خلال العامين الأخيرين قادت المملكة سوق النفط إلى بر الأمان وفي أبريل 2020 دعت إلى عقد اجتماع عاجل لدول أوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى، للوصول إلى اتفاق عادل يعيد التوازن المنشود للأسواق البترولية بعد ما بذلته من جهود للوصول إلى اتفاق في مجموعة “أوبك+” لإعادة التوازن في سوق النفط، حيث قامت بحشد التأييد لذلك من 22 دولة، من دول “أوبك+” وواصلت جهودها العام الجاري لضبط سوق النفط وكانت مبادرة بخفض إنتاجها طواعية علاوة على الحصص المتفق عليها مع دول أوبك.
نجاحات متواصلة
وحققت المملكة هذا العام 2021 إنجازا منقطع النظير أهلها لدور القيادة بالمشاركة مع دول أخرى باتخاذ قرارات مفصلية راعت فيها الشأن العام حيث تكبدت الكثير لإبقاء سوق النفط مستقرا، ووفق الأرقام قاد الخفض إلى نجاحات متواصلة انعكست على ارتفاع أسعار النفط العالمية بشكل كبير مع حلول الربع الثالث، فالخفض الطوعي لإنتاج النفط والذي بادرت به المملكة في يناير 2021 كان بادرة على حسن النوايا من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدعم أسواق النفط العالمية، وكما قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة في حينها «لقد اتخذت السعودية هذه الخطوة بمفردها انطلاقا من رغبتها بهدف تحقيق استقرار السوق ولم تطلب من أي دولة أخرى التقدم والإعلان عن تخفيضات طوعية».
اعتبارات وظروف
وأخذت المملكة جميع الاعتبارات والظروف في الحسبان ودراستها واتخذت القرار الكبير دون تردد ومن دون طلب من أي دولة أخرى كل ذلك إضافة إلى الخفض الإلزامي المتزامن مع حصتها من تخفيضات مجموعة أوبك+ إذ تم التوصل إلى حل وسط بين من يفضلون إبقاء التخفيضات الحالية لمستويات الإنتاج بسبب حالة عدم اليقين في السوق التي تسببت فيها جائحة كوفيد-19، وأولئك الذين يفضلون إنتاج 500 ألف برميل إضافية يوميًا في السوق، وقد نفذت السعودية خفضا في إنتاج النفط الخام، بلغ نحو 836 ألف برميل يوميا منذ ديسمبر 2018.
قيادة رزينة
وبزعامة أكبر منتج ومصدر للنفط الخام في العالم، المملكة العربية السعودية واصل تحالف «أوبك+» نجاحاته بقراراته التاريخية وتشريعاته المستجدة وطغت معنويات الاطمئنان على حسن تدابير وقرارات تحالف «أوبك +».
وعلى الرغم من أنه كان حملا كبيرا على عاتق المملكة فقد تعهدت بخوض معركته وقيادة دفته بأقوى السبل وسط ثقة العالم بقيادتها الرزينة لسوق الطاقة العالمي، فالمملكة تمتلك أقوى الممكنات لاستتباب الأسواق بالسياسات الحكيمة والعادلة التي تراعي ظروف الدول ومشكلات فقر الطاقة.
مكامن القوى
كشف محللو مجلة «فورين بوليسي» الحنكة السعودية في إدارة سوق الطاقة العالمي إلى بر الأمان والاستقرار المستدام، وتؤكد كافة الاجتماعات العادية والاستثنائية والمصيرية لـ«أوبك» وشركائها للعالم حكمة قيادة المملكة وبعد نظرها، بعد أن قادت شركاءها في اتفاق «أوبك+» لتبني جهود إيجابية، باعتبار البترول محركا رئيسا للاقتصاد العالمي، حيث ركزت استراتيجية الطاقة السعودية على تعزيز استقرار سوق البترول العالمية وتحقيق التوازن فيها، مع الالتزام بالتطبيق الكامل لاتفاقية باريس، والحفاظ على البيئة، ومكافحة التغيُّر المناخي.
تضحيات سعودية
وتقود المملكة شركاءها في اتفاق «أوبك+» لتبني جهود إيجابية غير مسبوقةٍ، تشمل خفض الإنتاج والتعويض عن أي زيادة فيه، لتحقيق الاستقرار والتوازن في السوق البترولي العالمي، رغم ما يستدعيه هذا من التزاماتٍ وتضحياتٍ تُحمل المملكة أعباء مالية وفنية لذلك فكانت هذه الطاقة الإنتاجية عنصراً فاعلاً في دعم استقرار الأسواق البترولية ومنع حدوث هزات عنيفة فيها عند الأزمات.
الطاقة المتجددة
كما أكدت المملكة العربية السعودية التزامها الحفاظ على البيئة، ومكافحة التغير المناخي، وتطبيق مقتضيات اتفاق باريس بإعلان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عن مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ودعوة المملكة إلى تبني وتطبيق مفهوم لاقتصاد الدائري للكربون وتطوير وتطبيق التقنيات والأساليب التي تعمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وإطلاقها برنامج مشروعات الطاقة المتجددة.
مزيج الطاقة
أطلقت المملكة برنامجاً طموحاً للوصول إلى المزيج الأمثل من الطاقة المُستخدمة في توليد الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة والغاز بنسبة 50% لكل منهما بحلول عام 2030، وما له من أثر في جهود المملكة لحماية البيئة ومكافحة التغير المناخي.
وترى المملكة أن البترول كان ولا يزال عنصراً مهماً، وحاجة دول العالم له ستستمر لفترة من الزمن في المستقبل ويقتضي استقرار الاقتصاد العالمي تطوير أساليب تُعزز كفاءة إنتاج البترول واستهلاكه، وتُخفض الانبعاثات التي تصدر عنه، وليس على وقف الاستثمارات فيه.
اقتصاد الكربون
والتزمت المملكة بالتطبيق الكامل لاتفاقية باريس، التي تأخذ في الاعتبار حقوق الدول وواجباتها، وتُركز على ظروفها الوطنية الخاصة، وتُقر بأن هناك طرقاً واستراتيجيات وطنية مختلفة لتخفيض وإزالة الانبعاثات؛ ولهذا السبب دعت المملكة إلى تبني الاقتصاد الدائري للكربون الذي يُمثل نهجاً شاملاً ومتكاملاً وجامعاً وواقعياً، يعمل على إدارة الانبعاثات.
وعلقت «فورين بوليسي» عن الأحداث بأعين سعودية ثاقبة ملفتة لما تستثمره عملاقة الطاقة، شركة «أرامكو» من مليارات الدولارات لزيادة إنتاجها الأقصى المستدام من النفط الخام من 12 مليون برميل يوميًا، إلى 13 مليون برميل يوميًا. وتعتقد أرامكو اعتقادًا راسخًا أن الوقود الأحفوري سيكون ضروريًا لفترة أطول بكثير مما تعتمد عليه شركات النفط الرائدة. مع انخفاض تكلفة إنتاج أرامكو، يمكنها زيادة أرباح الوقود الأحفوري إلى أقصى حد مع الانغماس في مجال التكنولوجيا المتجددة والنظيفة دون أي مخاطر مالية حقيقية.
ويستمر الطلب العالمي على الوقود الأحفوري في الارتفاع، لا سيما في الصين والهند، ما يترك لشركات النفط الوطنية مثل أرامكو السعودية فرصة لاستعادة القوة السوقية، وكسب أرباح ضخمة، وإعادة مركز إنتاج النفط والغاز إلى «أوبك».
يناير 2021
– أعلن وزير الطاقة السعودي، عبدالعزيز بن سلمان، أن المملكة ستجري تخفيضات إضافية طوعية في إنتاجها النفطي تبلغ إجمالا مليون برميل يوميا في فبراير ومارس، وأشار إلى أن «إنتاج النفط السعودي سيكون 8.125 ملايين برميل يوميا من أول فبراير»، موضحا أن «الخفض الطوعي لإنتاج النفط بادرة على حسن النوايا من ولي العهد السعودي»، وتابع: «سندعم السوق وصناعة النفط ونحن حماة هذه الصناعة».
فبراير 2021
قادت السعودية «أوبك+» نحو نجاح جديد انعكس بارتفاع الأسعار فالقرار دعم الأسعار بشكل كبير وخام برنت يتجاوز 53.7 دولارا وقفزت أسعار النفط بأكثر من 5% بعد إعلان السعودية عن الخفض الطوعي الإضافي للإنتاج محققا مكاسب بنسبة 5.13%. كما ارتفع خام غرب تكساس بنسبة 5.29%، ليخترق مستوى 50 دولارا ويشمل إعلان السعودية خفضا طوعيا إضافيا لإنتاج النفط بمليون برميل يومياً في فبراير ومارس زيادة على حصتها من تخفيضات مجموعة «أوبك+».
مارس 2021
– قادت السعودية سوق النفط للاستقرار بتمديد الخفض الطوعي البالغ مليون برميل يوميا، الذي قررته في فبراير في إطار اتفاق مجموعة «أوبك+» كان ذلك القرار حفاظا على استقرار الأسعار لذا قررت «أوبك+» تثبيت معظم التخفيضات، وصرح حينها وزير الطاقة السعودي بأن السعودية ستقرر خلال الأشهر المقبلة متى ستبدأ التراجع عنه تدريجيا.
– قررت مجموعة «أوبك +»، تثبيت معظم تخفيضات إنتاج النفط في أبريل، بعد اتفاقها على أن تعافي الطلب ما زال «هشا» وسمحت مجموعة «أوبك+» بقيادة السعودية، وروسيا، بزيادة إنتاجية متواضعة لكل من روسيا، وكازاخستان في أبريل وارتفعت نتيجة لذلك أسعار العقود الآجلة لخام برنت إلى أعلى مستوياتها منذ يناير 2020، وصرح الأمير عبدالعزيز بن سلمان حينها لمؤتمر صحفي عقب اجتماع لوزراء «أوبك+» «لسنا على عجلة من أمرنا… نتوخى الحذر»، وأضاف: «سنطمئن عندما ترجع مخزونات النفط إلى مستويات 2015»، وحث وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان ونائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، حجرا الزاوية في مجموعة «أوبك+»، على توخي الحذر نظرا لهشاشة تعافي الطلب في ظل إصابات فيروس كورونا.
أبريل 2021
بلغ إجمالي إنتاج المملكة من الخام 8.132 ملايين برميل يوميًا خلال أبريل 2021، ورفعت المملكة إنتاجها من النفط الخام خلال أبريل 2021 على أساس شهري.
وكشف التقرير الشهري لمنظمة الدول المنتجة للنفط «أوبك» بالاعتماد على مصادرها الثانوية، ارتفاع إجمالي إنتاج النفط الخام السعودي بواقع 34 ألف برميل يوميًا خلال أبريل مقارنة مع 8.098 ملايين برميل يوميًا في مارس، ومقارنة مع 8.126 ملايين برميل يوميًا في فبراير الماضي.
وعلى مستوى إنتاج «أوبك»، سجل ارتفاعا بواقع 26 ألف برميل يوميا في أبريل 2021، ليصل إلى 25.083 مليون برميل يوميا وارتفع إنتاج «أوبك» خلال أبريل؛ مع زيادة 6 دول إنتاجها فيما قلصت 6 دول إنتاجها وتراجع إنتاج السعودية من الخام بواقع 3 آلاف برميل يوميا خلال أبريل على أساس شهري.
مايو 2021
ارتفع إنتاج النفط بالدول الأعضاء في «أوبك» بنحو 390 ألف برميل يوميًا خلال مايو، وجاء أغلب الارتفاع من السعودية، وفقًا لحصتها الإنتاجية المتفق عليها مع «أوبك+».
وأظهر التقرير الشهري- الصادر عن منظمة الدول المصدرة للنفط حينها أن إنتاج الأعضاء (13 دولة) بلغ 25.463 مليون برميل يوميًا خلال مايو الماضي، بارتفاع 390 ألف برميل يوميًا عن مستويات أبريل، ومن بين 8 دول شهدت إمداداتها النفطية ارتفاعًا خلال مايو كانت السعودية الأكثر صعودًا، إذ ارتفع إنتاجها بنحو 345 ألف برميل يوميًا، ليصل الإجمالي إلى 8.466 ملايين برميل يوميًا.
ويأتي هذا الارتفاع في سياق خطة مسبقة متفق عليها بين الدول الأعضاء في تحالف «أوبك+»، بموجب العودة التدريجية للإمدادات المسحوبة من أسواق الخام في أعقاب تداعيات وباء كورونا على الطلب والمعروض النفطي.
يونيو – يوليو 2021
– وافقت دول «أوبك+» خلال اجتماعها في 18 يوليو 2021 على تمديد اتفاقية إنتاج النفط حتى 31 ديسمبر 2022، بدلًا من أبريل وتقرر خلال الاجتماع زيادة خط الأساس لإنتاج «أوبك بلس» من 43.85 مليون برميل يوميًا إلى 45.48 مليون برميل يوميًا وزادت السعودية، رئيسة التحالف المشتركة في أوبك مع روسيا، الإنتاج إلى 11.5 مليون برميل يوميًا، وروسيا إلى 11.5 مليون برميل يوميًا.
– أجرت «أوبك بلس» محادثات مطلع الشهر يونيو، حول زيادة الإنتاج دون التوصل إلى اتفاق في المقابل دعا وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إلى تقديم القليل من «العقلانية والتنازلات» من أجل التوصل لاتفاق بشأن زيادة الإنتاج النفط في تحالف «أوبك بلس».
أغسطس 2021
– قادت المملكة شركاءها في اتفاق «أوبك+» لتبني جهود إيجابية غير مسبوقة، تشمل خفض الإنتاج والتعويض عن أي زيادة فيه، لتحقيق الاستقرار والتوازن في السوق البترولية العالمية، رغم ما يستدعيه هذا من التزامات وتضحيات، تزايدت بشكل ملحوظ جراء جائحة فيروس كورونا.
– قال خبير الطاقة العالمي الدكتور أنس الحجي: من الواضح أن من الركائز الأساسية في استراتيجية الطاقة السعودية توجه المملكة لأن تكون عنصراً إيجابياً وفاعلاً في تعزيز استقرار أسواق البترول العالمية وتحقيق التوازن فيها، للإسهام في استقرار ونمو الاقتصاد العالمي، ودعم التنمية الشاملة لجميع شعوب العالم.