أكد وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، إن المعركة مع دولة الاحتلال هي معركة قانونية بامتياز، ونحن كدولة فلسطين نريد الاستفادة من جميع المسارات القانونية المتوفرة والتي يوفرها لنا القانون الدولي من أجل استعمالها كدعم للقضية الفلسطينية وتحقيق الانجازات المطلوبة.
وقال المالكي في مؤتمر صحفي له عقب لقائه الأمين العام لجامعة الدول العربية اليوم الأحد، في مقر الأمانة العامة، إن اللقاء كان جيدا وإيجابيا وتفاعليا وخرجنا برضا كبير، مضيفا إن الاجتماع عقد اليوم بتوجيهات الرئيس محمود عباس، وكان هدفه الأساس هو البحث عن اتفاق ما بين الأمانة العامة ودولة فلسطين حول الآليات المناسبة لتنفيذ القرارات الخاصة بالقمة العربية الأخيرة بالجزائر المتعلقة بالقضية الفلسطينية والحرص على التوصل إلى توافقات بين الأمانة العامة ودولة فلسطين.
وأوضح المالكي، إنه خلال السنوات الماضية عقدت اجتماعات وزارية وأخرى على مستوى قمم وكانت تخرج بقرارات عديدة تخص القضية الفلسطينية، حيث كان السؤال الذي يطرح هل هناك آليات لتنفيذ مثل تلك القرارات؟ أم هي قرارات لنشرها بالإعلام ليس أكثر.
وقال: جئنا إلى الأمانة العامة بانفتاح كبير وتوقعات عالية كما هو الحال دائما حيث وضعنا خارطة طريق تشمل كافة تلك القرارات كلا على حده مع وضع بعض التصورات لآليات التنفيذ والخطوات المطلوبة والجهات ذات الاختصاص، والمطلوب أن تعمل على تنفيذ تلك القرارات والفترة الزمنية المطلوبة لكي يتم تنفيذ مثل تلك القرارات.
وقال وزير الخارجية: كان هناك تقدير من الأمين العام خلال اللقاء، حيث تم بحث كافة تفاصيل مشاريع القرارات وتم مناقشتها بشكل مهني ومسؤول، وتوصلنا إلى صيغ عن كيفية آليات التنفيذ، مضيفا إننا سنتابع من خلال بعثة دولة فلسطين لدى الجامعة العربية مع الأمانة العامة تنفيذ كل ما تم التوافق عليه”، مضيفا أن “الأمين العام أبلغني في ختام اللقاء إننا سنعمل على كل ما اتفقنا عليه، وهذا تطور هام فيما يتعلق بالعلاقة الجيدة التي تجمعنا كأمانة عامة ودولة فلسطين وتوقعات الشعوب العربية والفلسطينية من مخرجات القمم العربية وتحديدا القمة الأخيرة ” قمة الجزائر”.
وأكد المالكي، أن اللقاء تطرق أيضا إلى القرارات التي صدرت مؤخرا من قبل اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة المتعلقة بالاستيطان والإجراءات الإسرائيلية الأحادية وتمديد مهام وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” أو تقديم الدعم لها، والبند الخاص بالرأي الاستشاري والفتوى القانونية من محكمة العدل الدولية بخصوص استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، حيث دخلنا في العام 55 للاحتلال، وأنه لا بد أن تقدم محكمة العدل رأيا استشاريا حول هذا الموضوع، وهل هذا قانونيا لاستمرار الاحتلال لكل هذه الفترة؟ وما هو طبيعة النظام الذي وضعته إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة بعد كل هذه السنوات؟
كما أكد، أن هذه الفتوى القانونية هامة جدا كونها تمثل أعلى هيئة أممية دولية في العالم، وهناك احترام كبير من الدول الأعضاء لمثل تلك الفتاوى والرأي الاستشاري لها، وعليه نحن سنتعامل مع هذا الموضوع بكل جدية وسيرفع التصويت إلى الجمعية العامة للتصويت عليه بشكل جماعي الشهر المقبل، وبعد ذلك سننتقل إلى محكمة العدل الدولية، مشيرا إننا نعلم أن دولة الاحتلال ومن يحتضنها من بعض الدول سيقوموا بجهود من هذه اللحظة حتى يوم التصويت بالأمم المتحدة من أجل تغيير طبيعة التصويت الذي تم في اللجنة الرابعة ومحاولة إفشال القرار، ولذلك تحدثنا مع الأمانة العامة اليوم أن تتحمل مسؤولياتها كبقية الدول العربية في حماية وتقوية هذا التصويت عندما يأتي للجمعية العامة للأمم المتحدة وليس العكس، وهذه مسؤولية كبيرة ليس فلسطينية إنما مسؤولية جماعية عربية، وهذا ما سمعناه من الأمانة العامة بأنها سوف تتحرك وتتواصل مع الدول العربية من أجل أن تأخذ مسؤولياتها حيال هذا الموضوع، وخروج الفتوى القانونية من محكمة العدل الدولية أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المستمر منذ 55 عاما غير قانوني، وأن هذا الاحتلال تحول إلى احتلال مستدام استعماري فيه بصمات الابارتهيد العنصري، وهذا يكفي بالنسبة لنا لتجريد إسرائيل من ما تريد أن تتمتع به من ما تدعي به من أخلاق.
وأكد المالكي في المؤتمر الصحفي، إنه لا بد من المجتمع الدولي أن يسمي إسرائيل بمسمياتها كدولة احتلال وفصل عنصري واستعماري، ويجب على الدول أيضا أن تتعامل مع هذه الدولة بتلك المسميات وبالطريقة التي يناسبها وإلا سوف نقول أن هذا المجتمع الدولي يتعامل بمكيالين، وهناك ازدواجية من المعايير، ولذلك يجب على بقية الدول أن تأخذ موقفا، حيث أن معظم الدول التزمت في التصويت الأخير بمبادئها الدولية وصوتت معنا رغم أنها لا تصوت لصالح فلسطين، أما الدول 17 التي صوتت ضد مشروع القرار لم تنظر للمبادئ والأخلاقيات والقانون الدولي وإنما نظرت إلى الموضوع من منظور سياسي وكان تصويتها منظورا سياسيا .
وأكد المالكي، إن المعركة مع دولة الاحتلال هي معركة قانونية بامتياز، ونحن كدولة فلسطين نريد الاستفادة من جميع المسارات القانونية المتوفرة والتي يوفرها لنا القانون الدولي من أجل استعمالها كدعم للقضية الفلسطينية وتحقيق الانجازات المطلوبة، منوها إلى المجتمع الدولي أن يعي انه لم يعد بالإمكان من للشعب الفلسطيني أن يقبل الاحتلال للأبد ويجب أن ينتهي ويجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته حيال هذا الموضوع.
وشدد المالكي أن هناك تعليمات من القيادة الفلسطينية على رأسها الرئيس محمود عباس واضحة بضرورة إنهاء الاحتلال، مشيرا إلى كلمة الرئيس التي ألقاها في الجمعية العامة العام الماضي بأننا “لن نقبل أن يستمر الاحتلال إلى ما لا نهاية ولن نقبل أن يترك المجتمع الدولي مسؤولياته حيال تلك القضية”.
وقال المالكي: ان ما تقوم به إسرائيل من الإجراءات الأحادية ومن مصادرة الأراضي وتكثيف الاستيطان وهدم المنازل والقتل غير القانوني بحق الأبرياء والاجتياحات المستمرة للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وكل ما تقوم به إسرائيل من إجراءات تهدف إلى قتل روح المقاومة والنضال والاستمرار والصمود لدى شعبنا الفلسطيني، وضرورة توفير الحماية الدولية لشعبنا باستعمال الأدوات القانونية لمواجهة هذا القمع الاستيطاني الاستعماري العنصري لدولة الاحتلال لدولة فلسطين المحتلة، ونعتبر ما تم باللجنة الأممية الرابعة إنجازا هاما وسنستمر بالتفكير لإيجاد آليات مناسبة لفضح الاحتلال وتعرية الدول التي تحتضن الاحتلال بالأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بتشكيل لجنة عربية وزارية برئاسة الجزائر لدعم طلب فلسطين للحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، قال المالكي: إننا تطرقنا إلى عمل هذه اللجنة بالتفصيل، والآليات المناسبة لتشكيل هذه اللجنة وتفعيل عملها، مضيفا إني التقيت وزير خارجية الجزائر في منتدى باريس للسلام بالأمس وتحدثنا حول أهمية رئاسة القمة في تشكيل وتفعيل مثل هذه اللجنة، وسنستمر ببذل الجهد مع رئاسة القمة ومع الأمانة العامة للوصول إلى اتفاق وتوافق حول تشكيل اللجنة وبدء لقاءاتها الهامة قريبا.
وحول قرار القمة الخاص بتبرع المواطن العربي بأصغر عملة نقدية عربية من خلال فواتير الهاتف؟ قال اننا نبحث عن آليات التنفيذ والبدء في مثل هذه الخطوة، لان هناك آليات مختلفة قد تبرز وأنظمة مختلفة بالدول العربية حول كيفية العمل بهذا السياق، واتفقنا أن تكون خطوة أولى أن تتم من قبل الأمين العام لجامعة الدول العربية باتجاه وزراء الاختصاص بالدول العربية لإعلامهم بهذا القرار، على أن يبلغوا الأمانة العامة ما هي الآليات المناسبة في كل دولة للعمل على تنفيذ القرار، وسنتابع هذا القرار تباعا بناء على التغذية الراجعة من قبل الدول العربية.
وقال المالكي، إن صعود اليمين الفاشي العنصري الإرهابي في إسرائيل لسدة الحكم يجب أن يكون مقلقا ليس لنا كفلسطينيين، فقط وإنما يجب أن يكون مقلقا للمجتمع الدولي، ويجب أن يقرر كيف يتعامل مع حكومة مع إسرائيل فيها عناصر تنتمي للإرهاب اليهودي الذي ينتمون للإرهاب الفاشي، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته ويأخذ موقفا لتحديد هذا الموقف ليرسل رسائل واضحة للمكلف بتشكيل تلك الحكومة في إسرائيل بأنهم ضموا عناصر إرهابية، وكيفية التعامل معهم بالمرحلة المقبلة.
وفيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بتوفير شبكة أمان مالية لدعم موازنة دولة فلسطين، قال المالكي، إن الوضع المالي في فلسطين مؤلم جدا، وأن القمة العربية الأخير بالجزائر تبنت بضرورة التزام الدول العربية تجاه القضية الفلسطينية ماليا بما فيها تفعيل شبكة الامان المالية أو التزام بدعم موازنة دولة فلسطين، وللأسف ليس هناك التزام كامل من قبل الدول العربية فيما يتعلق بالشق المالي، حيث هناك التزام بالشق السياسي والقرارات التي تصدر عن الجامعة العربية على مستوى وزاري أو على مستوى القمم، ولكن عندما يأتي الوضع للشق المالي نرى هناك تردد وتراجع من قبل الدول العربية، ونأمل أن تعيد تلك الدول وتعيد النظر في ضرورة التزاماتها المالية حيال القضية الفلسطينية، حيث إننا نمر في ظروف مالية صعبة ودولة فلسطين منذ عام تقوم بصرف الرواتب الشهرية لموظفي القطاع العام بنسبة 80%، وهناك وضع تقشف بالنفقات التشغيلية، وهناك توقف لعديد من المشاريع التنموية بفلسطين بناء على عدم توفر السيولة المالية، وهناك إجراءات عقابية تقوم بها إسرائيل فيما يتعلق بأموالنا الفلسطينية التي تصادرها أو تحجبها عنا، وهذا يستدعي من الدول العربية الشقيقة أن تساعد دولة فلسطين على تخطي هذه الظروف المالية الصعبة، ونحن نعلم بأن الظروف أو الأوضاع في بعض الدول فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والركود المالي على المستوى الدولي أحد الأسباب، ولكن نأمل من الدول العربية التي لديها الإمكانيات أن تعيد النظر بهذا الشأن خاصة ما قامت به الجزائر الشقيقة عندما قامت بالالتزام بالوفاء في التزاماتها المالية .
وأوضح إن موقف الإدارة الأمريكية محبط برغم من كل ما تعلنه من إجراءات وخطوات ومن مواقف نعتبرها هامة، وللأسف الشديد لم تشرع في ترجمة تلك المواقف إلى خطوات عملية، ولم تعمل على إجبار إسرائيل على وقف إجراءاتها الأحادية، منها البناء الاستيطاني غير الشرعي بما فيها مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل وترهيب المواطن الفلسطيني من قطعان المستوطنين، ولم تعمل على فتح القنصلية الأميركية التي اغلقتها بالقدس الشرقية، ولم تعمل على إعادة فتح مكتب تمثيل فلسطين بواشنطن، وبالتالي نحن في انتظار الإدارة الأمريكية بترجمة تلك الخطوات، وقد تكون الانتخابات الأميركية التي تمت في وقت لاحق نقطة انطلاق وخطوات أكثر تحررية من الإدارة الأمريكية بشأن الوضع الفلسطيني، فنحن ننظر إلى مصالحنا ومصالح شعبنا ونتمنى من الإدارة الأمريكية أن تتبنى أكثر ايجابيا وأكثر انسجاما فيما يتعلق بالعمل على تنفيذ تلك المواقف التي تم الحديث عنها من الرئيس بايدن عندما تولى السلطة البيت الأبيض قبل عامين.