قدر القادة الفلسطينيون العظماء على مدار الثورة الفلسطينية عامة المرأة الفلسطينية أم وأخت وابنة وزوجة، وكأسيرة وشهيدة ساهمت أسوة بالرجل فى كل محطات العمل النضالى والكفاحى بفعالية ووتضحية وعطاء ومواقف منقطعة النظير، وقدرت القوى الوطنية والاسلامية على مدار انطلاقاتها وعملها النضالى والقادة الفلسطينيون لحتى يومنا هذا تعرض المرأة الفلسطينية للاعتقال والانتهاكات والتعذيب النفسى والجسدى والحرمان والإبعاد والإقامة الجبرية والاحترازية والعقاب والقمع والعنصرية من سلطات الاحتلال .
ومنح الرئيس الشهيد ياسر عرفات المرأة الفلسطينية مكانة كبيرة على صعيد المكانة التنظيمية والفدائية والسياسية والاعلامية وعلى صعيد منظمة التحرير والمجلسين الوطنى والتشريعى وحركة فتح ، وتبوأت فى عهده المرأة أعلى المناصب كمفاوضة ووزيرة وسفيرة ومديرة لمؤسسات ومنظمات رسمية وأهلية ، وكان يغضب إذا ما أهان أحد أية امرأة فلسطينية، حتى أنه صفع حارسًا من طاقم حراسته، أمام حشد كبير من أرامل الشهداء، ممن وقفن أمام بوابة مكتبه، يطلبن إنصافهن، فقام الحارس بدفع إحداهن، لمنعها من دخول المكتب، مما جعلها تبكي، وحينما خرج أبو عمار للاستفسار عما يبكيها، وقصت عليه ما حدث، صفع الحارس على وجهه، وعنفه قائلًا، “كيف تهين المناضلات الفلسطينيات الشريفات”، وخاضت السيدة سميحة خليل أول انتخابات للسلطة الفلسطينية أمام الرئيس ياسر عارفات ودعمها بشدة .
وأولى الشيخ الشهيد أحمد ياسين أهمية كبيرة لدور المرأة، فقد أتاح الشيخ للمرأة في العمل الدعوي والاجتماعي، حيث شاركت في العمل في مؤسسـات الحركـة الخيريـة الاجتماعيـة، وقام بزيارات منتظمة للمؤسسات النسائية ودعا لرعاية نشاطهن، ودعا لانخراط المرأة في العمل الإسلامي.
بالرغم من اهتمام الشهيد القائد “فتحي الشقاقي” بالمقاومة والجهاد كخيار وحيد للدفاع عن القضية الفلسطينية, ولكنه لم يتوانى لبره من الزمن من ايلاء المرأة مكانة خاصة في أحاديثه وأقواله وأفعاله, التي ترجمها على أرض الواقع من خلال مطالبته المستمرة لها بالقيام بدورها تجاه دينها ووطنها ومجتمعها، وكذلك تحدثه المستمر عن المرأة الفلسطينية الشهيدة وزوجة الشهيد وأمه، وصبرها وصمودها وبطولاتها الممتدة من التضحيات ومقاسمتها للرجل المعاناة عبر سنوات النضال المختلفة.
وكان أمين عام حركة الجهاد الاسلامى الدكتور الشهيد فتحى الشقاقى يؤمن بدور المرأة المسلمة وأهميتها في توعية وتربية جيل قرآني يحمل همّ القضية الفلسطينية ويدافع عن مسرى( رسول الله صلى الله عليه وسلم), وكان حريصا على تربية المرأة وتنشئة أمهات قادرات على حمل المسؤولية من خلال عقد الندوات الأسبوعية في منزله.
ومن أقواله التي تجسد دور المرأة الهام “إن المرأة المسلمة هي أهم تيارات الحركة الإسلامية المعاصرة ونحو مزيداً من الوعي لمشكلاتها ودورها، ونؤكد على دور المرأة الهام، بل نطالب الأخت المسلمة أن تقوم بدورها تجاه دينها ووطنها ومجتمعها وأن تنفض غبار الجهل عن العقول التي طالما اعتقدت أن الإسلام جاء ليعتقل طاقات المرأة وليدمرها وليحولها فقط إلى امرأة تكون وسيلة هدم في المجتمع، و على الأخت المسلمة اليوم أن تصرخ في وجه أولئك المهزومين فكرياً وتقول أن لا عزة ولا كرامة إلا بالإسلام.
وحينما سئل الشهيد الشقاقى عن المرأة فقال” إننا نأمل بتطويره لكي يكون للمرأة دورا بارزا ، فهذا يتفق تماما مع منهجنا الثوري ورؤيتنا الإسلامية التي تحترم المرأة التي تقدم دورا هاما، وسنسعى دوما أن تنهض المرأة وتشق طريقها وستجد كل رعاية وكل دعم ، كما وسوف نستجيب لأي طلب لتطوير هذا الجانب والنهوض به .
ووجدت المرأة مكانة كبيرة فى حياة الحكيم جورج حبش رحمة الله عليه الأمر الذى اتضح من خلال كلماته فى كتاب “التجربة النضالية الفلسطينية: حوار شامل مع جورج حبش، عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مؤكداً أنها الشريك، في الأسرة وفي الحياة السياسية، وكان أكبر نصير للمرأة، وكان يقول: الأخلاق لا تتجزأ، تبدأ بالبيت”، مذكراً “بوضع المرأة العربية، ودورها وسط مجتمع يمارس الاضطهاد على ثلاثة صعد: القومي، والطبقي، والاجتماعي”، وعلى صعيد تنظيم الجبهة؛ آمن بأن المرأة يجب أن تتبوأ أعلى المواقع القيادية، وأن تأخذ فرصتها كاملة، وأن تناضل على الجبهات السياسية والعلمية والثقافية كافة، ويتبيَّن انعكاس فكر الحكيم التقدمي بخصوص المرأة ، بشكل عملي؛ من خلال مؤتمرات الجبهة، منذ المؤتمر الثالث عام 1972م، حتى المؤتمر السادس عام 2000م، وكان يتتبع الجانب الإعلامي والفكري وكل ما يتعلق بالمرأة هو ورفيقه الشهيد أبو علي مصطفى”. كما أكَّدت ليلى خالد، وكان يتابع دور الرفيقات، في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، دون أن يملي عليهن أية أفكار، كما أوضحت وداد قمري:
وفيما يتعلق بالمرأة الفلسطينية الأسيرة فعلى مدار سنوات الصراع الطويلة مع الاحتلال تعرضت ما يقارب من 17.000 فلسطينية (بين مسنة وقاصر) للاعتقال في سجون الاحتلال ، وكانت أول أسيرة في تاريخ الثورة الفلسطينية هي الأسيرة فاطمة برناوي من القدس، والتي اعتقلت عام 1967، وحُكم عليها بالسّجن المؤبّد، وأُفرج عنها عام 1977.
ويبلغ عدد الأسيرات فى سجن الدامون (32) أسيرة، فى ظروف اعتقال لا إنسانية، ولا تراعى فيها إدارة السجون حقوقهنّ في السّلامة الجسدية والنّفسية والخصوصية، إذ يحتجزن في ظروف معيشية صعبة، يتعرّضن خلالها للاعتداء الجسدي والإهمال الطبي، وتحرمهن سلطات الاحتلال من أبسط حقوقهن اليومية، كحقهنّ في التجمّع لغرض أداء الصلاة جماعةً أو الدّراسة، إضافة إلى انتهاك خصوصيتهن بزرع الكاميرات في ساحات المعتقل، ما يضطر بعضهنّ إلى الالتزام بالّلباس الشرعي حتّى أثناء ممارسة الرياضة.
كما وتحرمهن من حقّهن بوجود مكتبة داخل المعتقل، رغم المطالبات المتكررة لذلك، إضافة إلى حرمانهنّ من ممارسة الأشغال الفنية اليدوية، علاوة على تعرضهنّ للتنكيل بهنّ خلال عملية النقل عبر عربة “البوسطة” إلى المحاكم أو المستشفيات، والتي تستغرق عملية النّقل بها لساعات، ويتعرّضن خلالها للاعتداء عليهن على يد قوّات “النحشون”.
وأوضاع الاسيرات داخل سجون الاحتلال لا يقل قساوة وصعوبة عن الاسرى المعتقلين، حيث أن الاحتلال لا يفرق في تعامله بين ذكر أو أنثى ولا يحترم حقوق الحركة الاسيرة ، وستبقى معاناة الأسيرات الأمهات أكثر قساوة حيث الشوق لفلذات أكبادهن، وافتقادهن أبناءهن في كل لحظة وخاصة في المناسبات والأعياد.