وحرصاً على استمرار العلاقات المتميزة بين البلدين الصديقين، ورغبة من الجانبين في المضي بها قدماً، زار خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رحمه الله- عام 2000 (عندما كان ولياً للعهد) جمهورية البرازيل الاتحادية، وفي عام 2009 كانت الزيارة الأولى الرسمية للرئيس البرازيلي للمملكة لولا دا سيلفا (خلال فترة رئاسته السابقة لبلاده).
تكثيف التعاون
في عام 2019، وتلبية لدعوة موجهة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، زار الرئيس جايير بولسينارو رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية , المملكة، وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية، كما تم تبادل وجهات النظر حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وحدد الجانبان عدة مجالات ذات أهمية مشتركة للتعاون والاستثمار كالقطاعات الزراعية والصناعية والطاقة والتعدين والبنية التحتية والنقل والعلوم والتكنولوجيا والابتكار.
كما اتفقا على تكثيف التعاون في مجالات الاستخدام السلمي للطاقة النووية والتعاون الثقافي واستخدام الفضاء الخارجي والرياضة، التي من شأنها أن تسهم بشكل كبير في دعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وتم خلال اللقاء تبادل عدد من الاتفاقيات منها : (اتفاقية تعاون في مجال الدفاع، واتفاقية بشأن تنظيم إجراءات منح مواطني البلدين تأشيرة زيارة، كما جرى تبادل مذكرة تفاهم في مجال التعاون الثقافي، وتم تبادل مذكرة تفاهم في مجال جودة وسلامة وفعالية المنتجات الصحية ومستحضرات التجميل).
علاقات اقتصادية
كما التقى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، الرئيس جايير بولسونارو رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية على هامش أعمال الدورة الثالثة لـ “مبادرة مستقبل الاستثمار 2019″، التي استضافها صندوق الاستثمارات العامة في الرياض، حيث شاركت البرازيل بوفد رفيع المستوى إدراكاً منها بأهمية تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المملكة.
وحرصاً من القيادة على تطوير وتعزيز العلاقات مع جمهورية البرازيل الاتحادية، التقى ولي العهد رئيس وفد المملكة المشارك في قمة قادة دول مجموعة العشرين في مدينة نيودلهي سبتمبر الماضي، الرئيس لولا دا سيلفا، رئيس جمهورية البرازيل الاتحادية، وتم استعراض علاقات التعاون بين المملكة والبرازيل.
تعاون مستقبلي
وتتبوأ العلاقات الاقتصادية بين المملكة والبرازيل مكانة عالية ومميزة، سعى من خلالها البلدان إلى جعلها أنموذجاً يحتذى به في العلاقات الاقتصادية على المستوى الدولي، إذ يشترك البلدان في عضوية مجموعة دول العشرين، ويعملان على تنسيق الجهود لتحقيق الأولويات المشتركة لدول المجموعة.
كما أن البرازيل عضو في مجموعة “بريكس”، التي تلقت المملكة دعوة للانضمام إليها , وأكدت حرصها على تطوير التعاون المستقبلي معها من خلال الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي تمتلكها دول المجموعة والمملكة وبما يحقق المصالح المشتركة.
وتولي البرازيل أهمية قصوى لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع المملكة، حيث شارك ممثلو أكثر من 40 شركة برازيلية في ملتقى الاستثمار السعودي – البرازيلي , الذي عُقد في المملكة ام (2022)، وفي إطار سعي البلدين لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما وتسهيل الوصول إلى الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات، فقد حرصا على تعزيز شراكتهما الاستثمارية في القطاع الزراعي والحيواني والصناعات الغذائية، وقد تجلى ذلك في استثمار شركة (سالك) السعودية في شركة “بي آر إف” البرازيلية.
تبادل تجاري
يعد التبادل التجاري بين البلدين من أهم ركائز العلاقة الثنائية، حيث يميل الميزان التجاري بين البلدين لمصلحة المملكة بمقدار 830 مليون دولار، إذ تصدر إلى البرازيل ما قيمته 4.456 مليارات دولار، منها 1.14 مليار من الصادرات غير النفطية، بينما تستورد من البرازيل بقيمة 3.62 مليارات دولار، وتشمل قائمة أهم السلع السعودية المصدرة إلى البرازيل المنتجات (المعدنية، والأسمدة، واللدائن ومصنوعاتها، والألمنيوم ومصنوعاته، والمنتجات الكيماوية العضوية)، فيما تعد (اللحوم، والحبوب، والسكر والمصنوعات السكرية، والبذور والثمار الزيتية (القش والعلف) وأغذية الحيوانات) أهم السلع التي تستوردها المملكة منها.
وحرصاً من القيادة على الوصول بالرياضة السعودية إلى المستويات العالمية، تعد البرازيل من أكثر الجنسيات حضوراً في جميع الأندية المحلية، حيث ترك اللاعبون البرازيليون بصمتهم الواضحة في الملاعب السعودية على مدار العقدين الأخيرين. وترسخت أسماء المدربين البرازيليين في أذهان الجماهير السعودية في منذ بداية الاحتراف في الملاعب السعودية.
ويتوافق موقفا المملكة والبرازيل من التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة من حيث المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار واستهداف المدنيين العزّل، وضرورة رفع الحصار عن القطاع والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وإيقاف سياسة التهجير القسري واحترام القانون الدولي الإنساني.
وتأتي الزيارة الحالية لرئيس جمهورية البرازيل الاتحادية لولا دا سيلفا للمملكة؛ امتداداً لحرص فخامته على تعزيز التواصل مع ولي العهد، كما تعكس تقديره لمكانة الأمير محمد بن سلمان، ودوره القيادي على المستويين الإقليمي والدولي في دعم الجهود الرامية لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وبحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وتطوير التعاون الاقتصادي والتنموي في ضوء الفرص التي تتيحها رؤية المملكة 2030.