في وقت تتصاعد فيه تهديدات الاحتلال لقطاع غزة على خلفية سلسلة العمليات الفدائية في الضفة الغربية المحتلّة، رفعت الفصائل الفلسطينية في القطاع من درجة اليقظة والاستعداد لهجوم إسرائيلي ضدّ عدد من قادة المقاومة وعناصرها، الذين تربطهم علاقة بدعم العمل المقاوم في الضفة.
ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية، من مصادر مطّلعة قولها: ” أن الفصائل اتّخذت إجراءات أمنية مشدّدة خشية تكرار جيش العدو السيناريو نفسه الذي لجأ إليه في أيار الماضي، عندما اغتالت طائراته ثلاثة من كبار قادة «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي».
وبحسب تقديرات المقاومة، فإنه على الرغم من تلميحات بعض الكتّاب والمحلّلين الإسرائيليين إلى أن الاغتيالات المتوقّعة قد تطال قيادات كبيرة، إلّا أن جيش الاحتلال قد يذهب إلى خيار تصفية قيادات وسطى أو عناصر، وهو ما سيؤدي إلى تصعيد يستمرّ ليوم أو يومين.
إلّا أن مصدراً في المقاومة حذّر من أن ردّ الأخيرة على أيّ اغتيال «سيكون أكبر من توقّع الاحتلال، الذي سيتفاجأ بطريقته وحجمه»، منبّهاً إلى أن «مثل هذه الخطوة قد تؤدّي إلى تصعيد كبير سيطال مختلف الجبهات التي تستطيع المقاومة العمل فيها».
ولفت المصدر، إلى أن حكومة العدو «تسعى من خلال لجوئها المحتمل إلى عمليات اغتيال خارج الضفة إلى صنع معادلة جديدة عنوانها الردّ على الهجمات في الضفة بالاغتيالات، وسط عجزها عن تنفيذ أيّ فعل يوازي العمليات الفدائية»، مستدركاً بأن المقاومة «لن تسمح للاحتلال بتغيير قواعد الاشتباك في قطاع غزة أو خارجه».
وعليه، استبعد المصدر لجوء العدو إلى تفعيل الاغتيالات مجدّداً، مشيراً إلى أن «هذا الخيار معقّد أمام الاحتلال نظراً إلى المعادلة التي رسّخها الحلف المقاوم، والتعهّدات الصادقة التي قدّمها بحماية المقاومين وقادتهم».
وكان مراسل «القناة الـ 12» العبرية، نير دفوري، قد لمّح إلى أن دولة الاحتلال على وشك تنفيذ ما سمّاه «نشاطاً عملياتياً كبيراً» في خارج فلسطين أو في قطاع غزة، مشيراً إلى اتّهام حكومة بنيامين نتنياهو الواضح للمقاومة في لبنان وغزة بأنها هي التي يشرف على تصاعد الأوضاع الأمنية في الضفة.
وفي الاتجاه نفسه، قال الصحافي الإسرائيلي في القناة «13» العبرية، ألموغ بوكير، بالتزامن مع الاجتماع الذي عقده وزير الأمن، يوآف غالانت، مع القادة الأمنيين الإسرائيليين: «طالما أنّ يحيى السنوار، منشئ الإرهاب، محصَّن ويعيش بسلام، فإن الإرهاب لن يتوقّف.
يجب أن يشعر قادة الإرهاب بالخطر على حياتهم. يجب أن تكون الرسالة أن أيّ هجوم في الضفة سينتهي بتصفية قائد في غزة أو سوريا أو لبنان».
وعقب الاجتماع المذكور نفسه، أعلن مسؤول في جيش الاحتلال أن الأخير «سيضطرّ إلى الشروع في عملية واسعة النطاق لجمع الأسلحة والذخيرة والمطلوبين في وقت واحد في الضفة، وذلك في أعقاب سلسلة العمليات التي وقعت خلال الأيام القليلة الماضية، والتي قُتل فيها ثلاثة مستوطنين».
وأتت هذه التهديدات في وقت يتصاعد فيه غضب المستوطنين وقادتهم وانتقادهم للحكومة وأجهزتها على خلفية فشلها في وقف موجة العمليات الفدائية. وفي هذا الإطار، قال رئيس «مجلس مستوطنات شمال الضفة»، يوسي داغان، أمس: «نشهد انتفاضة في طور التكوين هنا، ولسوء الحظ فإن الحكومة الإسرائيلية لا تقدّم الرد المناسب».
وأضاف داغان، خلال وقفة احتجاجية أمام مكتب نتنياهو في القدس: «إذا لم تقُم الحكومة الإسرائيلية بعملية عسكرية حقيقية وجادة ومستمرة في الضفة، فسيطلقون الصواريخ على الخضيرة ونتانيا، وستكون موجة من العمليات في تل أبيب وبتح تكفا ومستوطنات الضفة». وكانت «إذاعة الجيش» قد نشرت، صباحاً، تقديرات كبار المسؤولين الأمنيين، والتي تفيد بـ«(أنّنا) حتى اللحظة لم نصل بعد إلى ذروة موجة العمليات»، محذّرةً، نقلاً عن هؤلاء، من ازدياد «احتمالات تنفيذ عمليات مشابهة».
في المقابل، دعت فصائل المقاومة في غزة إلى تصعيد المواجهة مع الاحتلال، ورفع مستوى التنسيق مع المقاومين في الضفة. وخلال ورشة عمل للفصائل في مقرّ «الجهاد الإسلامي» في غزة، بعنوان «المسجد الأقصى لن يقسم»، بمناسبة مرور 54 عاماً على إحراق المسجد الأقصى، دعا عضو المكتب السياسي لـ«الجهاد»، خالد البطش، إلى «تعزيز كلّ أدوات الاشتباك مع الاحتلال، سواء الشعبية أو التظاهرات أو مسيرات العودة أو الكفاح المسلح»، فيما حضّ القيادي في حركة «حماس»، إسماعيل رضوان، على تعزيز الوحدة الميدانية في الضفة، وتصعيد الاشتباك هناك، وصولاً إلى عمليات نوعية فردية وجماعية تدكّ عمق الاحتلال.
وأكد عضو اللجنة المركزية لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، ماهر مزهر، بدوره، أن «تهديدات نتنياهو ووزير حربه بشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة لن تثني المقاومة الفلسطينية عن مشوارها النضالي والفدائي ضد الاحتلال»، مضيفاً إن «رسالة المقاومة واضحة بأن العدوان على الشعب الفلسطيني ستقابله عمليات فدائية توجع الصهاينة، وأنه لا أمن ولا أمان للمستوطنين إلا برحيلهم عن فلسطين».
وجاءت هذه التصريحات عقب اعتداء قوات الاحتلال على المتظاهرين، مساء الاثنين، في منطقة مخيم ملكة شرق مدينة غزة، ما أدى إلى إصابة 18 فلسطينياً، وذلك خلال فعالية أقيمت تنديداً بالانتهاكات المتصاعدة في المسجد الأقصى.