كتب د. محسن عقيلان:
يدور الحديث بكثرة عن قرب عقد لقاء يجمع اردوغان والاسد لكن هذه الاخبار غير غريبة ولا مفاجئة لاننا ذكرنا في اكثر من مقالة عن توقع استدارة القاطرة السياسية التركية خاصة عندما تصبح مصالح اردوغان اكثر الحاحا سيضرب كل شعاراته السابقة عرض الحائط ابتداء من( على بشار ان يرحل مرورا بان الاسد قاتل ومجرم وصولا الى ان الاسد ارهابي يستحيل التعامل معه) وما بين تللك الشعارات من عمليات عسكرية داخل الاراضي السورية ودعم المعارضة المسلحة
لكن السؤال
ماذا يمتلك اردوغان من اوراق ضغط للوصول الى دمشق وماذا سيجني من ذلك وما هي المكاسب الشخصية والوطنية وماهي قدرته على اقناع ولجم تنظيمات مسلحة سورية غير متجانسة وكيف سيواجه التحركات الامريكية الاخيرة باشراك ودمج مكونات كردية وعربية فى تحالفات جديدة وفي المقابل هل رفض الاسد حقيقي ام مناورة وفي حالة المناورة ماهي الشروط التى سيضعها امام اردوغان ابتداءا من اعلى السقف و من ثم نزولا وايضا على الجانب التركي ماهي وسائل التهديد التى ستستخدمها لكي يخفض الاسد سقف مطالبه وهل يستطيع الاسد ان يقاوم تهديد تركيا وضغط روسيا ورضى ايران وهل يجيد استثمار عرض زعيم المعارضة التركية و رئيس حزب الشعب الجمهوري واغراءاته له من خلال وعده له بقرب سقوط اردوغان و من ثم فتح ملف التعويض لسوريا عن دمار الجيش التركي في الاراضي السورية وحل مشكلة اللاجئين السوريين كل ما سبق تساؤلات مشروعة وتدور في ذهن كل منا.
لكن اردوغان تفكيره براغماتي ومرن وفي تقديره انه الوقت المناسب للعب بورقة اللاجئين السوريين التى تستغلها المعارضة التركية ضده فى الانتخابات وما يؤكد ذلك هو المزاج العام التركي حسب اخراستبيان لميترول بول للدراسات الاجتماعية فان ٥٩ ٪ من الاشخاص المستطلعين يؤيدون اجتماع الرئيسين وهذه نسبة مهمة جدا لكي يستدير بالقاطرة التركية باتجاه مصالحه.
وحسب استطلاعات الرأي التركية فان احزاب المعارضة الستة تشكل ٤٣٪ من اصوات الناخبين وهذا مؤشر خطر لاردوغان بالاضافة الا ان جزء كبير من مؤيديه يعارضون اللاجئين في توطينهم في تركيا لكن السؤال الصعب هل يستطيع اردوغان بسهولة قيادة القاطرة واستدارتها باتجاه دمشق ؟ صراحة حسب ما نعرفه من رصد تحركات وسياسات اردوغان الخارجية ممكن ان تستدير باتجاه دمشق لكن السؤال الاصعب هل يستطيع الوصول فعلا هناك قبل الانتخابات من ناحية الاستدارة عادي جدا فله عدة تجارب ونذكر القراء الم تقرأوا الاحدات سابقا.
فقد استخدم ملف الايغور فى علاقاته بالصين و ملف خاشقجى فى علاقته بالخليج وخاصة السعودية وملف الاخوان في عودته لمصر و ملف حماس والتضييق عليها لتمهيد الطريق للتطبيع مع اسرائيل.
حتى مناورته عندما عقد صفقة ضخمة للصواريخ الصينية كانت ورقة ضغط على امريكا وعندما رفضت امريكا تزويده استغلها في عقد صفقة صواريخ اس اس 400 الروسية لكن مهاراته الخارجية ستستمر بالنجاح.
هذا سؤال مصيري لانه سيحدد مستقبل اردوغان السياسي لوجود عدة مشاكل داخلية.
1 ـ الوضع الاقتصادي وزيادة السخط الداخلي بعد تهاوي الليرة التركية.
2 ـ زيادة القوة الانتخابية للمعارضة.
3 ـ حاجته للاستقرار السياسي النسبي لعودة الشركات الاوروبية للاستثمار في تركيا.
لكن رهانات اردوغان للنجاح تتمثل في:
1 ـ حاجة روسيا لتركيا في حربها مع اوكرانيا.
2 ـ رضى ايران على تلك الخطوة ورضاها مبني على جر تركيا خطوة بعيدا عن امريكا التي تعارض التطبيع مع الاسد.
3 ـ يراهن على رفع سقف تهديداته بحل مشكلة اللاجئين بتوسيع المنطقة الامنة واحتلال حلب كما صرح مستشار اردوغان ابراهيم قالن.
4 ـ يراهن على احتضانه المعارضة السورية وبيده خنقها او اطلاق العنان لها.
5 ـ راهن على خلافات الاحزاب الستة للمعارضة على زعيم توافقي ومقترح الرئيس منزوع القيادة وتهديد داوود اوغلوا بالذهاب الى انتخابات مبكرة في حالة عدم تنفيذ مطالب الزعماء الستة وتطبيق فكرة النواب الستة لرئيس الجمهورية.
لكن في المقابل هل النظام السوري سيسلم بسهولة ويجلس مع صديق الامس عدو اليوم وهل هو في متسع من الوقت ليناور في ظل ازمة اقتصادية خانقة تعاني منها سوريا رغم وجود حليفيه روسيا وايران وامتناعهما المقصود او الغير مقصود لفك ازماته الاقتصادية وهناك ايضا تنظيمات مسلحة ما زالت موجودة في الشمال السوري بالاضافة الى المغامرة بانتخابات غير مضمونة النجاح بالنسبة لاردوغان بالاضافة لعدم امتلاكه كامل القرار لوجود الثقل الروسي والايراني.
وفي كلا الحالتين سواء الرضا او الرفض وضعه صعب لكن في حالة رضخ لضغوطات الاصدقاء فإن له عدة مطالب سيضعها على طاولة المفاوضات وهي:
1 ـ ملف التنظيمات المسلحة المدعومة تركيا.
2 ـ ملف ترسيم الحدود البحرية كملف مهم وحيوي.
3 ـ ملف المنطقة الامنة والتواجد التركي.
4 ـ ملف التعويضات للجانب السوري.
5 ـ تسليم ادلب و المعابر الحدودية الشمالية وطريق m4 الدولي.
6 ـ اختبار حسن النوايا في القضاء على العمليات المسلحة من قبل المليشيات المدعومة تركيا.
7 ـ الاعتراف بشرعية النظام السوري.
اخيرا في اعتقادي الخاص ان الوقت غير كافي لعقد لقاءات قمة وحل خلافات صعبة وتذويب جبل الجليد بينهما يحتاج لماكينة اعلامية من الطرفين و لوقت ابعد من شهر يونيو القادم لكن سيتم الاجتهاد و تجاوز ذلك و التوافق على صيغة رخوة وحلول ومعالجات امنية انية برعاية ايرانية روسية و تأجيل النقاط الصعبة والخلافية لاشعار اخر وتوقيع اعلان مبادئ و مظاهر احتفالية يظهر لكلا الشعبين ان قائدهم المنتصر للخروج من عنق الزجاجة انتظارا لما ستسفر عنه الانتخابات القادمة.
ملاحظة / اقتراح اردوغان الجديد بتبكير موعد الانتخابات لشهر مايو يربك حسابات المعارضة ويضعنا امام معطيات جديدة وللحديث بقية
[email protected]
الكاتب وباحث في العلاقات الدولية