استيقظ أهالي مخيم جنين على مشهد صادم اليوم، الأربعاء، بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منه، خلال الليلة الماضية. وقال سكان في المخيم إن المشهد يوحي بأن زلزالا ضرب المخيم ودمر الكثير من منازله وقلب أحياء رأس على عقب. لكن لسان حالهم يقول لن ننكسر، ولم ننهزم، وإعادة البناء ليست بالأمر الصعب.
في شارع السكة أحد أبرز شوارع مخيم جنين، دمر الاحتلال البنية التحتية بشكل كامل، وانقطعت الكهرباء ومياه الشرب والهواتف الأرضية، وبصعوبة يمكن السير مشيا على الأقدام.
وعلى جنبات الشارع عشرات المركبات المدمرة التي تحولت إلى كومة من الحديد، وبيوت حرقت وأخرى دمرت جزئيا أو كليا.
الدمار والركام في كل مكان، ومع الانتقال من حي إلى آخر يبقى المشهد متكررا، حرق وقصف ومركبات مدمرة.
ومع إعلان الاحتلال انتهاء عدوانه، صباح اليوم، بدأت تعود الحياة إلى شوارع المخيم، وعاد النازحون إلى بيوتهم يتفقدون ما تبقى من ممتلكاتهم.
واستخدم جيش الاحتلال في عدوانه على المخيم طائرات ومروحيات مقاتلة وأخرى مسيرة فيما اجتاحته قوات برية، منذ فجر أول من أمس، لاستهداف المقاومين فيه، ما أدى إلى استشهاد 12 فلسطينيا وإصابة نحو 120 آخرين بينهم 20 في حالة حرجة.
وقالت سيدة تجلس عند مدخل بيتها في شارع السكة، وتعرف نفسها بـ”أم أحمد”، إن قوات الاحتلال “دمروا كل شيء، الحي كأنه فُجّر بالكامل، دخل الجيش منازلنا ليلا وأجبرنا على الرحيل. وأضافت أنه “عدنا فجرا كأننا في مكان غير مكاننا”.
ولفتت أم أكرم حمدان، بينما كانت في طريق عودتها إلى منزلها بعد أن أجبرت على النزوح، إلى أن “كأن زلزالا ضرب المخيم، لا شيء كما السابق، دُمر كل شيء، بقيت عزيمتنا فقط”. وتشير إلى أن المخيم عاش حربا كما جرى في اجتياح العام 2002.
وأضافت أم أكرم التي تسكن في حي المطاحن أنه “لا نملك شيئا سوى بيتنا. وبعد نزوحنا اقتحمه الجيش وعاث فيه فسادا”، ولفتت إلى ساعات من الخوف والرعب عاشتها عائلتها بفعل القصف الإسرائيلي.
وفي حي الحشاش جنوبي المخيم، والذي يطلق عليه أيضا “حي الفلوجة” نسبة إلى حي الفلوجة في العراق، شرع عشرات الفلسطينيين في إزالة الركام من الشوارع.
أحمد الغول (29 عاما)، صاحب منول استهدف بقصف إسرائيلي، يعمل مع رفاقه على إعادة ما يمكن إعادته. وأفاد بأن جيش الاحتلال قصف منزل عائلته، ما أدى لتدمير جدران الطابق الأرضي، فيما أحرق المنزل المكون من ثلاثة طوابق بشكل كامل.
وأضاف الغول، رغم ما حلّ به، أن “الجيش الإسرائيلي هُزم ولم يحقق أي مكاسب. مخيم جنين بخير والشباب بخير”.
وفي حي الساحة وسط المخيم، يتفقد جميل طالب (42 عاما) الدمار الذي خلفه العدوان الإسرائيلي. وقال إن جيش الاحتلال دمر مركبته الشخصية، واقتحم منزله وحوله إلى ثكنة عسكرية، وأنه عاش مع عائلته وأطفاله ساعات من الرعب. وأضاف: “الدمار لا يوصف”.
وفي حي الدمج، والذي شهد أعنف الاشتباكات بحسب السكان، بدت آثار العملية في كل مكان، ولم يسلم منها مسجد الأنصاري. ويتفقد السكان الطابق الأرضي للمسجد، حيث فجره الاحتلال بالقنابل، ويقولون إن عبوات متفجرة ما تزال أسفله.
بدوره، قال القيادي في حركة فتح بمخيم جنين، جمال حويل، إن “الجيش الإسرائيلي انسحب من مخيم جنين مهزوما”. وأضاف أن “الجيش عندما بدأ عمليته العسكرية في جنين أعلن عزمه القضاء على مئات المسلحين، لكنه فشل، لم يعتقل أيا منهم”. وأشار حويل إلى أن من بين الشهداء 3 مقاومين فقط.
ولفت حويل إلى أن فصائل المقاومة في مخيم جنين قاومت العدوان الإسرائيلي وفق خطة مدروسة، شارك فيها كافة فصائل المقاومة موحدة، مشددا أن الجيش الإسرائيلي تعرض لخسارة كبيرة، ووقع مرات عدة في كمائن معدة مسبقا.
وتابع: “صحيح فُجرت منازل ومقرات ومعامل ودمرت البنية التحية، لكن المسلح والبندقية بخير”.