الحرب الوشيكة.. وسيناريوهات يوم القيامة!

مع تزايد حدة التهديدات الأسرائيلية بتنفيذ هجوم عسكري يستهدف المنشأت النووية في ايران،وأذا ما أخذنا على محمل الجد تلك التهديدات،فأن الحرب قد تندلع خلال هذا الصيف الذي قد يبدو بأنه صيفا حارا سياسيا وعسكريا،وهو ما يصطحب معه سيناريوهات كارثية سيجعل المنطقة كلها على حافة حرب عالمية ثالثة،سينجر اليها الكثير من الأطراف،فقد تصاعدت نبرة التهديد والوعيد بين الطرفين على وقع تعثر مفاوضات فيينا،وارجاء التوقيع على أتفاق نووي جديد الى اجل غير معلوم،فيما يبدو وكأن الحرب قد بدأت بقرع طبولها عبر وسائل الاعلام في اسرائيل وايران،وسط حالة من التصعيد والمواجهة المحتدمة بين الجانبين على ساحات عدة في المنطقة كحراب الناقلات وتزايد الاغتيالات،وقد شكل تبني مجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من (35)دولة،قرار ينتقد فيه ايران لعدم تقديمها ما يفسر وجود أثار لليورانيوم في ثلاثة مواقع لم يعلن عنها،واعتماده على الرواية الأسرائيلية التي تزعم بتسريع وتيرة البرنامج النووي الايراني،محطة مهمة في كواليس الصراع،اذ خرجت للعلن بعض شواهد ذلك الصراع،وسط استمرار الجدل الأقليمي والدولي بشان برنامج ايران النووي،وفي ظل ضغوطات دولية تمارس على ايران للعودة الى الاتفاق النووي عام 2015،ومع محاصرة اسرائيل لها من خلال دول اتفاقيات التطبيع الابراهيمية.                               .

في  خضم تلك الاحداث الساخنة والدراماتيكية،قامت اسرائيل بقصف مطار دمشق الدولي قبل ايام تحت ذريعة التهديدات الصاروخية الأيرانية،وقد تزامن ذلك مع تصعيد الحرب الكلامية ،بعد ما كشف الأعلام الأسرائيلي عن نشره منطومة رادارات اسرائيلية في بعض دول الخليج،وصولا للتهديدات التي أطلقها رئيس أركان الجيش الاسرائيلي أفيف كوخافي ضد حزب الله اللبناني،والحديث عن احباط محاولة ايرانية لمهاجمة اهداف أسرائيلية في تركيا،أضافة الى تزايد الاغتيالات الاسرائيلية في صفوف العلماء والضباط الايرانيين، وهنا تثور عدة تساؤلات:- هل تستعد اسرائيل للدخول في مواجهة مفتوحة ومباشرة وحقيقية مع ايران؟وما هي سنياريوهات الهجوم العسكري الأسرائيلي ضد ايران؟وماهي تداعيات توجيه ضربة أستباقية لأيران في مثل هكذا سيناريو؟
ما من ريب بأن المناورات العسكرية التي اجرتها أسرائيل خلال شهر حزيران الجاري،تعكس حالة الحرب والتهديد الوجودي الذي تحاول اسرائيل الترويج له،اذ كثف سلاج الجو الأسرائيلي من مناوراته،وقام بأجراء اربع تدريبات تحاكي حالة تنفيذ هجمات ضد ايران،وخلال التدريب هاجمت طائرات أسرائيلية أهدافا كثيرة خلال فترة زمنية قصيرة،بمدى يصل الى (1100)كيلو متر وباستخدام طائرات اف15 و أف 35،واجرى سلاح البحرية الاسرائيلية تدريبا واسعا لبوارج حربية حاملة صواريخ وغواصات في البحر الأحمر،وفي قبرص اجرت اسرائيل مناورة بعنوان(عربات النار)في سياق استعدادها لحرب ضد ايران متعددة الجبهات،وتلك المناورات تعكس حالة الخوف من سيناريو الحرب مع ايران من جهة،وعدم جهوزية الجيش الاسرائيلي لتنفيذ هجمات عسكرية على اهداف ومواقع ايرانية ،وعدم قدرتها على شن حربا بمفردها دون شراكة من الولايات المتحدة الأمريكية،فأسرائيل تتسابق مع الزمن لمنع ايران من الوصول الى حالة دولة(عتبة نووية) وذلك من خلال العمليات والهجمات المنسوبة اليها،والتي استهدف منشات ايرانية وعلماء وضباط ايرانيين،وهي تستجمع قواها تحاول توجيه ضربة عسكرية مباشرة لايران على غرار قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981،والمفاعل النووي السوري عام 2007،ولكن ما يعيقها عن ذلك خشيتها من التداعيات المجهولة لمثل هكذا ضربة،والتي ستؤدي الى اندلاع حرب متعددة الجنسيات والجبهات مع ايران واذرعها وحلفاءها في المنطقة.
 في سياق التصعيد الحاصل والتأزيم،لا بد من القول بأن اية حرب اسرائيلية مفترضة ضد ايران تستدعي بالضرورة استحضار واستعراض تاريخ الحرب السرية والمفتوحة بين الطرفين،وذلك قبل الدخول في تفاصيل الهجوم المقصود،بما في ذلك الاهداف والتسليح المعقد وطرق القصف وخطة العمل المقترحة،وما بين يدي سنياريو الأنهيار والمواجهة المفتوحة،نستطيع القول بأنه وباستشراف لما سيحدث بأن هذه الحرب المفترضة ستبدأ بفصق جوي عنيف ومركز ومكثف ضد ايران ومنشأتها الحيوية،تستخدم فيه اسرائيل طائرات أف 35 الاحدث والأقوى عالميا،بالأضافة الى الطائرات المسيرة المخزنة المئات منها في بعض دول الجوار لأيران والتي ترتبط بعلاقات عسكرية ومخابراتية وثيقة مع اسرائيل،اضافة الى عمليات تخريب واسعة النطاق تقوم بها عناصر تابعة للموساد الأسرائيلي داخل ايران،وقد تنطلق من الحدود الأذربيجانية ومن بعض دول الخليج،في المقابل سترد ايران بقصف اسرائيل بشكل عنيف ومكثف بالأف الصواريخ البالستية في عمق الكيان الصهيوني،وقد نشرت ايران خريطة بالمواقع المستهدفة في اسرائيل،أضافة الى مفاعل ديمونا النووي،وستنهار الجبهة الداخلية الأسرائيلية الهشة،وتتكبد خسائر كبيرة في الأرواح،حيث في حالة اندلاع الحرب سيتم قصف الجبهة الداخلية بالأف الصواريخ يوميا،وهو ما سيؤدي الى دمار شامل في قلب المدن الاسرائيلية،وتدمر المنشات الأستراتيجية ومشاريع اللبنية التحتية،وستغرق اسرائيل في ظلام دامس، وستضرب محطات الامونيا في اسرائيل الامر الذي يعكس حالة غير مشهودة من الاضرار،وستغلق فورا مضيق هرمز لمنع وصول امدادات النفط الى أوروبا،وستتعرض اسرائيل لهجوم من ست جبهات وقت متزامن،وهي جبهة حزب الله اللبناني الذي من المتوقع ان يمطر اسرائيل ب(1000)صاروخ يوميا،والحوثيين في اليمن،وسوريا التي ستجد نفسها مضطرة لمساندة ايران،وسيقوم فيلق القدس الايراني بقصف اسرائيل من الاراضي السورية ،وبعض القوى في العراق،وقطاع غزة،سناريو الفوضى هذا سينقل المعركة الى عمق الكيان الصهيوني وهو ما لا يتماشي مع العقيدة العسكرية الأسرائيلية التي تقوم على فكرة حروب قصيرة الأمد،وتدور رحاها على ارض العدو،وان اقصى ما تقوم به اسرائيل هو تدمير بعض المنشأت النووية في ايران ومراكز حيوية،بالاضافة الى احداث خسائر فادحة في الأرواح الايرانية،ولكنها ستكون امام خطر وجودي وحقيقي وداهم،وقد تمتد هذه المعركة لسنوات،فاسرائيل تعتقد بانها امام حرب الضرورة القصوى او حرب اللا خيار،لأن بديلها هو القبول بأيران ضمن اعضاء النادي النووي.
اما الدول العربية وخاصة دول الخليج والتي تربط بعضها مع اسرائيل دافئة نتيجة علاقة حب محرم مع دولة الاحتلال،فستتحول الى ساحة قتال عنيف بين الطرفين،وذلك بالنظر لكونها تدعم وتساند اسرائيل،واحتضانها لمحطات مراقبة ورادارات اسرائيلية ترصد تحركات ايران،وسيتبلور حلف للحرب بين اسرائيل والدول الخليجية ضد ايران بعد زيارة الرئيس الامريكي بايدن لها في الايام المقبلة،والمشكلة الرئيسية التي تواجه اسرائيل في حالة نشوب الحرب مع ايران هي بعد المسافة اليها واتساع المساحة الجغرافية لأيران مقارنة مع اسرائيل،فهناك ما يقارب (1100)كيلو متر من أقرب نقطة،وقد تصل الى(2000)كيلو متر،وهي المشكلة التي تسعى اسرائيل لحلها من خلال ضرب ايران من بعض دول الخليج المجاورة بالاضافة الى دولة اذربيجان الحدوية مع ايران،والمشكلة الأخرى هو اتساع الجغرافية الايرانية الأمر الذي سيرهق اسرائيل اثناء هجومها ويشتتها ويفقدها التركيز في هجومها العسكري،فمساحة ايران تزيد على مليون كيلو متر مربع،هذا بالاضافة الى مساحات الجغرافيا للجبهات الاخرى حلفاء ايران في لبنان وسوريا وقطاع غزة والعراق،في حين ان ايران ستكون ضرباتها اكثر تركيزا داخل دولة الاحتلال التي تعتبر جغرافيا شريط ساحلي صغير وضيق،ما سيؤدي الى تركيز الضربات الايرانية بشكل اكثر فعالية.                                   .
 ازاء تلك الاحداث والمعطيات نخلص الى القول بأن هناك هجوما مفترضا واسرائيليا وشيكا ومباشرا ضد ايران،سيؤدي الى حرب واسعة النطاق،وتشتعل فيها جبهات كثيرة ومتعددة،وقد تؤدي الى حرب عالمية ثالثة،خاصة وان أدارة الرئيس الامريكي بايدن تتعرض لضغوط من قبل الصقور في الحزب الديمقراطي للأقدام على هذه الخطوة،اذا ما فشلت ما يمكن تسميته (بدبلوماسية التخويف) في ردع ايران،حيث هناك اعتقاد سائد بأن ايران تستطيع انتاج اول أسلحتها النووية خلال مدة لا تتجاوز الشهرين،وهو أمر ممكن ان تقدم عليه ادارة بايدن بالفعل،ليس فقط للقضاء على طموحات ايران النووية،ولكن ايضا لتوجيه ضربة لتنين الصيني الخصوم اللدود لامريكا عبر ضربه تحت الحزام بقطع امدادات النفط الايراني عنها والتي تقدر بمليون برميل يوميا،وانه في حالة اندلاع الحرب ستنجر دولة كثيرة للتدخل حفاظا على امدادات البترول التي تشكل عصب الاقتصاد العالمي،وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة واوروبا الغربية.                 .
كاتب وباحث أستراتيجي
ايميل [email protected]