الاتحاد الأوروبي يحدد سقفاً لأسعار الغاز

وافق وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي، اليوم الإثنين، على سقف لأسعار الغاز، يمكن تفعيله إذا قفزت أسعار الغاز القياسية إلى 180 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، وذلك بعد مناقشات شاقة ومكثفة عقدت اليوم في بروكسل، في الوقت الذي تسعى فيه دول الاتحاد إلى مواجهة أزمة الطاقة.

جاء ذلك بحسب ما أعلن ناطق باسم الرئاسة التشيكية للاتحاد الأوروبي وبحسب ما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤولين (لم تسمهم)، عقد محادثات أجريت على مدى أسابيع بشأن الإجراء الطارئ الذي أحدث انقساما في الرأي بين دول الاتحاد.

وأظهرت وثيقة تورد تفاصيل اتفاق وزراء الاتحاد الأوروبي أن سقف أسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي سيبدأ إذا تجاوزت الأسعار 180 يورو/ ميغاوات في الساعة لمدة ثلاثة أيام، ووفقا للوثيقة التي أوردتها وكالة “رويترز”، فإنه يمكن بدء تفعيل الحد الأقصى بدءا من 15 شباط/ فبراير المقبل فصاعدا.

وقالت الوزيرة المالطية، ميريام دالي، “نتحدّث عن سقف للأسعار عند 180 يورو”، وذلك بعد أخذ ورد بين الدول الأعضاء استمر أشهرا، واصفة الأمر بأنه إنجاز “لم يكن من السهل تحقيقه”.

وحث قادة وزعماء الدول الأوروبية، وزراءهم للطاقة، الأسبوع الماضي، على الموافقة على الحد الأقصى لأسعار الغاز اليوم، لوضع اللمسات الأخيرة على سياسة نوقشت على مدى أشهر دون التوصل لاتفاق بشأنها على الرغم من عقد اجتماعين طارئين.

وبعد جولتين من المناقشات التي عقدت منذ صباح اليوم، أوقف الوزراء المحادثات ليعودا للاجتماعات في وقت لاحق، مساء اليوم، وتمطنوا من التوصل إلى اتفاق أقروا من خلاله سقف الأسعار. وشهدت المفاوضات خلافات حادة، إذ طالب البعض بخفض السقف، بينما رأى آخرون أن المقترح لن يجدي نفعا مع سوق تشهد طلبا مرتفعا من جانب المستهلكين حول العالم.

وقال مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن ألمانيا، أكبر سوق للاقتصاد والغاز في أوروبا، بالإضافة إلى دول أخرى تشكك في تحديد سقف للأسعار، لم تؤيد الحل الوسط الذي توصلوا إليه، لكن الدول المؤيدة لوضع سقف للأسعار كان لديها تأييد كاف للموافقة عليه على أي حال.

التسوية التشيكي

ووضعت جمهورية التشيك – التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي – مسودة اتفاق جديد في محاولة لكسر الجمود اليوم، بحسب ما أوردت “رويترز” ووكالة “بلومبيرغ”. ويتضمن المقترح تفعيل حدٍّ أقصى إذا تجاوزت أسعار عقد مركز تسهيل تداول الغاز الهولندي (تي تي إف) في تعاقدات أقرب شهر 188 يورو للميغاواط ساعة، لمدة 3 أيام.

وهذا المقترح أقل بكثير من مستوى 275 يوروا لكل ميغاواط ساعة الذي اقترحته المفوضية الأوروبية في الأصل، الذي وصفته الدول المؤيدة لفرض السقف – بما في ذلك بلجيكا وبولندا واليونان – بأنه مرتفع للغاية. وتؤكد هذه الدول أن الحد الأقصى يجب أن يكون دون 200 يورو حتى يفلح في التعامل مع ارتفاع أسعار الغاز الذي تسبب في ارتفاع فواتير المستهلكين.

وتراوحت مقترحات الدول لتحديد السقف بين 160 و220 يورو للميغاواط ساعة، وقالت الوزيرة الفرنسية للتحوّل في مجال الطاقة، أنياس بانييه -روناشير، إن الرئاسة التشيكية اقترحت تسوية عند 188 يورو للميغاواط ساعة؛ وذكّرت بأن الجهود تبذل لتحقيق “ثلاثة أهداف: تحديد سعر للغاز يكون مقبولا من أجل أداء اقتصادي سليم، من دون إعاقة إمداداتنا مع ضمان استقرار الأسواق المالية”.

وقال نظيرها اليوناني، كونستانتينوس سكريكاس، إن تحديد السقف عند 188 يورو للميغاواط ساعة “سيوجه رسالة قوية إلى الأسواق”.

ألمانيا: نحذر للغاية من تمني الخير وفعل السوء

وقال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، قبل الاجتماع: “لا أحد في ألمانيا يعارض أسعار الغاز المنخفضة، لكننا نعلم أنه يجب أن نحذر للغاية من تمني الخير وفعل السوء”. ويتطلب إقرار المقترح تأييد أغلبية كبيرة من 15 دولة تمثل 65% على الأقل من سكان الدول المنضوية تحت الاتحاد.

ولم يستبعد وزير الاقتصاد الألماني أن تخسر ألمانيا التصويت على سقف أسعار الغاز في أوروبا اليوم. وقال هابيك على هامش اجتماع وزراء الطاقة بالاتحاد: “إذا حدث ذلك، فسيتعين علينا التعايش مع الأمر… بالطبع ستكون هذه نتيجة غير مرغوب فيها”، مضيفا أنه يسعى جاهدا للتوصل إلى اتفاق مشترك.

من جانها، قالت مفوضة الطاقة الأوروبية، كادري سيمسون، لدى وصولها إلى اجتماع وزراء الطاقة في بروكسل، إن الاتفاق على سقف لأسعار الغاز في الاتحاد الأوروبي أضحى في متناول اليد، إذ سيحاول الوزراء الموافقة عليه. وأضافت “أتصور بقوة أن الاتفاق في متناول اليد. يتطلب ذلك بالطبع رغبة قوية جدا في التوافق من الجميع”.

بدوره، قال نائب رئيس الوزراء التشيكي، جوزيب سيكيلا، إن هناك أملا كبيرا اليوم في حدوث اتفاق خلال اجتماع وزراء الطاقة الأوروبيين، وإن هناك احتياطات وضعت في الاعتبار بسبب مخاوف بعض الدول من تأثير ذلك على الإمدادات، وأضاف أن هناك جهدا كبيرا بُذل في الأيام الماضية من أجل التوافق.

وكانت روسيا أكبر مورد للغاز إلى الاتحاد الأوروبي قبل حربها على أوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي، ومنذ ذلك الحين قطعت موسكو غالبية الغاز الذي كانت ترسله إلى أوروبا، مما تسبب في ارتفاع الأسعار ودفع التضخم إلى مستويات قياسية.