العثور على بقايا أحفورية نادرة في تبوك والجوف وعسفان

اكتشف فريق الأحافير والحياة القديمة بهيئة المساحة الجيولوجية السعودية في منطقة تبوك تحديداً بين محافظتي ضباء وأملج، بقايا حيوانات بحرية منقرضة راوحت أعمارها بين 80 و16 مليون عام. ودلت الاكتشافات على وجود مواقع أحفورية يتوقع تطويرها مستقبلاً كمواقع جذب سياحي في نطاق مشاريع تطوير البحر الأحمر، إذ تحتوي منطقتا مشروع البحر الأحمر وآمالا على أحافير لأنواع مختلفة من الفقاريات واللافقارية وبقايا نباتات عاشت في بيئات بحرية ضحلة وشاطئية يعود عمرها لعصري الحياة الجيولوجية المتوسطة والحديثة (الطباشيري ميوسين). وبعض هذه الأحافير ينتمي لزواحف بحرية تم العثور عليها مدفونة في رواسب العصر الطباشيري المتأخر وتم تعريفها كـ «موساصورات وبليزيوصورات». وتعد الموساصورات من الزواحف البحرية التي عاشت في حقبة الحياة الوسطى وتميزت بجسم أسطواني ضخم كالتماسيح ولها أطراف أمامية وخلفية على شكل زعانف تستخدم للسباحة والتوازن في الماء، وتختلف عنها «البليزيوصورات» بضآلة حجم جماجمها واستطالة أعناقها ونحول أجسادها المسطحة.

في غضون ذلك، عثر الفريق على عينات أحفورية من «رسوبيات الإيوسين» يصل عمرها إلى 45 مليون سنة، عُرف منها فقرات صدرية لثدييات بحرية منقرضة تعود لحواري البحر أو ما يشبه «الأطوم البحري» الذي يتخذ المياه الضحلة الدافئة كبيئة، ليتغذى على الأعشاب البحرية. كما تم اكتشاف أجزاء من سلاحف وأطراف تماسيح عاشت في المناطق الساحلية عندما غطى بحر التيثيس معظم شبه الجزيرة العربية، وهي حقبة من التاريخ الجيولوجي تقدر بنحو 20 مليون سنة قبل انفتاح البحر الأحمر وانفصال الصفيحة العربية عن الأفريقية.

إلى ذلك، انطلق فريق البحث الاستكشافي للأحافير إلى «متكون الرشراشية» بمنطقة الجوف، وتم اكتشاف نوع نادر من حيتان الإيوسين العملاقة، التي كانت تتخذ المياه الدافئة لبحر التيثس بيئة مثالية للتكاثر. ويراوح طول الحوت المُكتشف من مقدمة رأسه إلى آخر ذيله ما بين ١٨ إلى ٢٠ متراً، وذلك اعتماداً على الهياكل المكتشفة في أماكن مختلفة من العالم. و خَلُصت المشاهدات الميدانية والقياسات الدقيقة لجزء من العمود الفقري إلى أن الفقرات التي تم العثور عليها بلغ عرض إحداها ٤٨ سم ما لفت الانتباه أثناء عملية التنقيب، وبالرجوع إلى قواعد البيانات والتصنيفات العلمية المتوفرة عالمياً، رُجح أن يكون هذا النوع من حيتان من الثدييات البحرية وهو أكبر حيتان الإيوسين.

وواصل المختصون أعمالهم البحثية في موقع سور عسفان الأحفوري الذي يُعد من عصر الإيوسين المبكر، وتم العثور على بقايا أسنان قرش وأسماك قيثارة، كما تم اكتشاف فقرات لتماسيح وأجزاء من هياكل سلاحف، وتعتبر هذه الأحافير محور الوصل والمضاهاة بين عدة مواقع أحفورية من محافظة تربة الطائف مروراً بهدى الشام ووصولاً إلى عسفان والغولاء غرباً.

55 مليون سنة عمر سور عسفان الأحفوري !

تكون سور عسفان الأحفوري قبل نحو 55 مليون سنة، من عصر الإيوسين الأسفل ويقع شمال غربي محافظة عسفان بالقرب من البحر الأحمر ويمتد طوله لأكثر من كيلو متر، ‏ويبلغ سمكه من ستة إلى تسعة أمتار، ويبلغ ارتفاعه ١١ متراً تقريباً، كحد أقصى. ‏كما يتكون من رواسب جيرية إلى جانب أحافير فقارية من الأسماك الغضروفية والعظمية، وبقايا هياكل من السلاحف والتماسيح وترسبت طبقات هذا المقطع الجيولوجي في بيئة الحواجز التراكمية ذات المنشأ العضوي الجيري. وبعد عشرات الملايين من السنين ومع انفتاح البحر الأحمر، أثرت الحركات الأرضية المرافقة لانفصال شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا بإنتاج هذا التركيب الجيولوجي بعملية رفع مع دوران للطبقات الرسوبية بمقدار قريب من العمودي.

ويعمل حالياً فريق الاستكشاف الأحفوري بمركز المسح والتنقيب في الهيئة على مواصلة أعماله البحثية في مختلف مناطق المملكة لاستكشاف المزيد من الأحافير المنقرضة منذ العصور القديمة ومعرفة بيئاتها التي عاشت فيها.