الخليجيون وقنواتهم الفضائية والقضية الفلسطينية..إبراهيم ابراش

 من الصعب اليوم قراءة توجهات الرأي العام العربي تجاه القضية الفلسطينية على عكس ما كان عليه الحال قبل سنوات قلائل حيث كان الأمر محسوما لصالح التأييد المطلق للشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال. ومن مظاهر الصعوبة أنك لا تستطيع اليوم التمييز مثلا بين الرأي العام وتوجهات الشعب عند الدول العربية المطبعة مع إسرائيل وتلك غير المطبعة، ولا بين سياسة الدول المطبعة مقارنة بالدول غير المطبعة من حيث درجة دعمها للشعب الفلسطيني وتقديم المساعدة لأهالي غزة، أيضا زالت الفوارق بل وفقدت المسميات معناها ومدلولاتها ما بين القوى التقدمية واليسارية من جهة والقوى الرجعية اليمينية من جهة أخرى، وما بين المواقف الرسمية والمواقف الشعبية ….

الوضع مع دول الخليج له خصوصية من عدة جوانب:

1-    علاقتها المتميزة مع واشنطن والغرب من خلال تواجد قواعد عسكرية أو اتفاقات امنية او تبادل اقتصادي.

2-  قوتها المالية والاقتصادية. ودورها الاستراتيجي في التوازنات الدولية.

3-  تطبيع رسمي مُعلن لبعض دولها مع إسرائيل-الامارات والبحرين_ وحديث عن تطبيع سعودي قادم، وتطبيع خفي وأكثر خطورة بالنسبة لقطر.

4-  دورها في عملية السلام من خلال المبادرة العربية السعودية للسلام ودور قطر في المصالحة الفلسطينية وفي مفاوضات وقف إطلاق النار في حرب غزة.

5-   قيام بعض دولها وخصوصا الإمارات وقطر في لعب أدوار اقليمية في دول عربية وافريقية.

6-    الدور الإعلامي الذي تلعبه قنوات فضائية خليجية في تغطية حرب الإبادة على غزة.

وحول هذه النقطة الأخيرة سنتوسع في مقالنا.

 في السعودية وقطر والإمارات وهي الدول التي تتبع لها القنوات الفضائية: العربية والحدث والجزيرة والعربي وسكاي نيوز والغد الأكثر تغطية لحرب غزة، كثير من الخبراء والمحللين السياسيين وأساتذة علوم سياسية مرموقين ومراكز أبحاث ودراسات الخ .وهذه الفضائيات تستضيف كل من هب ودب من المحللين السياسيين والاستراتيجيين وأساتذة الجامعات والمسؤولين الفلسطينيين والمصريين والأردنيين واللبنانيين والاسرائيليين والأمريكيين الخ والذين يزيدون من ارباك المشهد وخلط الأوراق والتلاعب بعقول المشاهدين دون أي تأثير إيجابي على توجهات الرأي العام العربي حيث يُفترض بالفضائيات وكل وسائل الإعلام أن تلعب دورا إيجابيا في التنشئة السياسية وتعزيز مكانة فلسطين في العقل والوجدان العربي.

مقابل ذلك نادرا ما نشاهد أو نسمع أحداً من أهل البلاد الخليجيين من هذه الفئات يظهر على هذه الفضائيات بالرغم من الدور المهم الذي تلعبه دول الخليج بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة وفي كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ومستقبلها وبالرغم من وجود كفاءات علمية سياسية واكاديمية.

فهل غيابهم استنكاف منهم لأنهم يحترمون أنفسهم ولا يريدون المشاركة في التهريج والدور المشبوه التي تمارسه هذه الفضائيات؟ أم أن الفضائيات نفسها لا تدعوهم ولا تريد مشاركتهم حتى لا تُحسب اقوالهم على دولهم؟ أم أن هذه القنوات لا تجد أشخاصا أكفاء يستطيعون الحديث في القضايا المهمة كقضية الحرب على غزة وتداعياتها الإقليمية والدولية؟! أم أن الجمهور والنخب السياسية في تلك البلاد غير معنيين بما يجري في فلسطين؟ 

[email protected]