المانجروف ثروات طبيعية مهددة بالانقراض

على سواحل البحار والمحيطات، ومصاب الأنهار والأودية الواقعة في المناطق الاستوائية والمدارية في جميع أنحاء العالم، يزدهر 73 نوعًا من أشجار المانجروف، يتركز نموها في منطقة المد والجزر، وتتميز تربتها بغناها بالمواد العضوية، التي كوَّنتها بقايا الأشجار المتحللة، التي امتزجت بحبيبات الطين، إضافة إلى مقاومتها الشديدة للملوحة.

وبات متطلب حمايتها والحفاظ عليها اليوم حاجة ضرورة لتحقيق الاستدامة للأنظمة البيئية، التي تعتمد عليها كمصدر وجودي، والوقوف أمام أي تهديد يضر هذا الكنز الطبيعي الثمين، وهو النهج الواضح والقويم، الذي انتهجته منظومة البيئة في المملكة العربية السعودية محليًّا، وعلى رأسها وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وحددت ملامحه بمبادراتها النوعية إقليميًّا ودوليًّا.

مواجهة التحديات

لما لأشجار المانجروف من أهمية كبيرة في المملكة في التخفيف من تغير المناخ ودعم التنمية المستدامة، وهو أمر محوري في تحقيق هدف الحياد الصفري، فإنها أخذت على عاتقها وجوب تنميتها، فحققت نجاحات كبيرة في استزراع المانجروف في مناطق متعددة على ساحلي البحر الأحمر والخليج العربي لإعادة تأهيل المواقع المتدهورة، أو لتكثيف أشجار المانجروف في الأماكن ذات الانتشار المحدود تحقيقًا لأهداف مبادرة السعودية الخضراء، وقد اعتمدت في الزراعة على التجارب الحقلية، إضافة إلى الأبحاث الحديثة في هذا لمواجهة التحديات في استعادة المانجروف في البيئات القاسية.

القرم والقندل

مع تعدد الأنواع النباتية لأشجار المانجروف، التي تصل إلى 73 نوعًا، هناك نوعان هما القرم والقندل، وينموان على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، وقام المركز بطرح مشروع نوعي لتقييم غابات المانجروف على سواحل المملكة، ورسم خرائط لها، وتحديد مساحاتها الفعلية الطبيعية، عبر استخدام أحدث التقنيات العالمية، وإجراء التأكيدات الحقلية لنتائج الدراسة.

وتمثل أشجار المانجروف، التي تنمو على ساحل الخليج العربي، مورد رزق لكثير من النحالين؛ حيث تُعَدُّ مرعى طبيعيًّا خالصًا لغذاء للنحل، ولقد استفاد من تربية ورعي النحل على المانجروف 45 نحالًا ونحالة.

ومع ندرة وأهمية وحيوية أشجار المانجروف للنظام البيئي، إلا أنها تعرضت -وما زالت- في العديد من المناطق حول العالم للتدمير، بسبب الأنشطة البشرية المجحفة في حق البيئة والطبيعة، ومنها رعي الإبل، والتلوث الناتج عن البناء والتصنيع، والصرف الصحي، والتغيرات في استخدام الأراضي، واستزراع الجمبري، والتوسع الحضري، والصيد الجائر، الأمر الذي أدى إلى تضررها من آثار التلوث النفطي، وانحسار أعدادها أو موت أو تشوُّه كمية كبيرة من الجذور الهوائية أو فقدان الأشجار مباشرة؛ لذا تأتي جهود المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر للوقوف حصنًا منيعًا أمام هذه التعديات عبر سن القوانين والتشريعات التي تجرم مثل هذا الإضرار، إضافة إلى تنمية غابات المانجروف وإعادة تأهيلها بوصفها ضرورة مُلِحة للحفاظ على هذه البيئة الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة.