المغامسي: المسجد النبوي محل اهتمام وعناية القيادة السعودية

أوضح الباحث والمؤرخ التاريخي الدكتور فؤاد بن ضيف الله المغامسي، مراحل توسعة المسجد النبوي الشريف في عهد الدولة السعودية، حيث نال اهتمام الملك عبدالعزيز منذ أن ضم المدينة المنورة؛ إذ أمر في عام 1347هـ/‏1929م بأن تشكل لجنة خاصة لمعاينة المسجد النبوي والإشراف عليه وإصلاح وتعمير ما تصدع منه وخرب من الأرضية والأروقة المحيطة بالصحن من الجهات الأربع، وقد زود الملك عبد العزيز في أمره السامي اللجنة بالنصائح والإرشادات، وحثهم على الاهتمام بالأمر والمباشرة في العمل دون إبطاء، وألا تبخل بصرف النفقات اللازمة مهما كانت مقاديرها.

وعندما عمّ الاستقرار في ربوع الوطن وانتشر الأمن والطمأنينة وحدث إقبال كبير وزيادة في أعداد ضيوف الرحمن في مواسم الحج والعمرة عاماً بعد عام، أصدر الملك عبد العزيز بياناً للأمة الإسلامية يبشرهم فيه بعزمه على توسعة الحرمين الشريفين بدءًا بالمسجد النبوي، فكان الإعلان الملكي في 12 شعبان 1368هـ الموافق 9 يونيو 1949م.

وعند ذلك أصدر الملك عبدالعزيز أمره الكريم لولي عهده الأمير سعود، ونائبه في الحجاز الأمير فيصل باتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ مشروع توسعة المسجد النبوي، وفق أحدث تصميم وأفضل بناء، بما يليق بمكانة المسجد النبوي في قلوب كل مسلمي العالم، مع مراعاة أن لا يتم تعطيل الصلوات في أوقاتها، وأن تتم التوسعة على خطوات، وأصدرت الأوامر لوزير المالية بأن يصرف كل ما يلزم من أموال لمشروع التوسعة، فتم استدعاء الخبراء والمختصين في فن العمارة الإسلامية من خارج المملكة العربية السعودية وداخلها لعمل التصاميم اللازمة بما يليق بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتم تأسيس مكتب خاص تحت اسم «مكتب مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف» فيه أكثر من 50 موظفاً بين مهندسين وفنيين وإداريين، وتمت الاستعانة بخبراء جيوليجيين لدراسة طبقات الأرض، وعمل اختبارات على الطبقة الأرضية للتأكد من تحملها للبناء وتحديد عمق الأساسات.

وفي ربيع الأول سنة 1372هـ/‏1952م حضر الأمير سعود بن عبد العزيز ولي العهد، نائباً عن الملك عبد العزيز، بوضع حجر الأساس لمشروع توسعة المسجد النبوي، واستمر العمل في العمارة السعودية الأولى حتى انتهت بعد وفاة الملك عبدالعزيز رحمه الله في عهد الملك سعود عام 1375هـ/‏1955م.

وكان لملوك المملكة العربية السعودية اهتمام خاص بعمارة المسجد النبوي الشريف وذلك لأخذهم بالاعتبار زيادة المصلين في كل عام، حيث قاموا بتوسعة المسجد بما يتوافق مع الحاجة، فقد قاموا بإضافة مساحات خارجية، ففي سنة (1393هـ/‏1973م أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه الله بأن يوسع المسجد النبوي بالمظلات الخارجية من الجهة الغربية فأضيفت بمساحة 35 ألف متر مربع.

وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله سنة 1398هـ/‏1978م، أمر بإضافة ساحة أخرى جنوب ساحة المظلات فأضيفت ساحة بلغت مساحتها 4300 متر مربع.

أما في عهد خادم الحرمين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله فازداد عدد المصلين والزائرين خاصة في مواسم الحج والعمرة وباتت الحاجة ملحة لتوسعة المسجد النبوي توسعة شاملة، فأمر بتوسعته في عام 1305/‏1985م، وتم وضع حجر الأساس في 6 محرم 1406هـ،/‏19806م وتم البدء بتوسعة ضخمة استمرت 10 سنوات.

وتم إنشاء مرافق خدمية ومنطقة مركزية ومن أهم ما تم إنشاؤه:

1 مواقف للسيارات تحت ساحاته الخارجية.

2 مجمع لمحركات تكييف الهواء على بعد 7 كيلومترات تتصل بمبنى المسجد بواسطة نفق عريض تحت الأرض.

3 تركيب 27 سقفاً متحركاً.

4 زيادة عدد مداخل المسجد الرئيسية والفرعية.

5 رفع الطاقة الاستيعابية للمصلين، إضافة إلى الانسجام الكامل مع المبنى الأساسي للمسجد النبوي.

وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله في عام 1426هـ/‏2005م أمر بإكمال ما يلزم لهذه التوسعة، وأبرزها: إنشاء مظلات حديثة في ساحات المسجد النبوي فركبت فيها 250 مظلة ضخمة وزودت بمراوح لتلطيف الهواء وترطيبه بالرذاذ.

وفي عهدنا الحاضر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورؤية 2030 التي أطلقها ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، جار العمل على توسعة المسجد النبوي بمشروع التوسعة الكبرى، كما أشرف أمير منطقة المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز على العديد من الجهود التي تهتم بالمسجد النبوي خاصة في الجدار القبلي وإبراز جماليات العمارة وكذلك الوقوف على الخدمات العامة التي تقدم لضيوف الرحمن ومتابعة التطورات في ما يخص المسجد النبوي.