فرضت وزارة الخزانة الأمريكية في نوفمبر عام ٢٠١٩ تزامنًا مع الذكرى السنوية لاقتحام سفارة الولايات المتحدة في طهران عقوبات على العديد من القيادات الإيرانية، بينهم رئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق والرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، الذي بدت البغضاء من فمه أمس، عندما تحدث في أول مؤتمر صحفي له بعد فوزه في مسرحية الانتخابات المعدة سلفا، وقال إن برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية «ليس خاضعا للتفاوض»؛ وهو ما يعكس نهجا أكثر تشددا من سلفه روحاني وهو الأمر المتوقع؛ بل وذهب رئيسي إلى أبعد من ذلك عندما فصّل ملف المفاوضات النووي الإيراني على مقاس المرجعية الطائفية.. لقد أكد رئيسي المؤكد وأثبت نصا وروحا أن المرحلة القادمة ستكون المرحلة الأكثر تشددا في إيران خصوصا بعد سيطرة خامنئي على كافة مفاصل الحكم في إيران، فرئيسي القاضي متهم بالتورط في إعدام الآلاف والمفروض عليه عقوبات من وزارة الخزانة الأمريكية التي نسيت أو تناست اليوم أنه هو قائد الإعدامات التي طالت سجناء عام 1988، حين كان يشغل منصب معاون المدعي العام للمحكمة الثورية في طهران. وكان هذا الملف من الأسباب التي أوردتها وزارة الخزانة الأمريكية لدى إعلانها فرض عقوبات عليه في 2019. لقد كشف رئيسي بعد انتخابه خارطة الطريق المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني الذي دخل مرحلة حاسمة من النقاش في فيينا قائلا: «سياستنا الخارجية لن تتقيد بالاتفاق النووي.. لن نربط مصالح الشعب الإيراني بالاتفاق النووي»، مشيرا إلى أن «الولايات المتحدة خرقت الاتفاق النووي، والاتحاد الأوروبي فشل في الوفاء بالتزاماته». لقد أحجمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة ودول عربية عديدة عن توجيه التهنئة له بمناسبة فوزه بالانتخابات، وهو ما يؤشر إلى مدى التحدي الكبير الذي سيواجهه رئيسي، خصوصًا أنه الرئيس الإيراني الأول الذي يصل لمنصب الرئاسة، وهو خاضع للعقوبات الأمريكية. رئاسة رئيسي غير مستقرة إلى حد كبير، خصوصًا في ظل السجل المخالف لحقوق الإنسان الذي يرتبط به منذ حقبة الثمانينات من القرن الماضي، عندما ترأس لجنة الإعدامات في محكمة الثورة التي راح ضحيتها 30 ألف معارض، فقد قالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أغنيس كالامارد، تعقيبًا على فوز رئيسي: «صعود رئيسي إلى الرئاسة بدلاً من التحقيق معه في الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في القتل والإخفاء القسري والتعذيب، هو تذكير قاتم بأن الإفلات من العقاب يسود في إيران». ومع هذه المظالم سيكون رئيسي أمام مشهد قابل للانفجار في أي لحظة، خصوصًا في ظل الطلاق الذي حصل مع حوزة قم، فقد أظهرت نسب التصويت في الانتخابات، حصوله على أدنى نسبة في قم التي تُعتبر تاريخيًا حاضنة النظام، في حين حصل على أعلى الأصوات في مشهد، ما يعني عمليًا انتقال السلطة من قم إلى مشهد، وما يمثله هذا الانتقال من تداعٍ مستقبلي على مشهد النظام السياسي الإيراني في مرحلة ما بعد خامنئي.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0