صحيح أن عدوان متطرفي الصهاينة على المسجد الأقصى ليس أمراً جديداً بل هو عادة تتكرر سنوياً في مثل هذا الموعد والمناسبة وغالباً ما تحصل أيضاً في مناسبات وظروف أخرى. فهي واحدة من التعبيرات الأكثر شراسة احتلالية توسعية وعدوانية دموية ودينية للحركة الصهيونية ودولتها بكل تشكيلاتها ومستوياتها وإداراتها وأجهزتها.
الهجوم على المسجد الأقصى جاء هذه المرة من المرات الأكثر فظاظة وعدوانية ودموية، إضافة الى زيادة عالية في عديد قوات الأمن التي لم تكتف بإسنادها المكشوف للمقتحمين، بل هي من اقتحم المسجد الأقصى واعتدى وبوحشية على المواطنين من أهل البلاد المرابطين والمصلين فيه والمدافعين عنه ضد العدوان بكل بطولة صد وتحد.
يشهد على ذلك ويؤكده حجم المدافعين والمشتبكين من المصلين وعدد الإصابات في صفوفهم، ثم عدد الذين قامت قوات الاحتلال باعتقالهم.
إن همجية الاقتحام التي شاهدها العالم كافة صدمت حتى حلفاء وأصدقاء دولة الاحتلال وأشد المدافعين عنها.
وهنا لا يمكن أن يكون حجم ووحشية الهجوم منعزلاً تماماً عن الحال المضطرب والمتأزم الذي تعيش فيه دولة الاحتلال.
أساس ومكون الأزمة هو التشكيل الوزاري الذي يحكم دولة الاحتلال برئاسة نتنياهو. وهو تشكيل يقوم في كليته تقريباً على فكر يميني شديد التطرف والتخلف والعدوانية في نفس الوقت وعلى التبادل المساوم في السياسات والمصالح والمواقع بين اطرافه.
ولكن هذا التشكيل يتفق تماماً، ويجتمع على السياسات الأكثر عدوانية تجاه الفلسطينيين أهل البلاد الأصليين.
العنوانان الرئيسيان لهذه السياسة ضد الفلسطينيين هما: أولاً العنف والاضطهاد بأعلى درجاته وأكثرها دموية ضد أهل الوطن، ثم التوسع الاستيطاني بلا قيود ولا حدود وعلى مساحة كل أراضي الوطن الفلسطيني المحتل.
اما عناوين هذه السياسة فيما يتعلق بدولة الاحتلال ومجتمعها فهي عديدة وكلها تجتمع على إحداث تغييرات في العديد من مؤسسات دولة الاحتلال والأسس التي تقوم عليها لصالح الأحزاب التي تشكل هذه الوزارة وتحكمها، ولصالح تحكمها في مجريات الأمور في دولة الاحتلال وسيطرتها على مسارها وسياساتها ومواقفها وعلى كل المستويات وفي جميع المجالات.
وكان اول مشاريع التغيير التي تم الإفصاح عنها والتقدم بها رسمياً للتبني والإقرار من قبل برلمان دولة الاحتلال (الكنيست) تلك المتعلقة بالقضاء ومؤسساته وهيئاته والقواعد والقوانين التي يقوم عليه وتحكم مساره وتحكم تشكيل هيئاته.
ترافق ذلك، مع التقدم الرسمي بهذا التغيير إلى سلك القضاء، إضافة إلى التقدم بإجراءات أخرى تلبي أساساً رغبة المحاصصة بين القوى المشكلة للحكومة القائمة ولا تتطلب او تشترط الإقرار من الكنيست. ووصلت مثلاً الى درجة قرار من رئيس الوزراء بإقالة وزير جيش الاحتلال، وقرار وزاري بتشكيل ما تعتبر ميليشيا تتبع الوزير بن غفير، وعدة تعديلات أخرى لصالح هذا الوزير أو ذاك وأحزابهم.
مجموع هذا وغيره من الدوافع والرغبات هو ما أوصل الأمر الى حالة أزمة في علاقة الحكومة مع نسبة عالية (تصل الى الأغلبية ربما) من مواطني دولة الاحتلال.
وقد عبرت الأزمة عن نفسها بأكثر من شكل وأكثر من مستوى وتصرف، أهمها وأبرزها التظاهرات بمئات الآلاف تملأ شوارع تل أبيب وعديد المدن الرئيسية الأخرى وتستمر وتتواصل لأسابيع وليس فقط لأيام.
ساهم في تعزيز المصداقية حول وجود الأزمة في حكومة دولة الاحتلال المؤشرات والتعبيرات عن سوء العلاقة، أو بالحد الأدنى عدم توفر الانسجام بينها (حكومة دولة الاحتلال)، وبين الإدارة الأميركية التي عبرت عن نفسها في أكثر من موقف وأكثر من مستوى.
ويأتي التصعيد العسكري مؤخراً ضد قطاع غزة وضد منطقة صور في لبنان كأحد تجليات هذه الأزمة. إذ إن نتنياهو وبالرغم من إعلانه أن دولته قادرة على الرد على كل الجبهات العسكرية التي قد تفتح، وأنه سيضرب بقوة بالغة للغاية، نرى ان قرار رد العدو على صواريخ المقاومة جاء محسوباً بدقة وبالموازنة بين ضرورة الرد من جهة وعدم توسيعه من جهة أخرى. أي أنه رد فوق الصفر وتحت التوريط.
وبالرغم من احتواء التصعيد العسكري الآن، فإن تصعيد العنف العنصري والتطهير العرقي المتدرج وقضم الأراضي الفلسطينية سيستمر، وذلك لكون هذه السياسات تترجم أيديولوجياً حكومة دولة الاحتلال.
وستبقى محاولات دولة الاحتلال إحكام السيطرة على مدينة القدس بمقدساتها وأهلها مستمرة، وبالمقابل سيبقى أهل الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه خير من يذود عنه. وستبقى القدس كما هي دوماً بوصلة هذا الشعب العظيم.
الأقصى في عين العاصفة ومحتل مأزوم..صادق الشافعي
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0
هل لديك سؤال؟
تابعنا على السوشيال ميديا او اتصل بنا وسوف نرد على تساؤلاتك في اقرب وقت ممكن.