المعنى الحقيقي لما يجري في الضفة الغربية من ارهاب المستوطنين واحراق القرى وتدمير الممتلكات، هو القهر، وفرض السيادة اليهودية، والاحتلال العسكري، وتكريس الفصل العنصري.
نظام كامل وهائل هدفه تعزيز القوة والإدامة، هذا هو الواقع والانتهاكات، الظلم والاضطهاد اليومي الذي لا يتوقف للحظة، القتل والاعتقالات والسجن، والحواجز والتمييز.
ويتم ترجمة ذلك من خلال جرائم المستوطنين في الضفة، والتسريع في حسم الصراع والضم الكامل، وهو الهدف المعلن من قبل الحكومة الاسرائيلية والتوقيع على الاتفاقيات الائتلافية، واطلاق أيدي الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموترتش، لتنفيذ خطته المسماة خطة الحسم واقامة إسرائيل الكبرى ودولة الشريعة.
وكل تلك الهجمات بجميع أنواعها تخدم الهدف النهائي المتمثل في الاستيلاء على الأراضي الخاصة والعامة للفلسطينيين في الضفة الغربية، وبوتيرة أسرع مما تسمح به إجراءات الاستيلاء المؤسسية مثل المصادرة. الاستيلاء للحاجات العسكرية، إعلان أراضي الدولة، حظر البناء على الفلسطينيين، تصاريح البناء لليهود وتبييض البؤر الاستيطانية.
وكل ما نسمعه من تصريحات الادانة والاتصالات التي اجريت من قبل رئيس دولة الاحتلال ووزير الامن يؤاف جالانت بالرئيس محمود عباس وحسين الشبخ والاعتذار، هو كلام مسخ بدون فائدة، في ظل موافقة الحكومة الاسرائيلية على بناء أكثر من 5600 وحدة سكنية في المستوطنات، أكثر من 1500 منها في مستوطنة “علي”.
وبيان ومواقف قادة الاجهزة الامنية، الشاباك والجيش والشرطة حول الحوادث الإرهابية التي نفذها المستوطنين، هي ليست حقيقية وكذب. فحسب قولهم أن تلك الاعمال الارهابية تجعل من الصعب على قوات الأمن إحباط العمليات (التخريبية) ضد الإسرائيليين.
وتصريحات بعض الضباط الامنيين
بالقول: نحن أصبحنا لا نملك القدرة على السيطرة على الساحة وعلى المشاغبين من المستوطنين والذين يعملون كل ما يخطر ببالهم في الضفة الغربية، والشرطة غير موجودة ولا يبدو أنها ستحضر.
كل هذه التصريحات والمواقف مجافية للحقيقة، وهي سياسة اتبعتها جميع الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ سنوات طويلة.
وما يقوم به المستوطنون هي سياسة ممنهجة طويلة الامد كما ذكرت الصحافية عميرة هس في هآرتس.
وتضيف بعد الرؤية غير العادية وحجم الهجمات الأخيرة في ترمسعيا وأم الصفا، تم التوصل إلى نتيجتين: الأولى، أن مثيري الشغب يحظون بدعم مؤيديهم في الحكومة الحالية، والثاني، أن الهجمات هي رد على الهجمات الفلسطينية، ضد المدنيين الإسرائيليين. كلا الاستنتاجين منطقيان لكنهما لا يفسران بشكل كامل ظاهرة هذا العنف الصارخ من قبل المستوطنين، في وضح النهار وفي الظلام، في المنطقة الأكثر تشابكًا في البلاد بكاميرات المراقبة وطائرات بدون طيار ونقاط مراقبة عسكرية.
وفي معظم العمليات الارهابية والجرائم، لم تكن الشرطة الاسرائيلية متحمسة أبداً للتحقيق في جرائم المستوطنين وحتى أقل من ذلك في عهد بن غفير. الجيش يبرر جرائم الجنود بحق الفلسطينيين بلا سبب.
ومكتب المدعي العام يبيّض الجميع. من الصعب الهروب من الاستنتاج القائل بأن العديد من العناصر في الحكومة مهتمون بتفاقم العنف.
المشكلة بشكل عام هي السياسة العامة التي تتبعها السلطات المعنية بتطبيق القانون ضدهم: الشرطة والجيش والنيابة العامة، والمحاكم والقضاة الذين لا يريدون، بل هم جزء من النظام السياسي الذي يضع السياسات العامة.
وبحسب ما ذكر ه المحامي شلومي زخاريا العضو في الفريق القانوني لمنظمة “يش دين”، في مقال له في الموقع الالكتروني محادثة محلية.
وكما جرى في حوادث سابقة مثل حوارة التي وقعت قبل أشهر، عدم إعداد معلومات استخبارية، إلى جانب إجراءات أخرى، لأعمال الشغب الإرهابية التي كان من المفترض أن تأتي. لا اعتقالات ولا تحقيقات حقيقية ولا لوائح اتهام ولا خطوات من جانب الجيش لمنع مثل هذه الحوادث في المستقبل.
قوات الجيش لا تريد مواجهة اعمال المستوطنين الارهابية، مع العلم أن المستوى السياسي المسؤول عنهم، غالانت وسموتريتش، لن ينظر إلى محاولات فرض القانون. في معظم الحالات، وعلى حد قولهم، الجيش والمستوطنين شيء واحد.