عند خروجه من السجن، في شباط (فبراير) من العام 2011، من خلال صفقة التبادل المعروفة بـ “وفاء الأحرار”، وبعد أيام من دخوله إلى غزة، اشتُهر يحيى السنوار بتصريحه الذي تعهد فيه “بإطلاق سراح جميع السجناء الفلسطينيين”، ومع ذلك، لم يُثر التصريح حفيظة جهاز (الشاباك)، الذي ظلّ يرى في السنوار “رجلاً واقعيًا”، معتبرًا أنّ التصعيد في كلامه لا يعدو كونه “للاستهلاك المحلي”، حتى بعد أنْ كثُر ترداد الرقم 1111 في جلّ مواقف الرجل، بل وفي معظم مجالسه الخاصة، في إشارة إلى مطالبة (حماس) بالإفراج عن 1111 أسيرًا فلسطينيًا، مقابل جثّتَي جنديَين إسرائيليَين محتجزَين في غزة. كان الفعل طاغيًا على ذهنية الرجل بدرجة لا تبرّرها، فقط، حيثية أنّه كان معتقلاً لمدّة تقارب الربع قرن.
وفي هذا السياق، قال رامي إيغرا رئيس شعبة الأسرى والمفقودين السابق في جهاز الاستخبارات الخارجيّة (الموساد) إنّ رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار لم يضعف بل ازداد قوّةً خلافًا لكلّ التقديرات.
واعتبر إيغرا في حديثٍ إذاعيٍّ مع الإذاعة العبريّة (103 إف.إم) أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو وافق على صفقةٍ مروعةٍ لإسرائيل بسبب الضغط الشعبي والدولي.
وفي معرض ردّه على سؤالٍ قال المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ إنّ “الصفقة الحالية تعني أنّنا سنستعيد عددًا قليلاً جدًا من المختطفين، وستعيد حماس لتكون صاحبة السيادة في غزة”، طبقًا لأقواله.
وأردف إيغرا:” من الصعب عليّ أنْ أدافع عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ولكن الأحداث اليوم ليست تحت مسؤوليته، السنوار لا يُريد صفقةً، ولا توجد لديّه أيّ نيّة، ولم يضعُف خلافًا لكلّ التقديرات ٍ أوْ سببٍ للموافقة عليها، إنّه بات قويًا، وأصبح صاحب القول الفصل في حركة (حماس)، ومن الجهة الأخرى، إذا نظر السنوار إلى العالم فإنّه يرى أنّ كلّ ما أراد تحقيقه تحقق”، على حدّ وصف المسؤول الأمنيّ الإسرائيليّ السابق.
من ناحيته، قال الكاتب الإسرائيليّ بن درور يميني، في مقال نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة إنّ حركة حماس، يحيى السنوار حقق كل ما يريده من الحرب ويدير ما وصفها بـ “لعبة الشطرنج” بنجاح مذهل ضد إسرائيل، مشيرًا إلى أنّ تل أبيب عليها القبول بصفقة تسوية مع الحركة.
وأوضح أنّ السنوار أراد إعادة طرح القضية الفلسطينية دوليًا، ونزع الشرعية عن وجود إسرائيل، وإفشال تطبيع السعودية مع دولة الاحتلال، وضعضعة العلاقات الأمريكيّة الإسرائيلية، وقد حقق ذلك كله.
وقال إنّه نتيجة لذلك على إسرائيل القبول بصفقة تسوية مع حماس، وإلّا “ستعمّق فشلها”، في ظلّ عدم القدرة على تحقيق النصر المطلق وأهدافها المعلنة من الحرب، وفق تعبيره.
وتابع أنّ البديل عن الصفقة هو استمرار الخسائر الإسرائيليّة بمقتل الجنود وعدم قدرة النازحين على العودة إلى منازلهم في غلاف غزة وشمال إسرائيل، فضلاً عن الخسائر الاقتصادية، وتراجع الموقف الإسرائيلي دوليًا.
وشدد على أنّ كلّ ما يحققه الجيش الإسرائيلي من نجاحات تكتيكية في غزة “سرعان ما يتحول لنجاحٍ إستراتيجيٍّ لحماس”، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّه لا طائل من استمرار الحرب ويجب إنهاؤها بقبول الصفقة حتى ولو كانت سيئة لأنّها تعني انتصار حماس، على حدّ تعبير المحلل الإسرائيليّ.
وكان وزير الخارجية الأمريكيّة أنتوني بلينكن، قد قال يوم الثلاثاء الفائت، إنّ تعيين يحيى السنوار كرئيس للمكتب السياسي لحركة (حماس) خلفا لإسماعيل هنية، بعد اغتياله في إيران، الأسبوع الماضي، يؤكّد أنّ السنوار “عليه أنْ يقرر ما إذا كان سيمضي قدمًا في المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة”.
وأضاف بلينكن، في مؤتمر صحفي: “لقد كان ولا يزال السنوار صاحب القرار الأساسي عندما يتعلق الأمر بإبرام وقف إطلاق النار، ولذا أعتقد أنّ هذا يؤكد فقط حقيقة أنّه حقًا عليه أنْ يقرر ما إذا كان سيمضي قدمًا في مفاوضات وقف إطلاق النار الذي سيساعد بشكل واضح العديد من الفلسطينيين المحتاجين بشدة لوقف الحرب”.
وخلُص بلينكين إلى القول إنّ “العمل على الاتفاق استمر حتى مع الأحداث الأخيرة في المنطقة، ووصلت المفاوضات إلى مرحلتها النهائية، ونحن نعتقد بقوة أنها ستصل إلى خط النهاية قريبًا جدًا”، طبقًا لأقواله.
وفي الختام وَجَبت الإشارة إلى أنّ الجنرال في الاحتياط عوفر فينتير، قال عن السنوار إنّ لديه مكانة عالمية، ويعتبر صلاح الدين العصر الحديث”، على حدّ وصفه.