قال رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، ووزير الأمن في الماضي، الذي شغل أيضًا منصب قائد هيئة الأركان العامّة في جيش الاحتلال، إيهود باراك، إنّ “هناك أسطورة عميقة في المجتمع الصهيونيّ مفادها أنّ حرب لبنان الثانيّة كانت إنجازًا استثنائيًا لإسرائيل، والذي مكّننا من الحفاظ على الهدوء على مدار 16 عامًا، لأنّنا أخفنا (حزب الله) ولم نسمح له برفع رأسه، واستطعنا وقف تهديد الصواريخ، ولكن هذه الأسطورة ليست موجودةً بتاتًا ولا تعتمِد على أيّ شيءٍ ماديٍّ، وبعيدة عن الحقيقة ألف سنةٍ ضوئيّةٍ”، على حدّ تعبيره.
وتابع باراك في حديثه للبرنامج الاستقصائيّ في التلفزيون الإسرائيليّ الرسميّ (زمن الحقيقة)، تابع قائلاً إنّه “إذا كان لدى (حزب الله) في العام 2006 حوالي 14 ألف صاروخ ومقذوفة، فإنّه اليوم يملك على أقّل تقديرٍ أكثر من 140 ألف صاروخٍ، أيْ أنّ ترسانة الحزب ازدادت بحوالي عشرة آلاف صاروخ بالعام الواحد”، بحسب أقواله.
وأشار باراك إلى أنّ الصواريخ الدقيقة، التي يملكها حزب الله قادرةٌ على إصابة أيّ هدفٍ حيويٍّ في العمق الإسرائيليّ، مُشدّدًا على أنّ دقّة الصواريخ تعني خطأً بالإصابة فقط بـ 10 أمتارٍ فقط.
من ناحيته قال مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، يوسي يهوشواع، إنّ إسرائيل غطّت في سُباتٍ عميقٍ في الوقت الذي أقامت فيه إيران، بواسطة حزب الله، هذا “الوحش”، أيْ تعاظم الترسانة العسكريّة لحزب الله، إذْ أنّه مضى على حرب لبنان الثانية أكثر من عقدٍ ونصفٍ من الزمن وإسرائيل لم تفعل شيئًا”، وتابع قائلاً “تغاضينا عن هذا التعاظم في قوّة (حزب الله) العسكريّة، ولم نقُم بمنعه وإحباطه، وأنا أعتقد أنّ هذا الأمر هو أحد الإخفاقات الأمنيّة الخطيرة التي كانت من نصيب إسرائيل منذ إقامتها وحتى اليوم”، كما قال.
أمّا مُحلّل صحيفة (هآرتس) العبريّة للشؤون الأمنيّة، عاموس هارئيل، فقال إنّ (حزب الله) أطلق خلال حرب لبنان الثانية أكثر من خمسة آلاف صاروخ ومقذوفة، سوادها الأعظم كان بدائيًا، نعم أدّت لخرابٍ ودمارٍ وأوقعت قتلى، ولكنّ (حزب الله) قام بتغيير إستراتيجيتّه وبدأ بتحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقةٍ، وذلك بناءً على الرؤية الإيرانيّة للأوضاع في المنطقة، كما أكّد.
في السياق نفسه قال للبرنامج الاستقصائيّ رئيس شعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكريّة (أمان) إنّ “إيران هي التي تقوم بقيادة هذا المشروع من منطلق أنّها بواسطة ذلك تقوم بتصدير الثورة الإسلاميّة، والتمركز في أكبر عددٍ من المناطق في الشرق الأوسط، لكي تقوم في (ساعة الصفر) بالضغط على الزر لتفعيل المنظومات أوْ الإيعاز لوكلائها للقيام بهذه المُهمّة، أيْ إطلاق النار والإرهاب”، على حدّ قوله.
ولفت الجنرال الإسرائيليّ إلى أنّ ما يُثير القلق هو قدرة إيران التكنولوجيّة والقادرة على تحويل مقذوفةٍ عاديّةٍ إلى صاروخٍ دقيقٍ، مُضيفًا أنّ اليوم بات هذا الأمر أقّل تعقيدًا ممّا كان عليه في الماضي، وخلال عدّة أيّامٍ، تتحوّل القذيفة إلى صاروخٍ دقيقٍ يُصيب الهدف بشكلٍ قتّالٍ، طبقًا لأقواله.
وقال رئيس شعبة الأبحاث السابق بالاستخبارات العسكريّة، الجنرال إيتّاي برون، إنّه “في أحد الأيّام بالأشهر الأولى من العام 2013 وصلت إلى مكتبي مجموعةً من الضباط، غالبيتهم من الفرع التكنولوجيّ، حيث عرضوا أمامي السيناريو المُتوقّع والذي يؤكّد أنّ المشروع الإيرانيّ لإنتاج الصواريخ الدقيقة في لبنان قد انطلق، عن طريق نقل أجزاءٍ من إيران للبنان، وكانت هذه المرّة الأولى التي قُمنا فيها بإجراء نقاشٍ جديٍّ حول تداعيات برنامج الصواريخ الدقيقة، ولذا كانت هناك حاجةً ماسةً لشرح خطورة التطوّر لكبار الجنرالات في الجيش وللمُستوى السياسيّ أيضًا، وكانت لديّ خشيةً من عدم فهم المسؤولين خطورة هذا المشروع”، كما أكّد.
في السياق عينه أكّد رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابقًا أنّه “خلال الحرب القادمة مع (حزب الله) ستتعرّض إسرائيل لضرباتٍ أليمةٍ جدًا، وستؤدّي لأضرارٍ ماديّةٍ جسيمةٍ في المستشفيات، والبنية التحتيّة، قواعد سلاح الجوّ والموانئ التي يستخدمها الجيش، مراكز الطاقة، ومطار اللد الدوليّ”، مُشدّدًا على أنّها “ستكون حربًا تشُلّ الداخل الإسرائيليّ كليًّا”، وفقًا لأقواله. وفي معرِض ردّه على سؤالٍ حول ضرب الكنيست، ردّ بالقول إنّه بسهولةٍ كبيرةٍ يملك (حزب الله) القدرة على تنفيذ العملية.
ووفقًا لأقوال جميع القادة الأمنيين والعسكريين الذين تحدّثوا للبرنامج الاستقصائيّ فإنّ الصواريخ الدقيقة، التي يملكها (حزب الله)، قادرةٌ اليوم على استهداف مبنى قيادة الأركان العامّة في تل أبيب (هكرياه)، الكنيست بالقدس المُحتلّة، مطار بن غوريون الدوليّ، المتاخم لمدينة اللد، ومحطّة الكهرباء الرئيسيّة لإسرائيل، الواقعة في مدينة الخضيرة، جنوب حيفا، لافتين إلى أنّ هذا كان حلم قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، الجنرال قاسم سليماني، أيْ إنتاج الصواريخ الدقيقة على الأراضي اللبنانيّة.
وبحسبهم، فإنّ الجنرال سليماني، الذي اغتالته واشنطن بالعراق قبل حوالي ثلاثة أعوامٍ، كان المهندس والمخطط، فيما أُسنِدت للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، مهمة قيادة عملية قصف إسرائيل بالصواريخ في ساعة الصفر.
أمّا رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة سابقًا، الجنرال عاموس يدلين فقال إنّ مشروع الصواريخ الدقيقة، هو تهديدٌ إستراتيجيٌّ على إسرائيل من الدرجة الأعلى، وبناءً على ذلك، فإنّ هذه التهديد الخطير جدًا هو الأكثر أهميةً لكي يُعالجه المجلس الوزاريّ الأمنيّ-السياسيّ المُصغّر (الكابينيت) في إسرائيل، طبقًا لأقواله.
وشدّدّ مُعّد ومُقدّم البرنامج على أنّه بحسب تقديرات المؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة فإنّ احتمالية اندلاع المواجهة مع (حزب الله) ارتفعت بعد موت سليماني، كما قال.