*”الله محييها الأخت “سنا” نطقت بروح الصحفية الراسخة في وطنيتها وثقافتها الثورية النقية من شوائب اللوثات الفكرية والسياسية والمتحصنة من خزعبلات الذباب الإلكتروني فضلا” عن تموضعها في خط المقاومة وثوابت القضية ووحدة الأمة في طوفان الأقصى.”*
*”الله يبارك فيها “سنا” اسما” وقلما” وهمة وصدقا” وإخلاصا” لفلسطين وللمقاومة*” أو تدرون هذه العبارات الرائعة الوفية كوفائه لشعبه ووطنه.. الفواحة بالصدق كعطر ورد الياسمين..الغالية على قلبي كغلاوة العروش على قلب الملوك…
النقية من كل تزلف ورياء كنقاوة قلبه الطاهر… من أرسلها لي؟؟
هو شهيدنا… وعزيزنا… وحبيب قلوبنا الذي بكت عليه السماء والأرض!
امتشقت سيف قلمي لأرثيه وأودعه على طريقتي الخاصة… وأنا من كنت أكتب عنه في حياته وهو يتنفس شرف وكرامة وعزة… أنا ما نسيت وهج الكتابة عنه منذ اللحظات الأولى لاستشهاده… انا ما تخاذلت لأزفه بكلماتي النابعة من صميم القلب بعد أن كُتب اسمه في أعلى المراتب التي ينالها الشهداء ..أوليس الشهيد حبيب الله؟
ولكنني كنت “أضم” العبارات التي ستبثها أحزاني وأشجاني لتفرد أجنحتها وتصل إلى روحه الطاهرة ..
أنا لن أقصر بالكتابة عنك حتى بعد استشهادك…والله يا “أبو العبد” لقد بكيتك بحرقة ولكأنني فرد من أفراد عائلتك العزيزة الكريمة..
أذكر عندما كتبت له وعنه بكل وجعي وألمي بعد استشهاد أقماره الأبناء والأحفاد تمنيت عليه آنذاك بسطوري “الحنونة” أن يزفني إلى عالم الشهادة…خلت نفسي لربما أسبقه أنا!!
لست أدري لماذا “قادني” احساسي لأطلب منه هذا الطلب “الجميل”؟ وأنال شرف الشهادة مرتين: مرة بموتي شهيدة وهو أشرف الموت ..ومرة لأن “القائد الكنعاني” -كما يحلو لي أن اسميه- كان سيزفني ويقول عني: “الشهيدة سنا نالت ما تمنته هنيئا” لها”.
ربما يقول البعض عندما يقرأ سطوري أكان من الجنسية اللبنانية أو الفلسطينية لماذا كانت تتمنى هذه الصحفية بكل شغف وشوق أن يزفها قائد لمقاومة فلسطينية شريفة نبيلة وهي لبنانية وليست فلسطينية؟
وعاطفتها تميل كل الميل إلى “القائد الكنعاني” الذي أعز أمة بحياته واستشهاده؟
لماذا لم تتمنى وتطلب من قائد مقاومة لبنانية هذا الطلب؟
سأجاوبكم …
عندما تشعر بالمحبة والحنين إلى شخص ما فتأكد أنه يشبهك بالروح والقلب الحنون والفكر المنفتح.. يشبهك في آرائك ويقدرك حق التقدير والاحترام ..
وكما يختار القلب حبيبه كذلك القلم يرسم بوصلته باتجاه قدوته ومثاله الأعلى” ليفجر” حبره بين ” أحضان” سطوره بكلمات مـُرصعة بالبياض والنقاء لهذا القائد …
وأنا سبحانه ربي لقد اختاره قلمي ومقاومته الباسلة التي تسطر أروع الملاحم البطولية في غزة العزة وتذل جيش النخبة أمام شاشات التلفزة ومع احترامي وتقديري لقادة المقاومة من أبناء بلدي الذين ما احتضنوا قلمي وصحفيتي للحظة ! “.
يقولون :” الانسان يتعافى بمن يحب.” وأنا سأكمل أيضا” يتعافى بمن يقدره حق التقدير….
حنين قلمي وشغفه بل حنيني أنا شخصيا” اهديته للرئيس الشهيد القائد إسماعيل هنية الذي قدرني واحترم قلمي ونضالي كصحفية لقضية وطنه المحقة ودفاعي بمواقفي عن المقاومة وأبطالها جُند وقادة.
التقيت بحبيب قلوبنا للمرة الأولى في احدى المهرجانات الخاصة بحماس في مدينة “صيدا” جنوب لبنان ولمست طيبته وحنيته وتواضعه أدركت أن هذا القائد مبارك لشعبه ولوطنه ولأمة العرب تلك الأمة البائسه التي لا تستحق قائد شجاع دافع وافتدى وعائلته وطنه وشعبه تجاه الغطرسة الإسرائيلية الملطخة بدماء الأبرياء وقدم فلذات كبده وأحفاده لأجل فلسطين وشعبها الصامد الصابر.
تشعر أنك تريد الاستماع اليه أكثر وترغب بالجلوس معه لحلاوة حديثه ولشفافيته وصدقه..
كنت أشعر بالسعادة والاعتزاز عندما أعلم بأن كتاباتي تصله ويقرأها بتمعن وكان يرسل لي أحيانا عبر أعزاء على قلبه الكلام الداعم للمعنويات والتشجيع والثناء على محاربتي لعدونا بقلمي الذي أحبه لأنه قلم مقاوم ووفي للقضية الفلسطينية وللوطن العربي…هكذا كان يصف قلمي… وهذه شهادة من قائد محارب يتصف بالنبل والأخلاق كالشهيد إسماعيل هنية يعتز بها أي صحفي لأية دولة عربية انتمى.
كان أملي الكبير أن أنال شرف اللقاء به للمرة الثانية لذا لم أصدق عندما تلقيت خبر استشهاده ..حزنت وتألمت وكأنني جالسته بالأمس واستمعت لطيب كلامه… نعم لقد بكيت لأجله ولمصابنا الجلل لقد صدمنا جميعا” كنا نعلم أن حياته للشهيد النبيل الشهم المعطاء صاحب القلب الطيب لا بد أن تُختم بعطر الشهادة ولكن لم نتوقع أن يد الغدر الإسرائيلية ستطاله وهو في ضيافة ايران!
وعندما نذرف الدمع بوجع وألم نكون حقا” قد أحببنا من أعماق القلب والروح.. لست أنا وحدي من ذرفت الدمع الحارق للجفون هناك الملايين من الشعوب العربية بكت ولولا القمع في بعض الدول العربية صدقوني لكنا شاهدنا الآلاف والملايين في الساحات والميادين والطرقات تندد بعملية الاغتيال وتستنكر وتهتف باسمه وتناديه: يا حبيب الملايين… ولكن هذه الشعوب البعض منها مغلوب على أمرها.
أما جنازته المهيبة والحضور الرسمي والشعبي لن يحظى بمثلها أي رئيس أو حاكم عربي أنا اجزم لكم!!
فهل هناك قائد سواه يستحق كل هذا الشرف العظيم والمحبة الكبيرة في قلوب الجماهير العربية؟؟أمة العرب ممن يملكون الشرف والكرامة تعطرت وتزينت في يوم “جمعة هنية” كما أسموها محبينه من شعبه وكل محب صادق “واحتضنتهم” الجوامع ليصلوا صلاة الغائب عن روحه الطاهرة..
لربما بكائي يميزني عن بقية الناس لأنني شعرت في الفترة الأخيرة أنني مُقربة منه كثيرا” وذلك عبر تواصلي مع عزيز على قلبه جدا” جدا”.. وهذا العزيز والغالي كنت اتواصل معه لأطمئن عنه فقال لي: أنه في طهران كتبت له كلمات صادقة من قلبي مرفقة بالدعاء وتمنيت عليه أن يرسلها له وهي ليست المرة الأولى بل مرات عدة كان يرسل حتى الأخبار الخاصة به وبحركة حماس والتي كنت أنشرها على الموقع الاخباري الذي أشرف
على ادراته في “فرع لبنان”وأيضاً” على مجموعاتي الاخبارية وكان يصلني الرد الداعم لي كصحفية ولقلمي الثائر الحر الذي لا تقيده قيود ولا تخيفه تهديدات!! وبالفعل وصلت الرسالة اليه قبل ساعة واحدة من عملية اغتياله!
شعرت بالغصة عندما علمت بذلك وبالفخر فلربما آخر رسالة قرأها قبل أن يرتقي لعالم الشهادة وتصعد روحه الطاهرة إلى السماء ويسكن جنات الخلد كانت رسالتي !
وبالتأكيد كان سيرسل رده على تحيتي في اليوم التالي لو كتب له العمر.. فكل من عرفه عن كثب يدرك أي قائد متواضع هو وأية دماثة أخلاق كان يتمتع بها..
وأنا أعدك وأنت في عليائك أنني سأحارب هذه المرة عدونا بكتابات ومواقف شراسة علها تكون الثأر لدمك!
حربي الإعلامية ستكون عدوانية أكثر من ذي قبل! لأنهم افجعونا بفقدان عزيز على قلب كل مقاوم شريف محب للمقاومة ولفلسطين وللعروبة وللقومية.. والله والله سنذيقهم طعم الويل في كلماتنا ومقالاتنا لكل متحدث باسم جيش العدو ولكل وزير في حكومة الإرهاب الصهيونية!!ستكون عباراتنا كالخناجر الدامية لقلوبهم السوداء الحاقدة!
أنا أعدك يا طيب القلب أنني لن أضع بندقية قلمي جانبا”.. أوتدري؟؟
أنت السبب عندما “لقمت” بندقية قلمي لأخط اليك وأعزيك باستشهاد أقمارك بعد توقفي عن الكتابة لأشهر وبفضلك “صحت” من جديد ..نعم لأجلك أنت…والآن أعدك أنها ستبقى مُصوبة باتجاه العدو الغادر لا يعنيني إن انصفني البعض أو لا يا شهيدنا يا “أبو العبد” فيكفيني أنك من انصفتني كصحفية وكنت ستنصفني كإنسانة أنا أعلم ذلك… سأحزن وسأشتاق لكلماتك الداعمة لمعنوياتي عند كتابة كل مقال أهز به ذاك الجيش الدموي النازي!
وسأحفظ وصيتك بأن أكمل في كتاباتي التي تحارب عدوي وأسير على نهجك وأتخيل أنك ستقرأها بتمعن وهذا ما أوصاني به عزيزك الغالي على قلبك:
*”استمري على ما كان عليه القائد في محاربة هذا العدو المجرم بالقلم والكلمة الحرة..سنكمل المشوار من بعدهم*”.
وأنا سأنفذ الوصية.
أيها الوفي ذو الوجه الملائكي جمعتك “الهنية” كانت جمعة سيذكرها التاريخ على مر الأجيال التي ستذكرك بكل عنفوان وتقول: في ال 2 من اغسطس عام 2024 كانت “جمعة هنية” القائد الشهيد الذي رفع جبين العرب عاليا” ومسح على قلوبهم بالأمان والطمأنينة …
ستذكرك الأجيال القادمة وتهتف: “ها هنا ترجل الفارس عن صهوة جواده بعد مسيرة طويلة من النضال والجهاد.. ها هنا” لمسات” خطاباته الثورية.. ها هنا صدى كلماته الوطنية ..وسوف تصلي عليك هذه الأجيال يا طيب القلب في الأقصى الشريف وتزين صورك باحاته….
والله يعز علينا يا “أبو العبد” أن لا تشهد معنا تحرير القدس.. ولكنك سترانا من عليائك وتبارك لنا بالتحرير والنصر من جنتك…
يعز علينا ولكن العزاء أن دمك الطاهر الذي سال ودماء كل الشهداء والشهيدات في غزة الصمود هم ثمرة النصر القريب والتمهيد إلى تحرير الأقصى من رجس المحتل الغاصب…
نم قرير العين يا مهجة القلب والفؤاد وحبيب الشرفاء والشريفات والأطهار… لقد آن الأوان لجسدك الطاهر أن يستريح..اطمئن تلاميذتك سيكملون الدرب الذي خطيته بالدماء ..
غزة منارة الشعوب حيث ولدت وترعرعت.. وبين ساحاتها وطرقاتها بدأت ترسم نهج التحرير هي في عيوننا يا شهيدنا…
غزة سينصرها الله وجنوده الأوفياء رجال الله في الميدان …غزة بأمانة حبييك “الضيف والسنوار” وكل قائد شريف يدافع عنها وعن كل حبة تراب من أرضها المباركة..
غزة الدامعة عليك يا “أبو العبد” يا حنون ستهديك نصرها وتكفكف دمعها وسيهتف أطفالها وشيوخها ونسائها وأبطالها الشجعان
باسمك ليهدوك نصرهم ..
والله نعلم أن قلبك الصغير النابض بالعاطفة كان يتفتت لمشاهد الدمار والجوع والقتل والقهر!
قلبك الطيب كان يبكي من الألم بصمت رهيب!
أشعر بك كم عانيت وكم تألمت ..وكم سهرت الليالي لأجل كرامة شعبك ووطنك….
فمن مثلك يا عزيزنا؟
لا تشبه أي قائد ذكره التاريخ …هم سرد لنا عن شجاعتهم وعن بطشهم وقوتهم..ولكن التاريخ سيذكرك ليس فقط بالشجاعة والبطولة والتضحية.. بل سيذكر طيبتك ورأفتك وحنيتك لقد اجتمعت فيك كل الصفات الجميلة التي يخصها الله لعبده الذي يرضى عنه.
وبعد.. أعذرني فلم أستطع الحضور بين الجموع والجماهير الغفيرة لاستقبالك في عرس الشهادة…
أعذرني .. لأنني لم أنثر الأرز والورد الجوري على نعشك الذي” تجمل” بعلم فلسطين…
فلسطين التي أحببت وعشقت ووهبتها القلب والروح والدم والأبناء الأحفاد والأخوات…
ولكنني أعدك سأزورك عندما تسنح لي الظروف ومعي باقات من الورود سأهديك اياها وافترشها على ضريحك..
كان الموعد هذا اليوم… “الثالث “من اغسطس وجهت النداء لجماهير شعبك وللأمة العربية ليخرجوا إلى الحدود مع فلسطين المحتلة والميادين والساحات نصرة لغزة ولوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها أعداء الدين والانسانية…
ما أصعبه علينا.. وما كنا نعلم أن هذه الوقفات والمسيرات والتظاهرات ستكون من دون صوتك وارشادك وكلامك الهادر كموج البحر …ما كنا نعلم أنه النداء الأخير يا قائدنا الذي سنسمعه منك.. فهل استشعرت أنت؟
سامحني… الغصة تتملكني ..ولكأن قلمي يبحث عنك..عن من قدره وأنصفه…ما عادت لي القدرة على الكتابة لأرثيك وأبارك لك بشهادتك..العبارات والمعاني وكل قواميس اللغة في العالم تعجز عن التعبير عندما نرثي عزيز أو حبيب على قلوبنا …
سامحني.. الوداع يا أشرف الناس.. وأطهر الناس… وأعز الناس…
نحن اليتامى من بعدك.
وعدي لك عندما تتحرر فلسطين سأذهب إلى جوار ضريحك وأكتب
من هناك مقال التحرير والنصر لأشعر بمباركتك…
هنيئا” لك الشهادة..
[email protected]