والمراقب للشأن الخليجي يلحظ عزم القيادتين في البلدين على دفع العلاقات إلى آفاق أكبر مما كانت عليه قبل قمة العلا، وأن تكون نموذجاً يحتذى في التعاون والتكامل بين دولتين شقيقتين تجمعهما روابط التاريخ وتتجذر بينهما أواصر المحبة والإخاء، مع التأكيد على أهمية التنسيق الدائم والمستمر في معظم القضايا التي تهم دول مجلس التعاون أو المنطقة العربية مثل القضية الفلسطينية والوضع في سورية واليمن، وبعض الملفات الأخرى بما ينسجم مع القرارات الأممية.
وتأتي لقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واللقاءات الأخوية التي عقدت بين أمير قطر وولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتؤكد الرغبة الصادقة في طي صفحات الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات المتميزة. وتعكس حميمية هذه اللقاءات صدق النوايا في علاقات أخوية لا يكدر صفوها أي خلافات طارئة لا سمح الله.
ويلاحظ المتابعون، أن العلاقات السعودية القطرية في الفترة الأخيرة تزداد قوة يوماً بعد يوم وفق تطورات إيجابية تشير إلى فهم سليم لأهمية الترابط والتعاون والتنسيق المشترك بين دولتين تجمعهما الكثير من القواسم المشتركة.
وكان تأسيس مجلس التنسيق السعودي القطري المشترك عام 2008 خطوة نحو تفعيل التعاون القائم بين البلدين وتطويره ليحقق ما تصبو إليه القيادتان في البلدين الشقيقين والاتفاق على تنسيق كامل في مختلف المجالات بين البلدين، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات السياسية والأمنية والمالية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والإعلامية وغيرها من المجالات الأخرى التي تقتضيها مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.
وقد عقد المجلس عدداً من الدورات ناقشت سبل تطوير التعاون في 9 مجالات ما بين الجانب العسكري والأمني مروراً بالجوانب الاقتصادية والتجارية والزراعية وصولاً إلى الشق الثقافي والإعلامي، مع الأخذ في الاعتبار التنسيق المستمر لتنفيذ المشاريع المشتركة من أجل تحقيق رؤية المملكة 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030 على حد سواء.
وتنعكس العلاقات المتينة بين المملكة وقطر على مجمل العلاقات الشعبية والاقتصادية، إذ تعتبر قطر الوجهة السياحية المفضلة للعائلات من المملكة، وتصدرت المملكة قائمة الأسواق المصدرة للسياحة إلى قطر، إضافة إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين، ونشاط شركات الاستثمارات التي تعمل في التجارة والمقاولات، الهندسة والإنشاءات، الذهب والمجوهرات، النقليات والخدمات، الأدوات الطبية، الاستثمار والتطوير العقاري، الخرسانة الجاهزة والمواد الغذائية والمطاعم وغيرها. وأثبتت الأحداث حرص المملكة وقطر على الوحدة الخليجية ودعم التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، والعمل على تعزيز أوجه التقارب والتكامل من خلال توفير كل السبل والإمكانات التي من شأنها توطيد العلاقات الأخوية الخليجية والعربية، وتهيئة كل الظروف لتقوية الكيان الخليجي لما فيه منفعة للجميع وضمان استقرار المنطقة ورخائها، وبما يرسم صورة للتكامل في العلاقات الاستثنائية المعتمدة على الجوار والانتماء والدين واللغة، ما يسهل تحقيق الطموحات ويجعلها قابلة للتطبيق، في ظل الإرادة السياسية، التي نجحت في إزالة كل العراقيل لتحقيق تلك الطموحات، بل وقادرة على صناعة خطوط عريضة مشتركة تخدم البلدين والشعبين، وتسعى لمستقبل يحلم به الجميع، ومثل تبادل السفراء بين البلدين استعادة كامل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ولا تزال الزيارات الرسمية لكبار المسؤولين في البلدين مستمرة للتباحث لتنمية التعاون في المجالات الأمنية والشرطية ومكافحة الإرهاب، وهو ما يعبر عن الرغبة المشتركة بين المملكة وقطر في تطوير وتعزيز العلاقات على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، ما يعطيها مزيداً من الزخم والفاعلية، وبلورة رؤية تجاه جميع القضايا الإقليمية والدولية، خصوصاً تجاه ملفات المنطقة بما يعزز وحدة الموقف التي تعبر عن طموح وتطلعات الشعبين الشقيقين.
شراكة إلى آفاق أرحب
أعلن البلدان إنشاء مجلس تنسيق سعودي قطري، يرأسه من الجانب السعودي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومن الجانب القطري أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويشارك في عضوية المجلس عدد من كبار المسؤولين في البلدين، ويعد إطاراً شاملاً لتعزيز العلاقات الثنائية، وللدفع بالشراكة بينهما إلى آفاق أرحب، وفق رؤية المملكة 2030 ورؤية دولة قطر 2030، وبما يلبي تطلعات القيادتين في البلدين ويحقق مصالح شعبيهما الشقيقين.
وينظر إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وقطر، التي تعززها وشائج القربى بين الشعبين والجوار واللغة والدين ستسهم في حلحلة كثير من قضايا المنطقة، وفق رؤية موحدة تصب في مصلحة أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يتجه إلى المزيد من التكامل في مختلف المجالات في مواجهة التهديدات الإيرانية، التي يقودها نظام لا يتمنى الخير لدول وشعوب الخليج والعالم العربي عموماً.