صادقت الهيئة العامة للكنيست، ليل الإثنين – الثلاثاء، بالقراءة الأولى، على مشروع القانون الذي يقلّص ذريعة عدم المعقوليّة، أي تدخُّل المحكمة العليا في قرارات الحكومة تحديدا، بذريعة عدم معقوليتها قانونيًّا ودستوريًّا؛ وذلك في تعديل قانونيّ، هو الأوّل الذي تصادق عليه الكنيست، في إطار خطتها لتقويض القضاء، أو ما يسمى “الانقلاب القضائي”.
ورفض رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، دعوة الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، إلى استئناف المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى مشروع توافقي لإصلاح جهاز القضاء، فيما قال سفير الولايات المتحدة في إسرائيل، توم نايدس، الإثنين، إن خطة إضعاف القضاء التي تدفع بها حكومة نتنياهو، تثير تساؤلات بشأن مدى ديمقراطية إسرائيل، وحول قوة علاقاتها مع الولايات المتحدة.
وتمّ تمرير مشروع القانون، بأغلبية 64 نائبا، مؤيّدا، مقابل 56 معارضا.
ومن المقرَّر أن تناقشه لجنة القانون، الثلاثاء، وذلك قبل التصويت عليه لاحقا، بالقراءتين الثانية والثالثة.
يأتي ذلك بالتزامن مع جلسة التصويت على مشروع قانون لتقليص ذريعة عدم المعقولية، الذي يهدف إلى تقييد صلاحيات المحكمة العليا، في إطار خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، وسط تقديرات بأن يصادق الائتلاف الحكومي على مشروع القانون بصيغته المخففة أو الحالية، بشكل نهائي، في وقت لاحق من الشهر الجاري.
ووفق هيئة البثّ الإسرائيلي العامة (“كان 11”)، فإن نتنياهو رفض دعوة هرتسوغ، وأوضح أنه لن يوقف المضيّ قدما بخطة إضعاف القضاء. في المقابل، هدّد مسؤولون في الائتلاف، وصفتهم هيئة البثّ برفيعي المستوى، إنه “إذا تم تجميد التشريع مرة أخرى، فإن الحكومة ستنهار”.
احتجاجات واسعة الثلاثاء: تعزيزات أمنيّة
وتستعدّ الشرطة بقوات معزّزة وكبيرة ليوم الاحتجاجات الواسعة، المخطط له في إسرائيل، الثلاثاء، وسيتم نشر نحو ألف من عناصر الشرطة في مطار بن غوريون في اللد.
ومن المقرّر أن تُنظَّم مظاهرات واسعة، وإغلاق الطرق السريعة، والتظاهر في مطار بن غوريون، وعند مفرق “كابلان” في تل أبيب، وأمام المحكمة العليا، وكذلك أمام بيت الرئيس الإسرائيلي في القدس المحتلة، وأمام السفارة الأميركية في تل أبيب، وفي عدد من المواقع الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
وعقد المفتش العامّ للشرطة الإسرائيلية، يعقوب شبتاي، الإثنين، اجتماعا لتقييم الوضع، استعدادا للاحتجاجات، مع التركيز على المظاهرة في المطار.
وقال شبتاي إن الشرطة، ستتبنى “سياسة عدم التسامح مطلقا مع الاضطرابات، والأضرار التي تطال البنية التحتية، والأضرار التي تلحق برموز الحُكم، والعنف ضدّ ضباط الشرطة”.
كما أوعز شبتاي بفرض غرامات على المتظاهرين الذين يصدرون ضوضاء في المناطق السكنية، وعدم السماح بمظاهرة تُسخدَم فيها مكبرات الصوت، على بعد أقلّ من 300 متر من منازل الوزراء.
وفي هذا الصدد، ذكرت تقارير إسرائيلية، أن الشرطة بدأت في تطبيق توجيهات شبتاي، مشيرة إلى أنها قد فرضت غرامات بحقّ متظاهرين، عدَّت أنهم تسببوا بضوضاء. وأظهرت فيديوهات تناقلها ناشطون، ذلك.
وقالت الشرطة إنه “بناء على تعليمات المحكمة العليا، من الضروري الحفاظ على التوازن بين عدم الإضرار بالجمهور وحريّة التظاهر”، مضيفة أن “الاحتجاجات التي تستمر حتى ساعات معقولة، حتى العاشرة أو الحادية عشرة ليلا؛ يمكننا استيعابها”.
ومن المتوقع أن تبدأ مظاهرات الثلاثاء، عند الساعة الثامنة صباحا، على أن تستمرّ حتى وقت متأخر من مساء اليوم ذاته.
ويُتوقّع كذلك أن يتظاهر المحتجّون في المطار، بعد اعتقال 52 متظاهرا هناك، الأسبوع الماضي.
وترى الحركة الاحتجاجية أن مكان التظاهرة في المطار، يحظى بتغطية دولية كبيرة، مما يساهم في تصدُّر الاحتجاجات العناوين، وأن “الحكومة فقدت شرعيتها وسيطرتها على البلاد”، وفق صحيفة “هآرتس”.
وفي هذا الصدد، قالت إحدى المجموعات المشاركة في المظاهرات، إن “الاحتجاج في كل مكان مهم، لكن تركيز الجُهد فقط على النقطة الرئيسية، سيؤدي إلى اتخاذ قرار”.
وقال هرتسوغ في تصريحات أدلى بها اليوم: “أعلم أنني أتحدث نيابة عن أغلبية كبيرة في إسرائيل، عندما أعبّر عن قلقي وقلقنا بشأن الاستقطاب الذي يمزّق المجتمع الإسرائيلي”.
وأضاف: “أرحّب بالأصوات العلنية والمخفية التي تصاعدت منذ كلماتي أمس ودعت إلى الحوار مرة أخرى، بما في ذلك ما يتعلق بمسألة المعقولية”.
وتابع: “يجب أن يتمثّل العمل القياديّ بالجلوس والتحدث، ووضع الوحدة الإسرائيلية فوق كل شيء”.
وأشار نايدس في تصريحات أدلى بها لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، إلى أن إدارة الرئيس الأميركيّ، جو بايدن، تنظر إلى خطة إضعاف القضاء؛ كتحذير من أن “الأمور تخرج عن السيطرة”.
وتأتي تصريحات نايدس، فيما تصوّت الهيئة العامة للكنيست، بالقراءة الأولى، على مشروع قانون لتقليص ذريعة عدم المعقولية، الذي يهدف إلى تقييد صلاحيات المحكمة في إطار خطة الحكومة لإضعاف جهاز القضاء، وسط تقديرات بأن يصادق الائتلاف الحكومي على مشروع القانون بصيغته المخففة أو الحالية، بشكل نهائي، في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وافتتحت الهيئة العامة مداولاتها مساء اليوم، لكن يتوقع إجراء التصويت على مشروع القانون عند الساعة العاشرة مساء. وستحاول المعارضة تأخير التصويت.
وشهدت المحكمة توترا كبيرا، كما حاول متظاهرون اقتحام قاعة الكنيست، فيما عمد عناصر الأمن إلى إخراجهم بالقوة من المكان. وقبل التصويت على مشروع القانون، حاول المتظاهرون منع الدخول إلى قاعة الكنيست، بكامل هيئتها.
وقال الناطق باسم الكنيست، تعقيبا على ذلك، إنه “نظرا لخطورة الحادث غير المسبوق الذي وقع هذا المساء، عند مدخل جلسة الهيئة الكاملة، والمحاولة الواضحة في الإضرار بالنظام العام والعملية الديمقراطية، تم تقديم شكوى بشأنها إلى الشرطة نيابة عن حرس الكنيست”.
وأشار إلى أن “ضابط الكنيست أجرى فحصا بموجبه ظهر أن أعضاء الكنيست ميراف كوهين وناؤور شيري هما من دعيا المشاغبين إلى مبنى الكنيست”، على حدّ وصفه.
وشدد على أن “هذا الموضوع، سيتم التعامل معه من قبل لجنة الأخلاقيات، بحُكم صلاحياتها، وفقًا للقانون”.
وفي حال المصادقة على تقليص ذريعة عدم المعقولية بالقراءة الأولى اليوم، فإنه يتوقع أن تشهد إسرائيل احتجاجات واسعة، غدا، وفق ما أعلن قادة الاحتجاجات ضد خطة إضعاف القضاء، والذين تعهدوا باحتجاجات “لم تشهد إسرائيل مثلها” ويهددون بعرقلة حركة السير في أنحاء البلاد، وبضمن ذلك مطار بن غوريون الدولي في اللد.
إلا أن هذا لم يمنع قادة الائتلاف من مواصلة تشريع هذا القانون، إذ دعا رئيس لجمة القانون والدستور في الكنيست، سيمحا روتمان، إلى اجتماع للجنة، ظهر غد، من أجل إعداد مشروع قانون ذريعة عدم المعقولية للتصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة خلال دورة الكنيست الحالية التي تنتهي في 29 تموز/ يوليو الجاري.
وأوضح نايدس أن الإدارة الأميركية، حثّت رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، على إبطاء المضيّ قدما بخطّة إضعاف القضاء، ومحاولة تحقيق إجماع واسع في ظلّ الاحتجاجات الواسعة التي تضهدها إسرائيل، “على الرغم من حقيقة أن مثل هذا التدخل من قبل الإدارة في الشؤون الداخلية لإسرائيل غير مسبوق”، بحسب ما ذكرت صحيفة “هآرتس”.
وقال نايدس إن “إحدى الرسائل التي أرسلتها إلى نتنياهو، هي الضغط على المكابح”، في إشارة إلى طلبه بإبطاء الدفع بالخطة.
ووفقا له، فإن إضعاف القضاء، يثير تساؤلات حول مدى ديمقراطية إسرائيل، وبشأن قوة علاقاتها مع الولايات المتحدة. وفي هذا الصدد قال: “أعتقد أن معظم الإسرائيليين يريدون أن تتدخل الولايات المتحدة في شؤونهم، وهذا يأتي بثمن معين، يتضمّن التعبير عن موقف عندما نعتقد أن الوضع يتدهور”.
وأضاف نايدس: “إحدى الرسائل التي أرسلتها إلى رئيس الحكومة (نتنياهو) هي الضغط على المكابح، والإبطاء، ومحاولة الوصول إلى توافق” واسع بشأن “إصلاح القضاء”.
وفي هذه الأثناء، تتعالى أصوات الخبراء القانونيين والدستوريين في إسرائيل، رافضة لهذا القانون الذي يرون أنه يشكل “ضررا بالقيم الديمقراطية لدولة إسرائيل”، في حين تصاعد التوتر بين المستشارة القضائية ووزراء حكومة بنيامين نتنياهو إلى حد تهديدها بالإقالة.
في المقابل، وعلى وقع الاحتجاجات الواسعة ووصول المفاوضات بين الائتلاف والمعارضة التي استضافها ديوان الرئيس الإسرائيلي إلى طريق مسدود، أثار خبراء في القانون الدستوري إمكانية إقدام المحكمة العليا على إلغاء القانون الذي يدرج كبند في “قانون أساس: القضاء”.