أصدرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية تقريرها السنوي حول اعتداءات الاحتلال على المسجد الأقصى والحرم الابراهيمي، وسائر دور العبادة خلال العام 2021.
وقال وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ حاتم البكري ان العام 2021 شهد أحداثا وتحديات خطيرة أحاطت بالقدس، والمسجد الأقصى، والحرم الابراهيمي من تصاعد هجمة الاحتلال، وعمليات التطهير العرقي بحق المقدسيين، والاقتحامات الكبيرة في الكم والنوع للأقصى، التي بلغت 245 اقتحاما، حيث اقتحمه أكثر من 34 ألفا من المستوطنين، وأبعاد أكثر من 300 شخص عنه، واغلاق أبوابه لأكثر من 9 مرات، واستباح مساجده الداخلية أكثر من مرة.
وأضاف البكري، أن الاحتلال الإسرائيلي أَغلق المسجد الابراهيمي 11 يوما، بحجج الأعياد اليهودية، ومنع رفع الأذان فيه لـ633 وقتا، فيما اقتحم وأوقف الأعمال في 10 مساجد، ودمر عشرات المساجد بقطاع غزة، اثر العدوان الظالم على القطاع، مبينا أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل تعداه للتعرض لحرمة المقابر لتتجاوز انتهاكاته لهذه المقابر 18 تدنيسا، إلا أن ذلك لم يثن المقدسيين عن صمودهم، وتصديهم لمخططات الاحتلال.
“تهويد وتحريض” تسارعت الأحداث في المسجد الأقصى، وما يحاك ضده، حيث عرضت ما تسمى “جماعات الهيكل” على حكومة الاحتلال مقترحا لعرضه على الأوقاف الإسلامية في القدس، لتفكيك مسجد قبة الصخرة لإقامة “الهيكل المزعوم”، وطالبت جماعات متطرفة ببناء مدرسة تلمودية في الساحة الشرقية للمسجد الأقصى.
وفي تعدٍ خطير، أقدم مساحون إسرائيليون على إجراء أعمال مسح وأخذ قياسات في باحاته، وفي صحن قبة الصخرة، وتكرر منع لجان اعمار المسجد الاقصى من القيام بأعمالهم والاعتداء عليهم، وأقدم حاخام على نشر صورة لقبة الصخرة المشرفة، مع إعلان الحاجة لمهندس متخصص في هدم المنشآت والمباني.
وواصل الاحتلال أعمال التهويد، والحفريات في ساحة البراق، وفي سور القدس الغربي، وتعدٍّ على جسر المغاربة الاثري، وقام مستوطنون بالبكاء والصلاة العلنية داخل الأقصى، بسبب عدم “بناء الهيكل” حتى اللحظة، وشرعت سلطات الاحتلال بإعادة ترميم كنيس يهودي يقع غرب المسجد على بعد 250 مترًا بعد عقود من إقامته على أرض إسلامية في “حارة الشرف”.
وفي تطور خطير تجدّدت الدعوات لإدراج المسجد الأقصى كموقع إلزامي على جدول زيارات المدارس الإسرائيلية، والمطالبة بفتح الأقصى لليهود خلال رمضان، وزيادة عدد أبواب الأقصى المخصصة للاقتحامات، وتعديل “قانون الأماكن المقدسة”، ليشمل الأقصى باعتباره معلما دينيا يهوديا، إلى جانب حائط البراق، وزيادة أوقات الاقتحامات خلال فترة ما بعد الظهر، واغلاق الأقصى أمام المسلمين في الأعياد اليهودية، وإمكانية فتح الأقصى للاقتحامات في أيام السبت.
ورصد التقرير اعتداء جنود الاحتلال على المصلين بشهر رمضان، ووجهت مؤسسة “تراث جبل الهيكل”، رسالة إلى وزير “الأمن الداخلي” طالبته بالسماح لليهود بإدخال صناديق وأكياس الطعام والشراب إلى الأقصى، والسماح لهم بتناولها داخل ساحاته في نهار رمضان.
وفي تطور لافت، أدت ما تسمى جماعة “العودة إلى جبل المعبد” الانبطاح على الأرض، وأدت ما يسمى بـ”السجود الملحمي” على ثرى الأقصى، ثم ردّدوا صلوات “الشماع التوراتية” بأعلى صوتهما في المنطقة الشرقية، وجرى النفخ بالبوق في المسجد، وأداء صلوات علنية بلباس التوبة التوراتي، والسماح للمستوطنين بالصلاة الصامتة، وتم رفع علم الاحتلال في ساحاته، وقدم حاخامات شروحات عن طريقة أداء “الحج التوراتي” داخل المسجد، ويُخطط لاستثمار الأعياد ضمن أجندة ما يسمى “التأسيس المعنوي للمعبد”.
وشهدت العاصمة القدس والمسجد الأقصى خلال شهر أيار الماضي أَحداثا جسام، حيث سخَّر الاحتلال ومستوطنوه كل قواهم وبطشهم ضد القدس والمسجد الاقصى، وبالمقابل سطر المقدسيون واهل فلسطين أروع ملاحم البطولة والفداء دفاعا عن مدينتهم وقبلة المسلمين الأولى، وأفشلوا العديد من مخططات الاحتلال، خاصة مسيرة الأعلام، وأفشلوا دعوات ما تسمى جماعات المعبد لاقتحام الأقصى، بالتزامن مع ما يسمى بـ”عيد نزول التوراة “، كما أفشلوا برباطهم وصمودهم اقتحام الـ28 من رمضان، الذي حشدت له جماعات المعبد منذ شهور، وكذلك مخططات المستوطنين بيوم ما يسمى “يوم القدس”، واستمرار التحريض والوعيد للمسجد الأقصى كل طالعة فجر، فنشرت جماعات المعبد المتطرفة صورة للمسجد الأقصى مكتوب عليها “على الحكومة الإسرائيلية أن تستيقظ، فلا حاجة لقصف الأبراج في غزة، بل يجب إزالة مبنى واحد في القدس”، ومن المشاريع الخطيرة “مشروع كيدم الاستيطاني”، الأضخم المطل على الأقصى مباشرة.
وفي شهر تموز، مارس الاحتلال أقصى درجات القوة ضد المصلين والمرابطين، وشهد اقتحام المستوطنين للأقصى في يوم عرفة، وأقدمت على قطع أسلاك مكبرات الصوت داخل المسجد، واقتحمت مأذنته، وأغلقت أبواب المصلى القبلي بالسلاسل الحديدية، وحاصرت عشرات المصلين والمرابطين والمرابطات داخله، ومنعت طواقم لجنة الاعمار من القيام بعملهم عدة مرات، وبصور شتى، وبالمقابل يمارس الاحتلال أعمال حفرياته وتهويده أسفل وفوق وفي سماء الأقصى، والقدس بصور مختلفة.
وشهد عام 2021، تطورات متسارعة ومحاولات إسرائيلية حثيثة لتغيير الوجه الحضاري والتاريخي والديموغرافي للمدينة، فسخرت سلطات الاحتلال كل إمكانياتها لفرض وقائع جديدة على الأرض، ومسح هويتها العربية والإسلامية، ومارس سياسة الابعاد بحق العديد من الشخصيات الدينية ومنها خطيب المسجد الاقصى الشيخ عكرمة صبري.
“الاعتداء على المقابر”: ولم يسلم الأموات من بطش المحتل، كما كشف التقرير، حيث جرف ونبش العديد من القبور وخاصة مقبرة اليوسفية التي حولها لحدائق عامة، ومقبرة الرحمة التي يطالها الاعتداء على الدوام، ومقبرة الشهداء، وفي الخليل أَخطر الاحتلال بوقف الترميم في المقبرة الإسلامية شرق يطا، ولم تسلم الاماكن الدينية المسيحية، من الاعتداء، حيث اعتدى مستوطنون على الكنيسة الرومانية.
“المسجد الإبراهيمي”: واصل الاحتلال سياسته التهويدية والحصار ضد الحرم الإبراهيمي، عبر أعمال الحفريات والتفتيش، ومنع لجان الإعمار من القيام بواجباتهم، وصادقت محكمة الاحتلال على تنفيذ بناء مصعد للمستوطنين فيه، وأقدم مستوطنون على إجراء عمليات مسح هندسي لأحياءَ محيطة في الحرم الإبراهيمي الشريف، وأقدمت سلطات الاحتلال على رفع أعلام الاحتلال على جدران الحرم الابراهيمي بحجة الاعياد، واقتحم رئيس دولة الاحتلال وعدد من المستوطنين الإبراهيمي، خلال احتفالهم بإضاءة الشمعدان.
وعادة ما يتخذ الاحتلال من أعياده فرصة لممارسة شتى السياسات ضد الفلسطينيين، ومقدساتهم، وأرضهم، وحدد الاحتلال عدة أيام من الأسبوع لعمل موظفي الإطفاء بالإبراهيمي، ما يعيق ويعرقل العمل وانجازه حسب المطلوب، ومنع من إصلاح السماعات الخارجية للمسجد، واقتحم عشرات الجنود منطقة الاسحاقية. وعقد الاحتلال اجتماعا له في منطقة الباب الشرقي من الحرم في تعدٍّ واضحٍ وانتهاكٍ فاضحٍ لإسلامية المكان، كما وضع شمعدان فوق جدرانه الخارجية، وفي أعيادهم تمت استباحته بالكامل وسط صلوات وأناشيد ورقص ماجن، ولا يزال الاحتلال حتى اليوم يواصل أعمال التجريف في ساحات الإبراهيمي الخارجية.
“اقتحام المقامات الإسلامية” كشف التقرير جملة من الاقتحامات للمقامات الاسلامية كما حدث في مسجد ومقام النبي موسى جنوب أريحا، وفي بلدة تقوع اقتحم مئات المستوطنين مقام “بير موسى”، وفي بني نعيم بمحافظة الخليل أوقف الاحتلال أعمال الترميم، وهدم المنجز منها في مقام ” اليقين”، وكذلك الاقتحامات المتكررة لقبر يوسف في نابلس، والمقامات بكفل حارس.