سلطت الصحف العبرية الصادرة اليوم الأربعاء الضوء على تطورات وتداعيات عملية “بني براك/ تل أبيب” التي نفذها الشهيد ضياء حمارشة من جنين، مساء أمس وأدت لمقتل 5 إسرائيليين.
وأجمعت الصحف العبرية على أن “إسرائيل” تشهد أسوأ موجة من العمليات التي شهدتها في السنوات الأخيرة، حيث قتل 11 إسرائيليًا في غضون 7 أيام في 3 عمليات متفرقة.
وقال الصحفي في “يديعوت” نداف إيال في تقرير تحليلي له، إن عملية أمس تثبت رغبة المنظمات الفلسطينية في محاولة الشروع بموجة واسعة من الهجمات والمواجهات قبل وخلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أن “إسرائيل تواجه أشد موجة إرهاب شهدتها في السنوات الأخيرة، وأن الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين في أدنى مستوى لم نشهده منذ أحداث حارس الأسوار التي لم يقتل خلالها 11 إسرائيليًا ولم يقتل في أسبوع واحد بالتأكد، والأسوأ من ذلك هو أن هذه هي المرة الثانية خلال عام واحد التي تحاول فيها منظمات فلسطينية تشكيل جبهة مشتركة مع العرب في إسرائيل”.
وأشار إيال إلى “أنه في الأيام الأخيرة كان هناك نقاشات أمنية ومحاولات لفصل الوضع ما بين غزة والضفة، وما بين الهجمات في بئر السبع والخضيرة، وعمل قادة الأمن والمستوى السياسي لأشهر من أجل التوصل إلى تفاهم مع السلطة الفلسطينية وحماس في غزة، للحفاظ على الهدوء ومنع انهيار الوضع الأمني ‘الهادئ نسبيًا’ قبل أن ينهار كل شيء، لكن عملية أمس غيرت المعادلة وانهار هذا الفصل بعد أن خرج الفلسطينيون في الضفة بالشوارع وهم يشيدون بالعملية في بني براك في وقت يقتل فيه الإسرائيليون في الشوارع”.
ورأى أن الشلل السياسي ومأزق الحكومة الإسرائيلية السابقة التي كانت تشتري الهدوء مرارًا وتكرارًا ساهما في الإخفاقات التي اندلع من خلالها “الإرهاب”، لكن المسؤولية كاملة الآن تقع على “نظام الدفاع والحكومة الحالية التي تنافس قادتها على عقد المؤتمرات الدولية والإقليمية والوساطات والزيارات واتفاقيات التعاون بهدف خلق منطقة أكثر هدوءًا للجميع”. كما قال.
وأضاف “الجمهور يطلب إجابات واضحة وهو محق في ذلك: إذا لم يكن بينيت وغانتس ولابيد ووزراء الحكومة قد استوعبوا مكانتهم بعد كحكومة فعليهم أن يفهموا على الفور،”أنه طالما يطلق النار على الناس في الشوارع فقد انتهى عصر توزيع الابتسامات وستصبح الوساطات والاجتماعات مجرد صور لا قيمة لها وستقابل باستياء واحتقار حين يخشى الآباء إرسال أبنائهم إلى المدارس”.
واعتبر إيال، أن تجاهل القضية الفلسطينية من قبل بينيت لم يثبت أنه تكتيك ناجح بشكل خاص واتضح أن المؤسسة الأمنية تواجه صعوبة في التعامل مع تحديات “الإرهاب المحلي حتى بعد رفع حالة التأهب بشكل كبير في أعقاب هجوم السبع”.
وانتقد إيال تصريحات المعارضين للحكومة ووصفها بأنها “تثير الكراهية في صفوف اليهود بدل من العمل على اتحادهم ووقف سياسة الانقسام”، داعيًا السياسيين من اليمين واليسار والوسط إلى دعم المؤسسة الأمنية من أجل استعادة الأمن بأي ثمن وبأسرع وقت، وأن هذه هي المهمة الأهم حاليًا وإن فشلت فيها الحكومة فمن المشكوك فيه أن تنجو وتنجح. كما قال.
من ناحيته، كتب المراسل والمحلل العسكري يوسي يهوشع في يديعوت مقالًا تحليليًا تحدث فيه عن عدم وجود “حل سحري” لوقف الهجمات التقليدية، مشيرًا إلى أنه مرت سنوات طويلة جدًا حتى وقعت عمليات في قلب المدن الإسرائيلية، ما أعاد إلى الأذهان حالة الخوف التي تنتاب الجمهور.
واعتبر يهوشع أن تنفيذ العمليات داخل” المدن الإسرائيلية” تظهر مدى فقدان الردع لدى المنفذين، والجرأة على التنفيذ في قلب المدن، واستخدام أسلحة نارية.
وقال “ما يربط منفذي العمليات الأخيرة بصرف النظر عن حقيقة فكرهم الأيديولوجي، ليس البنية التحتية المادية أو القيادية وإنما شبكات التواصل الاجتماعي التي تغذي على التحريض”.
وأضاف “لقد مضى وقت طويل منذ أن رأينا مثل هذا الرعب في قلب المدن.. لم نشهد مثل هذه الحوادث في انتفاضة السكاكين.. فالهجمات الثلاث الأخيرة تذكرنا بالأيام الصعبة للانتفاضة الثانية ولهذا السبب أيضًا يجب الاعتراف: مثل هذه الموجة من ‘الإرهاب’ ليس لها حل سحري.. لا يوجد عنوان يمكن مهاجمته بقوة، مثل غزة أو مخيمات اللاجئين في الضفة. من الصعب جدًا تحصيل الثمن.. لا توجد روافع ضغط على العدو لأنه من الصعب تحديده”. وفق وصفه وقوله.
وأشار إلى أن التعزيزات الأمنية على خط التماس بالضفة هدفها محاولة استعادة الأمن، محذرًا في الوقت ذاته من “سكب الوقود على النار” والتصرف بجدية وعقلانية وعدم اللجوء إلى العقاب الجماعي والإبقاء على تحييد غزة لتكون خارج المعادلة.
واعتبر يهوشع أن هذه الموجة من العمليات تمثل التحدي الأكبر الذي يواجهه حاليًا بينيت، مشيرًا للانتقادات الموجهة له من المعارضة، إلى جانب قيادته لائتلاف يعاني من اتخاذ قرارات دراماتيكية قد تؤدي إلى تفكيكه، كما يقع على عاتقه مهمة استعادة الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين.
من جهتها، اعتبرت صحيفة هآرتس العبرية أن هذه الموجة من العمليات تشكل تحديًا لم تكن تتوقعه حكومة بينيت، معتبرةً سقوط 11 قتيلاً في 7 أيام وفي 3 هجمات مختلفة بمثابة حدث استراتيجي يتعين على بينيت أن يخرج ليتحدث للجمهور الإسرائيلي عن كيفية اعتزام حكومته التعامل مع هذا التدهور الأمني الشديد.
ورأت أن الهجمات الفلسطينية أسهل للهضم بالنسبة للإسرائيليين مقارنةً بالهجمات التي نفذت من قبل مناصري داعش من “سكان ‘عرب إسرائيل’..”، محذرةً في الوقت ذاته من أن هذه العمليات الأخيرة ربما تكون مجرد البداية لسلسلة هجمات قبل أيام من رمضان و”عيد الفصح” اليهودي.
وقالت “يبدو أن إسرائيل تعود إلى الأيام المظلمة التي كنا سعداء بنسيانها وبالتأكيد منذ انتفاضة السكاكين 2015-2016”.
وأضافت “كانت الأشهر التسعة الأولى <<لحكومة التغيير>> من أكثر الشهور هدوءًا من الناحية الأمنية، وكان بينيت في محادثات خاصة يظهر فخره بذلك لكن الآن الخشية من فتح جبهات غير متوقعة مثل غزة”.
وأشارت إلى التصريحات من المعارضة ضد حكومة بينيت بعد هذه الهجمات، مضيفةً “أن الحكومة التي لا ينظر إليها على أنها حكومة يمينية متشددة ستواجه دائمًا أوقاتًا عصيبة في الساحة العامة في مواجهة موجات الإرهاب.. الشخص الوحيد الذي نجح في الاختبار وحظي بسمعة جيدة لفترة طويلة قبل الشروع في عملية عسكرية (السور الواقي في الضفة الغربية) كان أرييل شارون، ليس قبل أن يتنبأ بأنه إذا لم يفعل ذلك فسيطرد من مكتب رئيس الوزراء <<بالعصي والحجارة>> من قبل الجمهور، لكن يمكن القول إن بينيت بعيد كل البعد عن كونه شارون”.
من جهته، كتب المحلل والمراسل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل مقالًا تحليليًا لفت فيه إلى أنه لم يسبق أي من الهجمات الأخيرة أي معلومات استخباراتية أو تحذيرات أمنية، معتبرًا أنه في الوقت الحالي يبدو أن المنفذين يتقدمون بخطوة واحدة على قوات الأمن الإسرائيلية التي يمكن تصويرها على أنها لا تزال تتلمس طريقها في الظلام رغم شعور الجمهور بالعجز الأمني.
واعتبر هرئيل أن مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من تقليد هجمات فلسطينيي الداخل من قبل فلسطينيي الضفة الغربية بأنها مجرد مسألة وقت قد تحققت بعملية أمس في بني براك، معتبرًا أن هذه الهجمات غير العادية تتطلب من الحكومة والقوى الأمنية تركيزًا أكبر على استعادة الأمن وتغيير السياسة المتبعة.
وقال: “صدفة أم لا، وقع الهجوم في الخضيرة في الذكرى العشرين لعملية فندق بارك في نتانيا والتي قتل فيها 30 إسرائيليًا، ما أدى بدوره إلى قرار إطلاق عملية السور الواقي في الضفة الغربية.. بالنسبة لجزء كبير من الجمهور الإسرائيلي تركت تلك الأيام صدمة لا مصلحة له بعودتها مرة أخرى.. كثير من الآخرين أصغر من أن يتذكروا ذاك الرعب.. لكن يكمن أحد الاختلافات هذه المرة في نطاق توثيق العمليات والسرعة التي يصل بها إلى الشبكات الاجتماعية.. هذه المشاهد تغذي القلق وتزيد من الضغط على الحكومة للتحرك بسرعة وحسم وبالطبع تعطي فرصة للمعارضة لإحراج بينيت وشركائه، كما أنه ستزيد من الدعوات للانتقام وربما تزيد من محاولات الإضرار بالفلسطينيين من قبل المستوطنين بالضفة و’عرب إسرائيل’ في المدن المختلطة”.
وأضاف “قد يكون المنفذون أكثر حذرًا هذه المرة وقد يترك البعض علامات مبكرة أقل على وسائل التواصل الاجتماعي كما كان في انتفاضة السكاكين، لكن من الواضح بالفعل أن هناك حاجة إلى جهد كبير لإعادة هذا ‘الشيطان’ إلى الزجاجة، خاصة عندما يتم عرض مقاطع الفيديو الخاصة بالهجمات على الشبكات والمواقع الفلسطينية وتشجيع الآخرين على السير على خطى المنفذين”.
“القدس