أكد اللواء ناصر وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني أن الداخلية وأجهزتها الأمنية والشرطية قادرة على مواجهة التحديات الهائلة التي يفرضها الواقع في ظل الاحتلال وعدوانه ومخططاته المستمرة، بفضل حالة الاحتضان والدعم التي يوفرها شعبنا لهذا المشروع وتطلعه لاستمرار حالة الأمن والأمان.
ولفت اللواء مصلح إلى أن ذلك يعد دافعًا كبيرًا للوزارة، مبينًا إلى أن الدافع الأخر يتمثل في طبيعة المكوّن البشري لدى أجهزة وزارة الداخلية، وما يتميز به منتسبوها من العزيمة والمسؤولية العالية في حمل الأمانة وأداء الرسالة السامية تجاه أبناء شعبهم، وليس أدلّ على ذلك من تقديم أبناء هذه الوزارة دماءهم وأرواحهم في كل المحطات.
جاء ذلك، خلال حوار خاص أجراه “موقع الداخلية” مع وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني اللواء ناصر مصلح عشية الذكرى الـ 14 للعدوان الإسرائيلي على غزة 2008 “حرب الفرقان”.
وأكد اللواء مصلح أن قادة وزارة الداخلية وضباطها وجميع منتسبيها يحملون عقيدة وطنية راسخة في خدمة المواطنين وحماية أرواحهم وممتلكاتهم، مستدركًا “ونحن في جميع مواقعنا أمناء مؤتمنون أمام هذا الشعب، ونؤدي واجبنا بكل إخلاص وتفانٍ”.
امتصاص الصدمة الأولى
وقال اللواء مصلح تعقيبًا على العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2008: “سعى الاحتلال من وراء عدوانه إلى كسر إرادة شعبنا ونشر الفوضى في قطاع غزة، لكنه فشل فشلاً ذريعاً وسجّل شعبُنا بكل مكوناته صموداً منقطع النظير في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية البشعة”.
ونوه إلى أن وزارة الداخلية تمكنت من امتصاص الصدمة الأولى للعدوان، ووقفت على أقدامها رغم العدد الكبير من الشهداء وتدمير جميع المقار، مؤكدًا على أن الأجهزة الأمنية والشرطية واصلت جهودها في تثبيت الجبهة الداخلية وتعزيز صمود المواطنين وتسيير الحياة العامة.
ووجه رسالته لأهالي شهداء وجرحى الداخلية، قائلًا: إن “أبناءكم هم أبناؤنا وزملاؤنا، وكنا وإياهم في خندق واحد في أداء واجبنا في خضم العدوان، وسنبقى الأوفياء لرسالتهم، ومستعدون لتقديم كل جهد في مساعدة ذويهم”.
14 عامًا من العدوان
وفي معرض إجابته عن حالة وزارة الداخلية والأمن الوطني بعد 14 عاماً من العدوان، قال اللواء مصلح: “باتت وزارة الداخلية تشهد تطوراً كبيراً في جميع المجالات، حيث قادت عملية البناء والإعمار، وطوّرت مسيرة التدريب التخصصي والتخطيط، ورسّخت حالة فريدة من الأمن والاستقرار، وأحدثت نقلة نوعية في تقديم الخدمة للمواطنين على شتى الصّعد”.
وأكمل: “أنشأنا العديد من مراكز الشرطة ومقار الدفاع المدني في محافظات قطاع غزة، بما يساهم في تعزيز السلم المجتمعي وترسيخ حالة الأمن والاستقرار”.
ونبه وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني إلى أن الوزارة أجرت تحديثاً وتطويراً على جميع سياسات ولوائح العمل داخل أجهزتها، بما يشكل ناظماً وضابطاً موحداً لجميع مهام إنفاذ القانون وخدمة المواطنين بجميع الأجهزة والإدارات.
تعزيز الأمن والحريات
وشدّد وكيل وزارة الداخلية والأمن الوطني أن هناك قناعة راسخة وتفويض لدى جميع مكونات شعبنا في غزة للأجهزة الأمنية والشرطية، بالاستمرار في تعزيز حالة الأمن والاستقرار بغزة، منوهًا إلى أن هذا المُكتسب هو خط أحمر لدى المواطنين لا يمكن التنازل أو التراجع عنه مهما كلف من ثمن.
ولفت إلى أن الأمن والأمان مطلب أساسي يحظى بإجماع أبناء شعبنا في قطاع غزة بكل فصائلهم وشرائحهم وعشائرهم، بعيداً عن أي تغول أو خروج على القانون من أي جهة كانت.
وأردف اللواء مصلح إن “نسبة الشعور بالأمن والأمان في غزة مرتفعة بدرجة كبيرة، والمواطنون آمنون على أنفسهم تحت كل الظروف، ويرجع ذلك لحالة الثقة في الأجهزة الأمنية والشرطية، ونسعى دوماً للحفاظ على هذا المستوى المتقدم ونبذل ما بوسعنا في سبيل ذلك”.
وأكد أن قطاع غزة يشهد مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير، وهي مكفولة وفق القانون، وهذه سياسة ثابتة لدى وزارة الداخلية.
وفيما يتعلق بتنظيم مظاهر الحياة العامة، نبه وكيل الوزارة إلى أن الجهود مستمرة في هذا الإطار، وأن هناك تقيم دوري للإجراءات المتخذة بالخصوص، وأن الداخلية حريصة على اتخاذ ما يلزم للحفاظ على صفو الحياة العامة وأجواء الطمأنينة، منوهًا إلى وجود تعاون مع كل الجهات ذات العلاقة لتحقيق ذلك.
مكافحة المخدرات
وعلى صعيد الجهود المبذولة في مكافحة المخدرات وحماية المجتمع منها، أكد اللواء مصلح أن ذلك يلقى اهتمامًا عليًا لدى الأجهزة الأمنية والشرطية المختصة، في ظل سعي الاحتلال المتواصل لإغراق بلادنا بهذه الآفة؛ لإفساد شبابنا وتدمير مجتمعنا.
ولفت إلى أن الأجهزة المختصة بالشرطة تمكنت مؤخراً من إحباط تهريب كميات كبيرة عبر الحدود والمنافذ البرية والبحرية، وقضت على عدد من بؤر ترويج المخدرات داخل القطاع، مرجعًا هذا الإنجاز إلى حالة اليقظة الدائمة لدى شرطة مكافحة المخدرات بمساندة سائر الأجهزة المختصة.
مواجهة التخابر
وحول جهود الداخلية في مواجهة التخابر، أوضح وكيل وزارة الداخلية خلال الحوار أن وزارته تسير في مواجهة هذه آفة في مسارين أساسيين: الأول الجهود الأمنية والاستخبارية ضد مخططات أجهزة مخابرات الاحتلال لاختراق شعبنا وإسقاط شبابنا، ونُحقق في ذلك إنجازات مهمة.
وفيما يتعلق بالمسار الثاني، بيّن أنه يتعلق ببرامج التوعية والتحصين الأمني لمختلف الفئات والشرائح.
واستدرك اللواء مصلح حديثه قائلًا: “الشعب الفلسطيني يمتلك من الوعي والمسؤولية والانتماء ما يحصنه ذاتياً من التورط في مستنقع التخابر، برغم ما يمر به من ظروف اقتصادية ومعيشية قاسية جراء الحصار الإسرائيلي”.
ونبه إلى أن آفة التخابر مع الاحتلال محدودة جداً، مستدلًا على ذلك بفشل الاحتلال المستمر في النيل من منظومة المقاومة وإلحاق الخسائر بمقدراتها، وهو ما ثبت عملياً في جميع الحروب التي شنها الاحتلال على شعبنا.
علاقة متينة
وفي إطار إجابته عن طبيعة علاقة وزارة الداخلية مع الفصائل والقوى الفلسطينية، وصف اللواء مصلح هذه العلاقة “بالمتينة”، مؤكدًا أن جميع المكونات السياسية بغزة تمارس أنشطتها وفعالياتها بحُرية كاملة.
ونوه إلى أن الأجهزة الأمنية والشرطية في القطاع تبذل جهوداً كبيرة في توفير الرعاية والتأمين لكل تلك الأنشطة.
وأكمل: “كان آخرها تأمين إحياء ذكرى الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومهرجانات انطلاقة حركتي حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وغيرها، كما يجري التنسيق لتأمين فعاليات انطلاقة حركة فتح خلال الأيام المقبلة”.
وعن طبيعة العلاقة مع المؤسسات الحقوقية العاملة في قطاع غزة، لفت اللواء مصلح أن هناك تواصل دائم مع تلك المؤسسات سواء المحلية أو الدولية، مؤكدًا أن الخطوط مفتوحة بينها وبين الجهات المختصة بالوزارة، وأن هناك اجتماعات دورية في سياق ضمان تنفيذ القانون وصون حقوق المواطنين.
وأشار إلى أن المؤسسات الحقوقية تُجري زيارات دورية لمراكز التأهيل والإصلاح ونظارات التوقيف لدى أجهزة الوزارة؛ لتفقد ظروف النزلاء والتأكد من سلامة الإجراءات القانونية.
وأكد أن أجهزة وزارة الداخلية تعمل باستمرار على تحديث خططها لحالات الطوارئ، وهي جاهزة للتعامل مع أية ظروف أو مستجدات طارئة، والحفاظ على استقرار الجبهة الداخلية.
منظومة رقابية فعالة
وفي حديثه عن المنظومة الرقابية، أكد اللواء مصلح أن وزارة الداخلية لديها منظومة رقابية “فعالة” تمارس دورها على جميع الأجهزة والإدارات بكل شفافية، مشددًا على أن الوزارة تتعامل بجدية واهتمام مع أية شكوى أو مظلمة من المواطنين تجاه ضباط ومنتسبي الوزارة.
واستدرك حديثه، قائلًا: “لسنا معصومين من الخطأ، وإن حدث أي تجاوز أو مخالفة من عناصرنا فنحن نتحمل المسؤولية ونلتزم بمعالجتها وردّ الحق لأصحابه، فلا نقبل على أنفسنا المساس بحقوق المواطنين، ولدينا شواهد سابقة على ذلك”.
ونبه اللواء مصلح إلى أن الظروف المالية الصعبة التي نمر بها في غزة تحول دون إرفاد وزارة الداخلية باحتياجها من الكادر البشري بشكل دوري، ومع ذلك فقد أقرت لجنة العمل الحكومي استيعاب عدد محدود في قوى الأمن خلال العام المقبل 2023، بالإضافة إلى التعيين على الشواغر التي ستتحقق خلال العام؛ من أجل تغطية جزء من الاحتياج للكادر البشري.
وختتم حديثه قائلًا: “شعبنا يستحق منا أن نكون خدماً له بكل ما لدينا من إمكانات، وهو الذي تحمّل وعانى الكثير من بطش الاحتلال على مدى العقود الماضية، وسنبقى محافظين على حالة الأمن والاستقرار في غزة، ولن ندخر في ذلك جهداً”.