% فقط، إذا استمر التوتر الأمني حتى نهاية العام المقبل.
إلا أن تقريرا نشرته وكالة “موديز” للتدريج الائتماني، قبل أسبوعين، أشار إلى أن الناتج للفرد في إسرائيل سينخفض العام المقبل بنسبة 15%، ومن 54.3 ألف دولار في العام 2022 إلى 46 ألف دولار في العام 2024، وأنه لن يكون هناك مواطنا في إسرائيل لن يشعر بتراجع كهذا.
وينشر الخبراء الاقتصاديون في “موديز”، خلافا للخبراء في إسرائيل، معطيات كثيرة. ويرون أن انخفاض الناتج للفرد سيكون نتيجة تراجع مؤشرات عديدة، بينها أن سعر صرف الدولار سيصل إلى 4.3 شيكل في نهاية العام المقبل، والاستثمارات الأجنبية ستكون أقل من 3 مليارات دولار، أي ربح الاستثمارات في العام الحالي، والتضخم المالي سيرتفع إلى 5%، ونسبة البطالة سترتفع إلى 4.1%.
وفي حال انخفاض الاستثمارات الأجنبية، العام المقبل، بسبب حرب طويلة كالتي يتحدثون عنها في إسرائيل، فإن قطاع الهايتك والعاملين فيه سيكونون المتضررين الرئيسيين. ويشار إلى أن الهايتك هو المحرك الاقتصادي في السنوات الأخيرة، وخلال سنوات جائحة كورونا بشكل خاص.
وبين مؤشرات التراجع الاقتصاد، فرع السياحة الوافدة، ومدخول من الدولارات، وهو متوقف كليا حاليا. كما أن السياحة المغادرة في حالة ركود شديد، على إثر توقف الرحلات الجوية لشركات الطيران الأجنبية إلى إسرائيل. وتراجع فرع الرفاه بعشرات النسب المئوية، ويفيد سائقو سيارات الأجرة بانخفاض دخلهم بأكثر من 50%، وفقا للصحيفة.
وفي هذه الأثناء، مئات الآلاف من سكان البلدات القريبة من حدود غزة ولبنان لم يعودوا إلى بيوتهم، وعودتهم ليست متوقعة في الأسابيع القريبة، كما أن أكثر من 100 ألف موظف أخرجوا إلى إجازة بدون راتب.
ووفقا لتوقعات “موديز”، فإن الودائع الشخصية ستنخفض بأكثر من 5%، العام المقبل. والواردات التي معظمها مواد استهلاكية وانخفضت بحوالي 15% العام الحالي، ستنخفض بحوالي 14% أخرى في العام المقبل. وهذا يشكل المثال الأوضع لتراجع الاستهلاك الشخصي ومستوى المعيشة.
وستكون الفئات الضعيفة في إسرائيل أكثر المتضررين من هذا التراجع الاقتصادي الذي سببته وستسببه الحرب على غزة. وستضطر البنوك إلى تسجيل مبالغ آخذة بالارتفاع على أنها “ديون ضائعة” وتقديم تقارير تظهر تراجعا في أرباحها. لكن إحدى نتائج الحرب والركود الاقتصادي ستكون باتساع انعدام المساواة والفجوات بين الفئات السكانية، علما أن المواطنين في المجتمع العربي ينتمون إلى هذه الفئات الضعيفة اقتصاديا.
وخلصت الصحيفة إلى أن “السياسة هي التي ستقرر ماذا سيحدث للجمهور ولمستوى معيشته. وطالما أن الحكومة والكنيست ستكون تحت سيطرة رئيس حكومة وائتلاف لا توجد لديهم محفزات على إنهاء الحرب، خوفا من رد فعل الجمهور المتوقعة في نهاية الحرب، وطالما تدار وزارة المالية ووزارات مركزية أخرى بأيدي وزراء فاشلين وتتركز مصلحتهم بالبقاء سياسيا، سيستمر تدهور الاقتصاد وحتى أنه سيتسارع”.