ويختلف رهاب البحر عن رهاب الماء؛ كون الأخير خوفاً من الماء في حد ذاته، ويظهر مع أحداث الطقس (هطول الأمطار مثلا) أو تدفق كميات صغيرة نسبياً من الماء، أما رهاب البحر فيُشير إلى الخوف من الأجسام المائية التي تبدو واسعة ومُظلمة وعميقة وخطيرة.
الماء طبيعة رمزية
الاستشارية النفسية الدكتورة نهى خليل ترى أن أسباب رهاب البحر غير واضحة، وهو موضوع بحث يجري الآن من المهنيين والأطباء المختصين، إذ يمكن أن تختلف اختلافاً كبيراً بين الأفراد. وتؤكد أن الخوف من المسطحات المائية الكبيرة يعتبر استجابة تطورية بشرية، وقد يرتبط أيضاً بتأثيرات الثقافة الشعبية التي تثير الخوف والضيق، كما يفترض أيضاً أن النفسية الأساسية للرهاب تنجم عن الطبيعة الرمزية للماء. وتحديداً باتساع البحر وارتباطه غالباً بعمق اللاوعي لدى الفرد. وتعتبر شدة رهاب البحر والعلامات والأعراض المرتبطة به مرنة ومعقدة للغاية، كما يمر الذين يعانون من رهاب البحر بنوبات عديدة من الألم النفسي والجسدي الناجمة عن مجموعة متنوعة من المحفزات. وتضيف الدكتورة خليل أن العلاج يتم بمضادات القلق، ويكون ذلك أكثر فاعلية بالمداواة أثناء الطفولة، أو عندما يكون رهاب البحر في ذروته.
اصرخ في الشاطئ
عن الاعراض تقول الدكتورة خليل: يتميز رهاب البحر ببعض السمات الجسدية والعاطفية التي يظهرها الفرد، لا يتناسب رد الفعل الذي يظهره المصابون تجاه المسطحات المائية الكبيرة (الشواطئ والمحيطات والبحيرات) مع مستوى الخطر الذي تشكله المياه عليهم. وبالتالي، يظهرون سلوكاً غير طبيعي تجاه المواقف أو البيئات التي تثير مخاوفهم.
ويظهر الرهاب الناجم عن القلق من خلال علامات وأعراض محددة، إذ يعاني الأفراد الذين لديهم خوف معتدل من المسطحات المائية العميقة من الانفعالات والأرق يومياً. وتشمل الأعراض العاطفية الشائعة لرهاب البحر القلق المستمر، صعوبة في النوم والأرق، الشعور بالموت الوشيك، الحاجة للهروب، الشعور بالانفصال عن الموقف، والارتباك وهناك أعراض جسدية شائعة لرهاب البحر مثل ضيق في التنفس، التعرق، الاهتزاز أو الارتجاف عند رؤية البحر البكاء أو الهروب عند الاقتراب من المسطحات المائية العميقة، غثيان، دوخة، تنفس سريع، الصراخ عند رؤية البحر.
البحر والماء.. هناك فرق
وفقاً لـ«الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية» الذي يعتبر دليلاً لتقييم وتشخيص الاضطرابات النفسية يجب أن يكون خوف الفرد من المياه العميقة مستمراً ومفرطاً وغير معقول، ويشعر الشخص بهذا الخوف في كل مرة يتعرض فيها للمياه العميقة أو المفتوحة، ويتجنب المصاب المحيط أو المسطحات المائية المفتوحة الأخرى أو يتحملها بخوف شديد، ويتعارض خوف الفرد من المسطحات المائية الكبيرة مع أدائه الطبيعي، يستمر الخوف لمدة ستة أشهر أو أكثر، لا يعرف انتشار وتواتر رهاب البحر أو أي رهاب غالباً.
وخلص الباحثون إلى أن شدة وانتشار رهاب البحر في حالة تغير مستمر بين الديموغرافيات المختلفة، وقد لا يدرك الكثيرون أنهم يعانون من رهاب البحر الخفيف.
كما يختلف رهاب البحر عن رهاب الماء أو الخوف من الماء ويتميز رهاب الماء بشعور عام بالذعر بسبب الماء، بينما يتعلق رهاب البحر أكثر باتساع المياه وبما يمكن أن يحتويه هذا العمق. ورغم أن كلا الرهابين يتعلقان بالماء، يمكن أن يحدث رهاب الماء عن طريق حدث واحد، في حين ينشأ رهاب البحر من عنصر من الوعي الباطني للفرد يتعلق بما هو موجود في الماء.