العميل الرئيسي
وتاريخياً، كانت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان بمثابة العميل الرئيسي للصادرات الفلبينية، لكن الصين بدأت في تحدي ذلك في السنوات الأخيرة. ووفقا للإحصاءات التجارية الأخيرة لشهر أبريل 2023، تجاوزت الصين الولايات المتحدة كأكبر مشتر للفلبين. وعلى جانب الاستيراد، تتفوق الصين باستمرار على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مستورد للفلبين بفارق كبير للغاية. وحتى أبريل 2023، كانت واردات الصين إلى الفلبين أكبر بثلاثة أضعاف من واردات الولايات المتحدة.
والأمر ببساطة أن الصين أصبحت الآن الشريك التجاري الأكثر أهمية للفلبين، ولا يُظهِر هذا الاتجاه أي علامات على التراجع. وفي بيان صحفي أصدرته السفارة الصينية في مانيلا في مارس 2023، أكدت جمهورية الصين الشعبية أن الصين والفلبين «شريكان طبيعيان» على أساس قربهما الجغرافي الوثيق وعلاقاتهما التاريخية التي تمتد إلى أكثر من ألف عام. وانتقد البيان الصحفي بشدة الإعلانات الأخيرة للولايات المتحدة بشأن التخطيط لنشاط عسكري في الفلبين، قائلا إن أفضل طريقة لتعزيز الرخاء هي تعزيز العلاقات الاقتصادية السلمية.
المبادرات المختلفة
وزار الرئيس الفلبيني بونج بونج ماركوس الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، وشدد خلالها على أهمية متابعة ليس فقط الدفاع، ولكن أيضًا العلاقات الاقتصادية المتبادلة. كما أصدر البيت الأبيض صحيفة حقائق توضح بالتفصيل الخطوات والمبادرات المختلفة الجارية بين البلدين بشأن تعزيز التجارة والاستثمار. ورد إعلان السفارة الصينية في بيان صحفي صدر في مارس بأن الرئيس ماركوس زار الصين أيضًا في وقت سابق من العام، حيث تم الإعلان عن 14 اتفاقية تعاون في المجال الاقتصادي. ومنذ ذلك الحين، زارت وفود صينية عديدة الفلبين لاستكشاف وبناء مزيد من العلاقات التجارية. ويجري تنفيذ ما يقرب من 40 صفقة تعاون حكومية، بما في ذلك مشاريع بناء الجسور والري الكبرى.
الرئيس السابق
ومن المرجح أن تشعر واشنطن ببعض الارتياح بشأن علاقاتها الحالية مع الفلبين مقارنة بالوضع الذي واجهته قبل عامين فقط في ظل إدارة الرئيس السابق رودريغو دوتيرتي، الذي أعلن في رحلته الأولى إلى الصين كرئيس في أكتوبر 2016، أن «الوقت قد حان لتوديع واشنطن». وشرع دوتيرتي في سياسة بناء علاقات أوثق مع الصين. ولهذا اعتبرت أمريكا تلاعبه مع الصين يشكل تحذيراً من أن العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والفلبين لا يمكن اعتبارها أمراً مسلماً به. وابنة الرئيس رودريغو دوتيرتي، سارة دوتيرتي، تشغل حاليًا منصب نائب رئيس البلاد. والأهم من ذلك أنها لم تستبعد الترشح للرئاسة عندما تنتهي ولاية الرئيس بونج بونج ماركوس في يونيو 2028.
ولو كانت بكين حكيمة بما يكفي لتخفيف ضغوطها العسكرية على الأراضي البحرية المتنازع عليها، فإن طريقها لإحلال مانيلا محل واشنطن يمكن أن يصبح أكثر وضوحا بكثير. حيث أعلنت مانيلا «عاصمة الفلبين» أنها انسحبت من المشاركة في مبادرة الحزام والطريق الصينية. ومن المثير للدهشة أن تغيير موقف مانيلا لم يكن مدفوعاً بالنزاعات في بحر الصين الجنوبي. وبدلاً من ذلك، أعلن وزير النقل خايمي باوتيستا أن القرار جاء بسبب عدم الرضا عن نقص تمويل مبادرة الحزام والطريق لمشروع السكك الحديدية الفلبينية.
طرق جديدة
وسيتعين على واشنطن التركيز على طرق جديدة للمساعدة في مواجهة النفوذ الاقتصادي للصين في الفلبين. كما أن التفاوض على اتفاقية تجارة حرة- ليس هدفاً واقعياً في هذا الوقت. ومن ناحية أخرى، قد يكون من الممكن تحقيق تفاهمات التجارة الحرة الخاصة بقطاعات محددة، وبخاصة في ما يتعلق بالأمن الاقتصادي، وسلسلة التوريد، ومشاريع الطاقة الخضراء.
وقد نشأت فرصة عملية لمتابعة مثل هذا النهج الخاص بقطاعات محددة مع إقرار قانون خفض التضخم. حيث يحق لصانعي السيارات في الولايات المتحدة الحصول على إعفاءات ضريبية لاستيراد معادن مهمة مثل النيكل لبناء بطاريات للسيارات الكهربائية النظيفة. ومع ذلك، فإن المعادن المهمة المستوردة من البلدان التي أبرمت معها الولايات المتحدة «اتفاقية تجارة حرة» هي وحدها المؤهلة للحصول على هذه الاعتمادات.
الفلبين بين الصين وأمريكا
– تعد الفلبين إحدى الدول الرائدة في العالم المصدرة للنيكل هي مادة استراتيجية رئيسية لصناعة السيارات الكهربائية.
– أكبر عميل للفلبين اليوم هو الصين، حيث تمثل 90% من صادرات النيكل الفلبينية
– تعزيز مزيد من التجارة بين الولايات المتحدة والفلبين لمواجهة نفوذ الصين لن يكون بالأمر السهل بالنسبة لواشنطن
– أصبحت المنافسة الاقتصادية مع الصين عنصراً حاسماً في حماية الأمن القومي الأمريكي في المنطقة الآسيوية
– إن التحدي الذي تمثله الصين في الفلبين لا يقتصر على بحر الصين الجنوبي
– تتفوق الصين باستمرار على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر مستورد للفلبين بفارق كبير للغاية