قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، لجأ إلى عدة وسائل لاستعداء الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ضد الفلسطينيين.
ونقلت “الغارديان” عن كتاب مذكرات نتنياهو، قوله إنه استخدم خرائط مواقع صواريخ حزب الله والمعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها من مداهمات نفذها الموساد في طهران، لضمان مساندة دونالد ترامب لإسرائيل في محادثات التطبيع في الشرق الأوسط وانسحابه من اتفاق النووي مع إيران. ذلك ما يذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في كتاب مذكراته الجديد.
وتابعت: “لكن في مشاهد غير مألوفة شبيهة بما يجده المرء فيما لا يحصى من كتب التحقيقات الصحفية وفي نهج ترامب الكشف عن كل ما هو مستور، يقول نتنياهو أيضاً في سبيل إقناع ترامب بالعدول عن رغبته في المضي في صنع السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وخدش الانطباع الإيجابي الذي تشكل لديه للوهلة الأولى عن الزعيم الفلسطيني محمود عباس، استخدم الإسرائيليون كنايات من لعبة الغولف وخرائط لمدينة نيويورك”.
ومن المتوقع أن يصدر الكتاب في الولايات المتحدة بعد ثلاثة أيام، تحت عنوان “بيبي: حكايتي”.
قيل لترامب إن الفلسطينيين كانوا معادين ويريدون أن تكون حدود دولتهم قريبة من تل أبيب كقرب جسر واشنطن من برج ترامب. وقيل لترامب إن احتمال تحقق السلام الدائم هو كاحتمال أن يحرز لاعب الغولف هدفاً في ضربة واحدة عبر جدار من الطوب.
وظل نتنياهو ملاصقاً لترامب طوال فترة وجود الأخير في البيت الأبيض ما بين عام 2017 وعام 2021. كلاهما الآن خارج السلطة. تنشر مذكرات نتنياهو في ظل تهم موجهة له بالفساد، بينما يواجه ترامب احتمال مساءلته قضائياً في قضايا تتعلق بالتحقيقات في أحداث الشغب داخل مقر الكونغرس الأمريكي، وكذلك ببعض ممارساته التجارية وبقضية تشهير لها علاقة بمزاعم اغتصاب، لكنه ينفيها.
وكما هو متوقع، فإن نتنياهو يورد قائمة بإنجازاته السياسية، ومن بينها انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق النووي مع إيران، ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، واعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
ويصف نتنياهو تخلق العملية التي أفضت إلى التوقيع على اتفاقيات أبراهام، أي صفقات التطبيع التي أبرمت بين إسرائيل وأربعة أقطار عربية.
يتجنب نتنياهو التعليق على السياسات المحلية الأمريكية، بما في ذلك رفض ترامب القبول بهزيمته أمام جون بايدن، وأكاذيبه حول الغش في الانتخابات، وتحريضه على الشغب الذي شهده مقر الكونغرس الأمريكي في السادس من كانون الثاني/ يناير من عام 2021.
ولا يعلق نتنياهو أيضاً على ما أشيع من شتم ترامب له قائلا “سحقاً له” بعد أن ورده خبر تهنئة رئيس الوزراء الإسرائيلي لبايدن بفوزه في الانتخابات.
ولكن بما أن ترامب هو ترامب – رئيس عديم الوقار بالفطرة – كما وصفه نتنياهو نفسه، فإن كثيراً من التفاصيل المثيرة حول اللقاءات الخاصة ورد ذكرها في الكتاب.
في وصف اللقاء الأول الذي جمع ترامب بالرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين في أيار/ مايو من عام 2017 في إسرائيل، يردد نتنياهو رواية دافيد فريدمان، الذي كان حينها سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل، والتي سردها فريدمان في كتابه هو.
يقول نتنياهو في مذكراته: “عندما كان مع ريفلين، اندفع ترامب فيما يشبه زلة اللسان قائلاً: بيبي لا يريد السلام. ولسبب ما يتعذر فهمه لم يقع تسريب تلك القنبلة”.
يقول نتنياهو إن رون ديرمر، الذي كان حينها سفيراً لإسرائيل لدى الولايات المتحدة “أصيب بالذهول. فتلك لم تكن من شاكلة ’هيوستن لدينا مشكلة‘، وإنما من شاكلة ’هيوستن، إننا نحن المشكلة‘”.
ثم يصف نتنياهو كيف أنه هو وفريدمان دبرا مكيدة لجعل ترامب يشاهد فيديو الغاية منه “تعديل فكرته عن محمود عباس وعن” نتنياهو. أظهر الشريط الزعيم الفلسطيني كشخص ذي وجهين، يتحدث عن السلام باللغة الإنجليزية ويشيد بالإرهابيين باللغة العربية.
يقول نتنياهو في الكتاب: “رأيت كيف أثر الفيديو على ترامب، على الأقل في لحظتها، فقد قال: واو، هل ذلك هو نفس الشيخ الذي قابلته للتو في واشنطن؟ بدا لي حينها رجلاً لطيفاً مسالماً”.
ثم يقول: “بطبيعة الحال لم يعجب ترامب أن يستغفله الآخرون. وكنت أرجو أن يساهم الفيديو في مزيد من الفتور في الآصرة أثناء اللقاء المرتقب مع عباس في بيت لحم في آخر يوم من أيام رحلته”.
يقول فريدمان إن حركة شريط الفيديو حظيت بتوبيخ من ريكس تيلرسون، الذي كان حينها وزيراً للخارجية، ومن إتش آر ماكماستر، الذي كان حينها مستشاراً للأمن القومي، بعض “الكبار” في إدارة ترامب رأوا في الفيديو “خدعة دعائية رخيصة”.
ويكشف نتنياهو الآن عن أنه كان قد استخدم وسائل إيضاحية إضافية مع ترامب، الذي حتى في وقت مبكر من رئاسته لم يكن يُعرف عنه قراءة التقارير التي تقدم له، إذ كان سرعان ما يصاب بالملل، وكان يفضل المشورة التي تقدم له في إطار من اهتماماته الشخصية.
يقول نتنياهو إنه أطلع الرئيس على “شريحة بسيطة تُظهر المسافة من تل أبيب إلى خطوط عام 1967 التي يطالبنا الفلسطينيون بالانسحاب إليها. وركبت على الخريطة المسافة من برج ترامب إلى برج جورج واشنطن. كانت المسافتان متطابقتين”، أكثر بقليل من ستة أميال كخط مستقيم.
ويمضي نتنياهو قائلا: “قلت: السيد الرئيس. هل كنت ستسمح لنظام يود أن يقضي عليك بأن يقيم دولة عند جسر جورج واشنطن؟ بالطبع لا. ولا نحن نسمح بذلك”.
ويضيف: “استعان رون باستعارة يمكن أن يكون لها وقع على الرئيس: من لعبة الغولف. حيث قال له: السيد الرئيس. السلام مع الإمارات ضربة غولف خفيفة طولها خمسة أقدام. والسلام مع السعوديين ضربة غولف خفيفة طولها ثلاثون قدماً. أما السلام مع الفلسطينيين فهو ضربة واحدة من البداية حتى النهاية عبر جدار من الطوب”.
ثم يقول: “فهم الرئيس ما هو المقصود. على الأقل حتى حين تمكنا بالتأكيد من تحريكه إلى مكان أفضل”.
يقتبس نتنياهو وصف فريدمان للطريقة التي “انقض فيها ترامب فيما بعد على محمود عباس، مطالباً بمعرفة من يكون بالضبط، هل هو صانع السلام كما ادعى في واشنطن أم إنه إرهابي كما أعلن عن نفسه في شريط الفيديو؟”.
إلا أن نتنياهو أيضاً يصف مراراً وتكراراً إحساسه بالإحباط بسبب استمرار ترامب في “الولع بالفلسطينيين” بدلاً من “صفقة سياسية عظيمة للسلام مع الدول العربية التي أعتقد بأنها كانت قاب قوسين أو أدنى”.
أحرز نتنياهو نجاحاً أسرع في حمل ترامب على الانسحاب من صفقة النووي مع إيران، والتي وقعت عليها الولايات المتحدة في عام 2015 في عهد باراك أوباما.
ويصف نتنياهو في مذكراته مداهمة نفذها الموساد لمخزن في طهران استولى منه الإسرائيليون على “كمية ضخمة من المواد” حول خطط إيران النووية.
في الخامس من آذار/ مارس، عرض نتنياهو داخل المكتب البيضاوي على ترامب مقطع فيديو قصير آخر حول ما قال الإسرائيليون إنهم عثروا عليه.
“أشار الرئيس إلى كبار المسؤولين الآخرين في المكتب البيضاوي وقال: “ربما يحتاجون لأن يشاهدوا هذا. أما أنا فلم أكن بحاجة، فقد قررت الخروج من الصفقة”.
في الثلاثين من نيسان/ إبريل، توجه نتنياهو إلى الجمهور وكشف النقاب على الملأ عن عملية المداهمة، الأمر الذي ناله بسببه انتقاد داخل إسرائيل لكشفه عن تفاصيل عملية من عمليات الموساد. ولكنه ينفي في كتابه أي انتهاك للسرية ويقول إنه كان فقط يناقش النتائج.
بعد أسبوع واحد انسحب ترامب من صفقة النووي مع إيران.