وذهب فريق ثالث إلى أن ميركل قد تواجه خيارا آخر من الانهيار السياسي يضاف إلى تحديات أخرى، كالمنافسات التي قد يكسب فيها المتطرفون وقوى التشدد اليميني أرضيات متزايدة، وارتداد قطاعات شعبية على جانبي الأطلسي إلى الأصوليات والأفكار الشوفينية الشعبوية ضيقة الأفق.
ومن خلال الردود المرحبة بقرار ميركل والحزينة تجاهه والوجلة المتوجسة من أسبابه وتداعياته، قومياً وأوروبياً وغربياً وربما دولياً أيضاً، نستطيع الجزم أننا أمام زعيمة استثنائية تنتمي إلى طائفة الشخصيات القيادية العالمية ذات الكارزمية واسعة الإشعاع والتأثير وصناعة القرار الكوني. فعلى الصعيد الأوروبي لا تعد ميركل من جيل المؤسسين للمنظومة الاتحادية.. ففي العام الذي ولدت فيه (1954) كانت هذه المنظومة قد تحركت بالفعل بجهود بذلها بقوة الفرنسيان جان مونيه وروبير شومان والألماني كونراد أديناور.
ويوم صعد نجمها السياسي في أواخر ثمانينات القرن الماضي وأوائل تسعينياته، كانت الفكرة الاتحادية وأذرعها التطبيقية قد اشتد عودها وأضحت قوة يعتد بها دولياً، اقتصادياً بالدرجة الأولى وسياسياً وأمنياً بمعدلات أقل. وميركل عاصرت وعاينت الحلم الوحدوي وهو يتحقق في وطنها الألماني الأم، ويتمدد في طول القارة الأوروبية وعرضها من 6 دول مؤسسة إلى 27 دولة غير أنه قدر لميركل أن تقود القاطرة الاتحادية في العقد الأخير تحت ضغوطات وتحديات وأزمات عاتية. كالأزمة الاقتصادية في بعض دول الاتحاد، والأعباء المالية المتأتية عن التحاق دول الشرق غير المؤهلة للانخراط العاجل في الدولاب الاقتصادي لغرب القارة، وحشود المهاجرين واللاجئين من عوالم الجنوب، وتفشي النزعات والتيارات الانفصالية المجافية للاتجاه الاتحادي، التي بلغت ذروتها بخروج قطب أوروبي ودولي رفيع المكانة والمقام بحجم بريطانيا.. إنها.. الرعشة الأخيرة لأنغيلا ميركل؛ أقوى امرأة في العالم.