السعودية وتركيا.. ملفات مشتركة واستثمارات متبادلة

تشهد العلاقات بين السعودية وتركيا تقاربا كبيرا، ويظهر هذا التقارب في زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدول الخليجية بجولة يبدأها من الرياض، تركز بمضمونها على إحداث نقلة نوعية في التعاون والشراكة بكل جوانبها بين البلدين.

وتعتبر زيارة أردوغان للمملكة حافلة بأجندة طويلة من الملفات الحيوية التي تسهم بدفع مسيرة التعاون، وتعزيز الترابط السياسي والاقتصادي بين البلدين؛ أخذًا بعين الاعتبار الدور السعودي الحيوي والقيادي في الشرق الأوسط، وآراءه السديدة فيما يخص سورية والأمن والإرهاب العابر للحدود ومكافحة المخدرات.

وقفة السعودية مع أنقرة

زيارة أردوغان، ووفقًا للمراقبين، لا تخلو أيضا من رسالة شكر وامتنان كبير للمملكة وقيادتها على اللفتة الإنسانية ووقوفهم إلى جانب تركيا لمؤازرتها في لملمة جراح اقتصادها، لا سيما بعد كارثة زلزال فبراير والذي كشف المعدن الأصيل للسعودية حكومة وشعبًا.

وتحرص تركيا على تعزيز آلية التعاون والتشاور مع المملكة لاعتبارات قوية أهمها أنها كانت محركًا أساسيًا لعجلة التصالح التي كانت تنشدها تركيا مع الدول الخليجية والإقليمية، حيث لا يخفى على أحد أن «الرياض» كانت مساهمًا قويًا في استعادة وتطبيع العلاقات التركية-المصرية، والدفع باتجاه تدفق الاستثمارات المربحة إلى تركيا.

ترى تركيا أنها مع السعودية تتمتعان بمقومات اقتصادية واستثمارية ضخمة لامتيازهما بالاستقرار السياسي والاقتصادي الذي يعد محفزًا وداعمًا كبيرًا للنمو الاقتصادي وتوظيفه في خدمة الشعبين.

منتدى الأعمال السعودي – التركي

وانطلق، اليوم، منتدى الأعمال السعودي-التركي على هامش زيارة الرئيس التركي، حيث أكد أردوغان أن زيارته إلى المملكة تستهدف التباحث في مجالات الاستثمار، ومرت العلاقات التجارية بين تركيا والسعودية بمراحل مختلفة في السنوات الأخيرة لتحل المملكة مؤخرًا في المرتبة الـ22 في قائمة الدول المستوردة من تركيا.

وبحلول مارس الماضي، كان هناك 1140 شركة سعودية مستثمرة في تركيا، و390 شركة تركية مستثمرة في المملكة، وتتركز الاستثمارات في قطاعات الإنشاءات والتصنيع وتجارة الجملة والتجزئة وقطاع المطاعم.

وبلغت قيمة الصادرات التركية إلى السعودية خلال الأشهر الـ4 الأولى من العام الجاري نحو 781 مليون دولار.

التبادل التجاري

وقفزت التجارة البينية بين الدولتين من 4.5 مليار دولار في عام 2017 إلى 6.1 مليار دولار في عام 2022، حيث بلغت صادرات تركيا إلى السعودية العام الماضي 1.05 مليار دولار، ما يشكل قفزة عن أرقام عام 2021 والتي كانت عند حوالي 250 مليون دولار، ولكن عند مقارنة صادرات تركيا للمملكة في 2022 مع عام 2020، فتكون قد تراجعت بشكل ملحوظ، حيث كانت صادرات تركيا إلى السعودية في 2020 بلغت نحو 2.5 مليار دولار.

صادرات السعودية إلى تركيا بلغت نحو 5 مليارات دولار في 2022، ما يشكل زيادة بنحو 19% مقارنة بعام 2021، وزيادة بنحو 88% مقارنة بعام 2020.

ولا يزال حجم التجارة ضئيلا مقارنة بالمأمول بين الدولتين، وأشارت الحكومة التركية في مارس الماضي إلى استهداف تجارة بينية بين الدولتين بنحو 10 مليارات دولار سنويا في السنوات المقبلة.

ومن الخطوات الأساسية لدعم العلاقات بين البلدين، قرار الرياض إيداع 5 مليارات دولار في المركزي التركي في مارس الماضي، ما خفف من ضغوط العملة الأجنبية في تركيا خاصة في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا في فبراير الماضي.

وتقود «أرامكو» السعودية أيضا الحراك الاقتصادي مع تركيا، حيث قامت الشركة في يونيو الماضي بلقاء نحو 80 من أكبر شركات الإنشاءات التركية في مساع لمنحها عقود في المملكة بقيمة قد تصل إلى 50 مليار دولار كما ذكرت وكالة «بلومبرغ».

والأسبوع الماضي عُقد ملتقى الأعمال السعودي التركي في إسطنبول، حيث تم توقيع 16 اتفاقية تعاون بين الجانب السعودي والشركات التركية في مجالات التطوير العقاري والإنشاءات والاستشارات الهندسية، وعدد من القطاعات الاستثمارية الأخرى بقيمة تتجاوز 2.3 مليار ريال.