وكانت محكمة استئناف في إحدى المناطق، أيدت حكم التعويض في دعوی ضد النيابة العامة، وخلص الحكم إلى إلزام النيابة بتعويض المواطن عن مدة إيقافه بمبلغ 27 ألف ريال، وأُيد الحكم من مرجعه، واستأنفت النيابة العامة أمام المحكمة العليا لدراسة القضية وما صدر بشأنها.
وعقب دراسة الصك من قبل الدائرة الثالثة بالمحكمة العليا رصدت 6 ملاحظات؛ أولها: لم يظهر من الحكم بحث ما جاء في برقية النائب العام من أن إجراء النيابة يتماشى مع القرار الوزاري رقم (۲۰۰۰)، وما تحمله النيابة العامة من سلطة تقديرية لإيقافه، وأنها لم تتجاوز المدة المقررة نظاماً في الإيقاف وهي ۱۸۰ یوماً، كما لوحظ من خلال دراسة القضية أن إيقاف المتهم كان وفق القرار المشار إليه ولمصلحة التحقيق، وإظهاراً للحقيقة في من يضع نفسه في مواطن الشبهة، ولم تبحث الدائرة ذلك، وثالث الملاحظات التي جرى رصدها أن الحكم محل التدقيق والمراجعة لم يستكمل أركان التعويض، وهي التحقق من الفعل والضرر، والتحقق من العلاقة السببية، ولم يتم بحث مسؤولية النيابة العامة في إيقاف المتهم كامل المدة المحكوم فيها بالتعويض، وبينت الملاحظة الرابعة أنه ظهر من صك الحكم أنه تم تقدير التعويض عن طريق هيئة الخبراء، وأن التقدير استند إلى راتب المتهم مضروباً بثلاثة، ورداً لاعتبار المتهم مبلغ وقدره 1200 ريال شهرياً، ويظهر أن فيه مبالغة، إذ احتسب الراتب الشهري على كامل ساعات اليوم، ولم يبين المستند في ذلك.
وجاء في الملاحظة الخامسة، أن الحكم اشتمل على تعويض عن الحالة المعنوية وهي رد الاعتبار، ولم تتحقق الدائرة من وقوع الضرر نفسه، كما أن ذلك جاء مخالفاً لما قرره أهل العلم من عدم جواز التعويض عن الأضرار المعنوية لعدم إمكانية قياسها ولا ضبطها، في حين كانت الملاحظة السادسة أن الحكم استند على المادة 215 من نظام الإجراءات الجزائية وله يظهر وجه الكيدية في الدعوى.
وخلصت المحكمة العليا إلى نقض الحكم، وأمرت بتذييل الحكم والتهميش على الصك بمضمون ذلك، وإحالة القضية إلى من ينظرها من جديد إذا رغب المدعي ذلك وفق المقتضى الشرعي والنظامي.