قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام، في الذكرى الخامسة والخمسين للنكبة أن نكبة حزيران عام 1967، تعني للشعب الفلسطيني استمراراً لآثار النكبة الأولى عام 1948.
وأضاف عزام في تصريح لاذاعة صوت القدس ” أن النكبة الأولى سُرق فيها أو بعدها نصف فلسطين، وفي النكبة الثانية عام 1967 سُرق ما تبقى من فلسطين، إضافةً إلى سقوط القدس.
وتابع ” نحن نسجل اعتراضنا على المصطلح، الذي استخدمته الدول العربية “النكسة”. هذه ليست مجرد نكسة، هم اتفقوا على هذا الوصف تخفيفاً لوقع الصدمة، ومحاولةً للالتفاف؛ حتى لا يكون هناك رد فعلٍ جماهيري كبير.
وأشار عزام الى أن ما حصل هو نكبة حقيقية، ضاع فيها ما تبقى من فلسطين، وسقطت فيها القدس، وإمعاناً في السخرية منا، ومن الدول العربية، أطلقت “إسرائيل” عليها اسم “حرب الأيام الستة”.
وأكد أن سقوط القدس يشبه الزلزال بالنسبة إلينا، وبالنسبة لكل العرب والمسلمين، فالقدس تسقط للمرة الأولى في الزمن المعاصر، وبالتالي كانت أحداث صيف عام 1967، الموافق 27 رجب 1387 للهجرة، استمراراً لسيطرة “إسرائيل” على هذه الأرض المباركة، بل تعزيزاً لسيطرتها التي تحققت في النكبة الأولى.
ولفت الى أن المسؤولية الكاملة عن حدوث النكبة الثانية، تقع على عاتق الدول العربية والإسلامية، حيث لم تكن هناك قوة حقيقية للفلسطينيين.
وقال “نعم تشكلت منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 بقرار من الدول العربية، وكان هناك جيش التحرير، لكن لم يكن هناك تسليح حقيقي لهذا الجيش، وكانت الدول العربية تتحكم فيه تقريباً، وبالتالي الفلسطينيون كانوا مجردين من القوة عملياً.
وواصل “بعد النكبة الأولى رُفعت شعارات كبيرة من معظم الدول العربية والإسلامية، وكان الحديثُ يجري باستمرار عن استعادة ما ضاع من فلسطين في النكبة الأولى، وأن أي مواجهة مقبلة مع “إسرائيل” ستشهد حسماً للصراع برمته، للأسف استيقظ الناس في يوم الخامس من حزيران/يونيو عام 1967، فوجدوا أن الدبابات الإسرائيلية قد وصلت إلى رفح، وكان هذا بمثابة كابوس.
وأكد عزام أن الشعب الفلسطيني يقاوم حتى قبل النكبتين الأولى والثانية. منذ عشرينيات القرن الماضي على مدى قرن كامل، شعبنا يقاوم، ويقدم التضحيات، لكن العالم بات يدرك الآن أن هذه القضية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وأن الفلسطينيين -رغم شجاعتهم وبسالتهم وتلال التضحيات التي قدموها- وحدهم لا يمكن أن يحسموا هذا الصراع، لأن “إسرائيل” أيضاً ليست وحدها كذلك، ونحن نؤمن بأنها رأس حربة لمشروع كامل، حاول غزو الوطن العربي والإسلامي منذ أكثر من ثلاثة قرون، وفي النهاية توج هجومه بإقامة “إسرائيل” في قلب هذه الأمة.
وزاد ” كان يفترض أن يفعل العرب ما تفعله القوى الداعمة لإسرائيل. هذا للأسف لم يحدث، وبالتالي نحن نتصور أن الفلسطينيين عبر التضحيات التي بذلوها، والمواجهات التي خاضوها، أبقوا جذوة الصراع متقدة، وأبقوا القضية الفلسطينية حيَّةً رغم كل المجازر، النكبات، والأهوال، وحتى مع توقيع اتفاقيات تُقر بسيطرة “إسرائيل” على الجزء الأكبر من هذه الأرض – رغم كل هذا- الفلسطينيون قاوموا، ولازالوا يرفضون الاستسلام، والإقرار بالأمر الواقع.
وأَضاف “إذا كنا نتحدث عن الخلاص من هاتين النكبتين، ومحو آثارهما، والخروج من هذه الآثار المدمرة التي لازال الفلسطينيون يتجرعون مرارتها، فيجب أن يكون هناك برنامج عربي موحد، وأن تكون هناك سياسات عربية وإسلامية جادة دعماً للفلسطينيين وإسناداً لهم، حتى تتحقق هذه الأهداف الكبيرة باستعادة ما ضاع من الأرض والمقدس.
ولفت الى أن الحكومات العربية القائمة اليوم لا تولي القضية الفلسطينية أدنى اهتمام في برامجها،مضيفا ” لكن نحن نتحدث عن الشيء الذي يجب أن يحدث. لن تتغير الأمور، ولن يستطيع الفلسطينيون استعادة حقهم، ولن نستطيع محو الآثار الكبيرة للنكبتين وحدنا.
وتابع “نحن نقوم بواجبنا، في غزة. في نابلس. في جنين. في الخليل. في رام الله. في القدس، بإمكانيات متواضعة نقف في وجه الاحتلال المدعوم من أمريكا والغرب ،و نتحدث عن المطلوب أو الواجب فعله. ولا نستبعد حدوث تغيير في سياسات الدول العربية، وهذا التغيير مطلوب وضروري.
وأشار الى أن “إسرائيل” لا يمكن أن تكون حليفاً صادقاً أو جاداً لأي دولة عربية، واتجاه بعض الدول العربية للتطبيع، هو سير في الطريق الخاطئ، ولا يمكن أن يحقق أي نتائج إيجابية للشعوب العربية والإسلامية.
ووجه عزام التحية لأرواح آلاف الشهداء من الجنود المصريين والسوريين والأردنيين في ذكرى النكبة الثانية الذين سقطوا وهم يدافعون عن فلسطين والقدس.
وقال:” بلاشك إن سياسات الحكومات في ذلك الوقت لم تكن تسمح بتحقيق مواجهة متوازنة، وبالتالي حصلت الهزيمة، وحصلت النكبة، والأمر يحتاج جهوداً وبرامج جادة لدعم شعبنا، الذي لم يستسلم، ولم يخضع، ولن يستسلم، ولن يخضع -بإذن الله- وستستمر مقاومة شعبنا، التي ستُبقي القضية الفلسطينية حيَّةً.
وذكر عزام أن أهم دور للمقاومة الفلسطينية هو المحافظة على استمرار حالة المواجهة والصمود دون الاستسلام، قائلا: ” لك أن تتخيل لو لم تكن هناك مقاومة من الشعب الفلسطيني، حجم سيطرة “إسرائيل” على المنطقة كلها. ما الذي يمكن أن تفعله “إسرائيل” في الشعب الفلسطيني، وفي شعوب المنطقة العربية والإسلامية؟.
وأضاف “المقاومة أربكت كثيراً من خطط ومشاريع “إسرائيل”. نحن لا نزعم أننا نمتلك قوة مكافئة أو أننا نستطيع تحقيق أهداف شعبنا غداً أو بعد غد، لكن نستطيع أن نفخر بما قدمه شعبنا، وببسالة المقاومة، وفرسانها الشجعان، الذين يقفون في وجه “إسرائيل” وعنجهيتها.