وباشر قادة أسرة آل سعود دورهم في تأسيس دولة المدينة انطلاقاً من قدوم مانع المريدي وتأسيسه الدرعية، حتى تولي الإمام محمد بن سعود، وعبدالعزيز بن محمد بن سعود، وسعود بن عبدالعزيز بن محمد آل سعود، وعبدالله بن سعود بن عبدالعزيز آل سعود.
ولم يغب الشباب عن استئناف مهامهم الجسام، في بناء كيان الدولة السعودية الثانية، فأسهم الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، بالجهود الخلّاقة اللائقة بصيت ومكانة القيادات والرموز الوطنية، وحقق المنجزات في الفترة الأولى والثانية.
وسيرة الإمام الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن، عليه رحمة الله، مضيئة، وضاءة، منذ سني شبابه الأولى، وكان في السابعة، دائم الحركة، وعمره يوم انتقاله مع أبيه من الرياض، ١٦ عاماً، فأحسنَ استعمال البندقية، وركوب الخيل.
ويشير بعض من كتب عن الملك عبدالعزيز إلى ما كان لوالدته سارة بنت أحمد بن محمد السديري، من فضل في توجيهه. فحمل عبدالعزيز السيف، وركب الخيل وامتطى الإبل. والتف حوله رفاق له، فكان المتقدم عليهم في ألعابهم والزعيم فيهم. وعوّده والده أن يستيقظ قبل الفجر للصلاة، ووجهه إلى الرياضة، وأدبه بآداب آل سعود. وشهد في صباه عاقبة الخصومات والمعارك.
ومن عاصر الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقرأ، وسمع، وشاهد سيرته، سيدرك أن العظماء تختارهم الأقدار بعناية، كونهم أهلا لما سيحملونه من أمانة الرسالة التاريخية التي يضطلعون بها، فالتزام العمل، وأداء حق المنصب الوظيفي خُلق من أخلاق القادة، وفي مدرسة سلمان، درس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتخرّج على يد أبيه الملك، متسلّحاً بكل صفات الشخصية الوطنية النموذجية، في الفكر والقول والعمل.
وتؤكد أستاذ التاريخ في جامعة أم القرى الدكتورة إيمان إبراهيم كيفي، أن الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل، ولذا كانت هذه الحقيقة التاريخية، جديرة بالاهتمام في المجتمعات التي تدرك حيوية شبابها ومقدرات ومكتسبات الوطن.
وعدّت الشباب هم الثروة الحقيقية في كل أمة وهم الطاقة المتجددة دوماً، التي تمثل عصب التنمية وذخيرتها، والتزامهم بما تكوّن في الوجدان، وبما تربت عليه أفئدتهم وصاغ أفكارهم، من مسؤولية وطنية كبيرة لابد من الاهتمام بها وتحفيزها.
وأوضحت كيفي أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله حرص على تلمس احتياجات الشباب ودعمهم، وتعزيز مشاركتهم في المجتمع، وحثهم على مواصلة العمل على أسس علمية ثابتة في مختلف المجالات السياسية والعلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية.
ولفتت إلى أن اهتمام القيادة السعودية بالشباب يتجاوز حدود النظريات إلى الواقع التطبيقي وينتقل بالأفكار إلى الأعمال الفعلية، وعدت قراراته التاريخية باختيار مجموعة من الشباب لمراكز قيادية في البلاد إنجازاً إستراتيجياً وقفزة واسعة على طريق تمكين الشباب وإعدادهم لتولّي القيادة، بإشراكهم في عملية صناعة القرار، الأمر الذي يُعَدُّ نقلة نوعية في الإدارة السعودية ككل، تعكس حرص الملك سلمان على أن يضعَ رؤيتَه لدور الشباب في بناء الوطن.
وترى أنه كان لحثهم على المشاركة في العديد من المحافل الدولية، وتمكينهم في مناصب عليا في الدولة منها الوزارات والمؤسسات الحكومية قرار حكيم ترجم ثقة القيادة وتوجهها للاستثمار في قدرات الشباب كونهم رأس المال البشري النوعي لعقود طويلة، وأضافت ؛ إن قراراً بهذا الحجم العميق، يعكس قرب الملك سلمان من الشباب، ووعيه بدورهم الفعال في المستقبل، ما سينعكس إيجاباً، على تطور المجتمع وزيادة الفعالية ومواكبة رؤية المملكة 2030.
وأكدت حرص خادم الحرمين الشريفين على الشباب ودمجهم في تنمية الاقتصاد السعودي عن طريق نشر الوعي لدى الجيل الصاعد بمعادلة جديدة ومختلفة برزت مع إستراتيجية تأسيس وإنشاء مركز الملك سلمان للشباب، الذي يشرف عليه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي واصل توسعه وانتشاره على كل المستويات عبر إطلاق العديد من المبادرات والبرامج والفعاليات والمشاريع الداعمة والملهمة والمحفزة لجيل الشباب على امتداد الوطن، والذي يركز دائماً على أهمية دور الشباب في مستقبل البلاد.
واستعادت كيفي ما قاله ولي العهد في كلمته التقديمية للتقرير السنوي لمركز الملك سلمان للشباب 2015: «لا شك أن العالم كله الآن يعيش عصراً مختلفاً وزمناً جديداً أسلحته كثيرة ومتنوعة، ولكن العصب الأساسي لكل هذا التنوع هو العلم والمعرفة، ولأن الشباب هم قاعدة كل البلدان، وهم حملة شعلتها والأيدي التي تبني حاضرها وقادة مستقبلها، فلذلك كان التركيز عليهم هو الأساس في أي حراك تنموي وخطط طموحة لنهضة الدول وعزها ورفعتها، لدينا عقليات سعودية مبهرة ورائعة جداً، خصوصاً في جيل الشباب، طاقة قوية شجاعة، ثقافة عالية، احترافية جيدة وقوية جداً، ويبقى فقط العمل. وطموحنا سوف يبتلع هذه المشاكل، سواء بطالة أو إسكاناً أو غيرها من المشاكل. لسنا قلقين على مستقبل المملكة، بل نتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقاً، قادرون على أن نصنعه بعون الله بثرواتها البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها عليها».