الإمارات في يومها الوطني الـ 53 .. نهضة شاملة تقودها “رؤية 2031”

تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبًا، غدًا الاثنين 2 ديسمبر 2024م بالذكرى الثالثة والخمسين لقيام اتحادها الذي نضج بإجماع حُكام إمارات “أبو ظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، والفجيرة، وأم القوين” في الثاني من ديسمبر عام 1971م، واتفاقهم على الاتحاد فيما بينهم، حيث أقروا دستورًا مؤقتًا ينظم الدولة ويحدد أهدافها، قبل أن تعاضدهم إمارة “رأس الخيمة” بانضمامها إلى الاتحاد في العاشر من شهر فبراير عام 1972م. وتشاطر المملكة حكومة وشعبًا إخوانهم في الإمارات مشاعر الاعتزاز بما تحقق، والتطلع نحو مستقبل مشرق، مرتكزين على قوة العلاقات التي تربط البلدين، والأواصر الضاربة جذورها في أعماق التاريخ، إضافة إلى عمق الروابط الدينية والثقافية، وهي في مجملها عوامل تقارب وتوحد عززتها الرقعة الجغرافية المشتركة. وعزز العلاقات الثنائية بين المملكة ودولة الإمارات الزيارات التاريخية بين قيادتي البلدين، وصولًا إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة -حفظهما الله-.

وتتألف دولة الإمارات العربية المتحدة من سبع إمارات هي: “أبو ظبي، ودبي، والشارقة، ورأس الخيمة، والفجيرة، وعجمان، وأم القيوين”، وتعد من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من (4) عقود متصلة، ويتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي؛ وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها. وترجع قصة علم دولة الإمارات إلى تاريخ الثاني من ديسمبر 1971م، وحسب المرسوم الرسمي لإنشاء العلم، يكون علم دولة الإمارات العربية المتحدة، مستطيل الشكل، طوله ضعف عرضه، ويُقسم إلى أربعة أقسام مستطيلة الشكل: القسم الأول أحمر اللون يبلغ طوله بعرض العلم، ويقع في الناحية التي تجاور السارية، وطول عرضه مسـاوٍ لربع طول العلم، أما الأقسام الثلاثة فتحتل مساحة أفقية متساوية ومتوازية من العلم، وبألوان مختلفة هي: اللون الأخضر في الأعلى، والأبيض في المنتصف، والأسود في الأسفل. واعتُمد الشعار الرسمي الجديد لدولة الإمارات العربية المتحدة في مارس عام 2008م، وهو عبارة عن صقر وضع به علم الدولة، ومحاط بسبع نجوم تزّينه تمثّل الإمارات الـسبع، ولون الصقر في الشعار ذهبي، وتمسك مخالب الصقر بقاعدة تحمل اسم دولة الإمارات العربية المتحدة باللغة العربية، ويوجد في أسفل الشعار اسم الدولة باللغة الإنجليزية. وتغطي الصحراء أربعة أخماس مساحة دولة الإمارات، وتتميز بمناظر طبيعية أخّاذة ومتنوعة، تتباين بين الكثبان الرملية الحمراء الشاهقة في صحراء ليوا إلى واحات أشجار النخيل الخضراء في مدينة العين، وجبال الحجر شديدة الانحدار إلى المساحات الخصبة من السهول الساحلية المنبسطة شمال شرق البلاد. وتمتلك دولة الإمارات العديد من الموانئ الرئيسة مثل: ميناء زايد، وميناء خليفة، والميناء الحر، وميناء مصفح، وميناء جبل علي، وميناء راشد، وميناء الحمرية، وميناء الشارقة للحاويات، وميناء خالد، وميناء الحمرية، وميناء خورفكان، وميناء صقر، وميناء الفجيرة. وقد اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي وضع نهجها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – بالحكمة والاعتدال وارتكازها على قواعد إستراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترامها المواثيق والقوانين الدولية، إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، بجانب الجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفاعل في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.

وانتهجت دولة الإمارات منذ إنشائها سياسة واضحة على مستوى المنطقة الخليجية والعربية والدولية، وعملت على توثيق كل الجسور التي تربطها بشقيقاتها دول الخليج العربي ودعمت كل الخطوات للتنسيق معها. وتحقق هذا الهدف عند إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث احتضنت أبوظبي أول مؤتمر للمجلس الأعلى في الخامس والعشرين من مايو عام 1981م الذي جرى خلاله إعلان قيام مجلس التعاون‌. وتضطلع دولة الإمارات بدور نشط على الساحتين العربية والدولية، وتعمل مع شقيقاتها دول مجلس التعاون؛ لتحقيق التضامن العربي ومواجهة التحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية.

كما لها أثر فاعل في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي وهيئة الأمم المتحدة ومجموعة دول عدم الانحياز، والعديد من المنظمات والهيئات العربية والدولية. ورسّخت بما تقدمه من دعم سخي لمنظمات ووكالات هيئة الأمم المتحدة نموذجًا فريدًا لخدمة الأهداف الإنسانية للهيئة؛ للرقي بالعمل الدبلوماسي في مختلف وكالاتها ومنظماتها المتخصصة، فمنذ انضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر 1971م، عملت على دعم أنشطة الهيئة؛ إيمانًا منها بتعزيز ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية، ولقناعتها بدور الهيئة في تعزيز العلاقات الدولية وتحقيق التنمية المستدامة. ووفق منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي (OECD)، تحافظ دولة الإمارات على مكانتها ضمن كبار المانحين للمساعدات الإنمائية الرسمية نسبة إلى دخلها القومي الإجمالي على مستوى العالم، وخلال عام 2022م قدمت دولة الإمارات مساعدات خارجية بقيمة 3.5 مليارات دولار أمريكي.

وللإمارات رؤية “نحن الإمارات 2031″، وهي رؤية جديدة وخطة عمل وطنية تستكمل من خلالها الدولة مسيرتها التنموية للعقد القادم، وتركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية. وترتكز الخطط الإستراتيجية لاقتصاد دولة الإمارات بشكل رئيس على الاقتصاد الرقمي بالنظر إلى ما يعنيه التحول السريع للأنظمة التقليدية إلى الرقمية، من تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والإسهام في إيجاد فرص حقيقية للاستثمار الأجنبي المباشر، وفرص حقيقية للكوادر المواطنة للاستفادة من التحولات المصاحبة لمرحلة التحول. ولقد نجحت حكومة دولة الإمارات في تطوير واعتماد عديد من التشريعات والسياسات والإستراتيجيات الحكومية المحفزة للاقتصاد الوطني، وتنويع الاقتصاد ودعم التحول للاقتصاد الرقمي وتوظيف التكنولوجيا والعلوم والابتكار في رفد واستشراف مستقبل القطاعات الاقتصادية الواعدة، منها: الإستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، والإستراتيجية الوطنية للفضاء 2030م، وسياسة الإمارات للصناعات المتقدمة، وإستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة، وإستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والإستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031م، وغيرها من المبادرات والتشريعات.

وبحسب المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حققت دولة الإمارات نموا اقتصاديًّا ملحوظًا في عام 2023م، حيث بلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية، نحو 514.1 مليار دولار أمريكي، مسجلاً زيادة بنسبة 2.3% مقارنة بـــ 502.7 مليار دولار أمريكي لعام 2022م، ويدل هذا النمو الاقتصادي على نجاح السياسات التنموية المستدامة، ويعزز مكانة الإمارات كواحدة من أبرز الاقتصادات في المنطقة، ويسهم في تعزيز جودة الحياة لمواطنيها والمقيمين فيها.

وواصلت دولة الإمارات العربية المتحدة تعزيز مساهمة الأنشطة غير النفطية في الاقتصاد الوطني، حيث بلغت نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي 75.6% في عام 2023م. وتقدمت دولة الإمارات في التقرير السنوي للتنافسية العالمية 2024م، الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في مدينة لوزان السويسرية (3) مراتب، لتصل إلى المركز الـ (7) عالميًا، وجاءت في المركز الثاني عالميًا في محور الأداء الاقتصادي، والمركز الـ (4) عالميًا في محور كفاءة الحكومة، والمركز الـ (10) في محور كفاءة بيئة الأعمال. وللمرأة الإماراتية دور مهم في مسيرة النهضة، فهي كانت ولا تزال تسهم في بناء ورسم ملامح المستقبل ودعم مسيرة التنمية والتقدم التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة على جميع الأصعدة، مثبتة للعالم أجمع كفاءتها وأهمية إسهاماتها، إذ حققت خلال السنوات الماضية عديدًا من الإنجازات النوعية. وشهد القطاع الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الـ 53 عامًا الماضية قفزات نوعية وإنجازات كبيرة، تتناسب مع حجم المتطلبات والتحديات الصحية الناجمة عن الزيادة السكانية التي شهدتها الدولة خلال هذه الفترة، وحقق القطاع الصحي في عام 2022م تطورًا ملحوظًا مقارنة بعام 2019م، وارتفع عدد المستشفيات بنسبة 13.2%، ليصل إلى 171 مستشفى في 2022م مقارنة بـ 151 مستشفى في عام 2019م، كما ارتفع عدد المستشفيات الخاصة بنسبة 18.0%، حيث وصل إلى 118 مستشفى في 2022م مقارنة بـ 100 مستشفى في عام 2019م.

وفي المجال السياحي تحرص دولة الإمارات منذ نشأتها على توفير متطلبات الراحة للمواطن والسائح فيها، كما أولت التراث أهمية كبيرة لتقديم التاريخ الإماراتي وإيصاله للعالم المعاصر، وفرضت نفسها واحدة من الوجهات السياحية المهمة على خريطة السياحة الدولية، حيث تمتزج فيها الأصالة مع الحداثة والتطور، ويظهر ذلك من خلال النهضة العمرانية المتسارعة في جميع القطاعات.

وسجَّل القطاع السياحي في الدولة أداءً استثنائيًا خلال عام 2023م، أوضحته النتائج والمؤشرات الصادرة عن المرجعيات الدولية المتخصصة التي أكدت مكانة الإمارات في صدارة الوجهات السياحية العالمية المتميزة. وتزخر دولة الإمارات العربية المتحدة بمجموعة من المساجد التي اكتسبت شهرة عالمية بفضل ما تمثله من قيمة دينية مغلفة بطابع جمالي مستمد من طرازها المعماري الفريد الموائم ما بين الأصالة والحداثة. ويعد جامع الشيخ زايد الكبير في أبوظبي من أكثر المساجد المعاصرة روعة وجمالًا، وقد بُني بتوجيهات من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- ليكون معلمًا يحتفي بالحضارة الإسلامية ومركزًا بارزًا لعلوم الدين الإسلامي.

ويُشكل “متحف اللوفر أبوظبي” أحد أهم المعالم الثقافية بما يحتويه من مقتنيات تاريخية وحضارية نادرة، وتعرض “القرية التراثية” في أبوظبي للزائرين الحياة التقليدية القديمة للإمارات، وتضم القرية عديدًا من المتاحف المفتوحة، ومتاجر للصناعات اليدوية التقليدية والتوابل والأعشاب والأدوات الزراعية وأدوات صيد اللؤلؤ والأزياء الفلكلورية ‏والحُلي عند ‏المرأة، إضافة إلى عددٍ من نسخ المصحف ‏الشريف مكتوبة بخط اليد، ومجموعات من المسكوكات الإسلامية الفضية والبرونزية والورقية.

وتعد منارة السعديات الواقعة في جزيرة السعديات بأبوظبي مركزًا ثقافيًا وفنيًا متعدد الأغراض، وفرصة للتعرف على الأعمال الفنية لفنانين عالميين ومحليين، وتضم المنارة (3) قاعات رئيسة متخصصة لاستضافة المعارض الفنية تُسهم في رفع مستوى الوعي وفهم أعمق للفنون والثقافة التي تزخر بها جزيرة السعديات، ويمكن للسائح مشاهدة العروض وزيارة السوق التجاري الذي يوفر المنتجات والكتب المصممة لتلبي محتويات المعارض القائمة في المنطقة الثقافية، وتقدم “جزيرة ياس” إحدى أجمل جزر أبوظبي فعاليات متنوعة للسياح.